من الصحافة الإيرانية: هل ينوي نتنياهو مهاجمة إيران مرة أخرى؟
أفادت بعض المصادر الإخبارية بأن نتنياهو يسعى، خلال زيارته لواشنطن، للحصول مجدداً على تفويض لشن هجوم على إيران.

ميدل ايست نيوز: لا يمكن اعتبار زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، إلى واشنطن – والتي من المقرر أن تستغرق ما لا يقل عن خمسة أيام – زيارة بسيطة تندرج ضمن إطار العلاقات الثنائية بين تل أبيب وواشنطن. لا سيما وأن ملف إيران والحرب التي استمرت 12 يوماً يُعد، إن لم يكن المحور الرئيس، واحداً من أبرز محاور هذه الزيارة.
ومن المهم التنويه إلى أن بعض الأخبار المتعلقة بزيارة نتنياهو تُنشر بشكل رسمي وتدخل ضمن التغطية الإخبارية، فيما تظل كثير من جوانب الزيارة غير رسمية وسرية، وغالباً ما تكشف مجريات الأحداث القادمة عن مضمونها.
فيما يخص إيران، يبدو أن نتنياهو يعتزم مواصلة تنفيذ مخططه ضد الجمهورية الإسلامية. فقد أفادت بعض المصادر الإخبارية بأن نتنياهو يسعى، خلال هذه الزيارة، للحصول مجدداً على تفويض لشن هجوم على إيران. وفي هذا السياق، نقل موقع “أكسيوس” عن مصادر إسرائيلية أن نتنياهو يبحث في الشروط التي يمكن أن تُستخدم لتبرير شن هجمات عسكرية جديدة على المنشآت النووية الإيرانية. ويُقال إنه يسعى إلى الحصول على هذا التفويض تحت ذريعة أن إيران تحاول نقل اليورانيوم عالي التخصيب من المنشآت المتضررة في فوردو أو نطنز أو أصفهان، أو بحجة إعادة بناء برنامجها النووي أو منشآت نووية أخرى.
وعند وصوله إلى واشنطن، التقط نتنياهو صورة إلى جانب ترامب أمام لوحة تُظهر الرئيس الأميركي بعد نجاته من محاولة اغتيال فاشلة خلال حملته الانتخابية في محيط البيت الأبيض. ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي باستمرار إلى تكرار مزاعمه أمام الرئيس الأميركي بأن إيران هي من تقف وراء محاولة اغتياله، وأن من حقه الانتقام منها. ويرى أن هذا “الانتقام” لا يتحقق إلا من خلال الحرب وشن هجوم عسكري ضد إيران، ويواصل تحريضه من أجل ذلك، مستغلاً حادثة لم تثبت بعد، فقط لتحقيق مكاسب شخصية.
اختلاف یا خدعة
وقال ترامب -ردا على أسئلة الصحفيين خلال مأدبة عشاء أقامها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو– إنه يأمل أن تكون الحرب مع إيران قد انتهت، مشيرا إلى أن القيادة الإيرانية ترغب في عقد لقاء لصنع السلام.
وأضاف أنه لا يمكن أن يتخيل أنه يرغب في توجيه ضربة أخرى إلى إيران لأنه تريد التوصل إلى حل، وأكد أنه سيتم عقد اجتماع مع إيران.
وأعرب الرئيس الأميركي عن أمله رفع العقوبات الأميركية الصارمة عن إيران في الوقت المناسب، وفق تعبيره.
تُعيدنا هذه التصريحات إلى أقوال ترامب قبيل الهجوم على إيران؛ فحتى قبل أن تبدأ إسرائيل هجومها على إيران، كان ترامب يردد تصريحات مشابهة، بل وادّعى أنه سيتوصل إلى اتفاق مع طهران في الأسبوع التالي – الذي كان موعد الجولة السادسة من المفاوضات – لكن فجأة اندلعت الحرب، وكما قال دبلوماسيونا، ألقوا القنابل على طاولة المفاوضات.
لذلك، لا يمكن اعتبار الخلاف الظاهري بين ترامب ونتنياهو بشأن إيران أمراً جديّاً. بل على العكس، فقد كانت وكالة “رويترز” نفسها قد أفادت، قبيل اندلاع الحرب التي استمرت 12 يوماً، بوجود خلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة حول الملف الإيراني، حيث كانت واشنطن تسعى إلى التوصل لاتفاق مع طهران، في حين كان نتنياهو يدفع باتجاه الحرب. إلا أن ما تبيّن لاحقاً هو أن الطرفين كانا قد تقاسما الأدوار، ولم يكن هناك أي خلاف فعلي، بل تصرفا بتنسيق كامل.
تصريحات مثيرة لمحسن رضايي
كشف القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني محسن رضايي رواية جديدة عن الحرب الـ12 يوماً التي دارت رحاها في الجو مع إسرائيل وبدأت في 13 يونيو(حزيران) وتوقفت في 24 يونيو، وقال في حديث للتلفزيون الرسمي مساء الثلاثاء إن «الحملة الدعائية التي أعقبت حرب الأيام الـ12 جاءت نتيجة ضغوط متزايدة من الرأي العام، سواء داخل إسرائيل، أو في الولايات المتحدة، أو على المستوى الدولي». وأضاف أن «هذه الضغوط بلغت ذروتها عندما هاجم ترمب، بعض وسائل الإعلام الدولية (…)، متهماً إياها بالكذب ومؤكداً أن واشنطن خرجت منتصرة».
وتطرق محسن رضايي إلى «الأهداف الفعلية» التي كانت تقف خلف الهجوم المشترك الأخير من قِبل إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران، قائلاً إن «العدو كان قد أعد خطة من سبع مراحل تهدف إلى ضرب كيان الدولة الإيرانية».
وأوضح محسن رضايي أن «إسرائيل، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وضعت خطة شديدة الخطورة، استغرق إعدادها أكثر من عام، وتم التدريب عليها في أماكن مثل اليونان والبحر المتوسط. وكانت الخطة تهدف في نهايتها إلى فرض سيطرة كاملة على منطقة غرب آسيا وصولاً إلى حدود الصين».
وفي شرح تفاصيل المراحل السبع قال إن المرحلة الأولى «كانت تستهدف القيادة العليا للنظام، بما في ذلك المرشد الأعلى، المجلس الأعلى للأمن القومي، وكبار قادة (الحرس الثوري)». مضيفاً أن المرحلة الثانية «تمثلت في إثارة الفوضى وبث الانطباع بعدم قدرة النظام على الصمود».
وفي المرحلة الثالثة، «كان من المقرر دخول عناصر معارضة من المناطق الحدودية، ككردستان، بالإضافة إلى محاولات تسلل من مجاميع منافسة إلى داخل طهران».
أما بخصوص المرحلة الرابعة فقد قال إنها «تمثلت في السعي لتقسيم البلاد إلى مناطق متعددة». وبخصوص المرحلة الخامسة، قال إنها «تضمنت قصف البنية التحتية العسكرية والاقتصادية، بأسلوب مشابه لما جرى في سوريا». وبشأن المرحلة السادسة فقد ذكر أنها «كانت تهدف إلى نزع سلاح المناطق المنفصلة وتحويلها إلى مناطق أمنية تخضع لرقابة مشددة بأسلحة خفيفة».
وقال إن المرحلة السابعة «كانت ترمي إلى السيطرة على المجال الجوي الإقليمي وتأمين ممر يمتد من البحر المتوسط حتى الصين».
تحليل من زيارة نتنياهو
وبهذا يمكن تصور أن ما يسعى إليه نتنياهو في الولايات المتحدة هو استئناف المعركة لتعويض الهزيمة أو استكمال المخطط الإسرائيلي غير المكتمل ضد إيران؛ أي تلك المراحل السبع التي شرحها اللواء محسن رضايي. في المقابل، يشعر ترامب أن التورط الزائد في هذا الملف قد يؤدي إلى انزلاق الولايات المتحدة نحو حرب شاملة في إيران، وهو ما لا يخدم المصالح الأميركية، خصوصاً وأن واشنطن لا تزال تسعى لإغلاق ملف الشرق الأوسط في أسرع وقت ممكن والتفرغ لملفات أخرى. ولعلّ هذا ما يفسر اقتراحه بتزويد إسرائيل بمقاتلات “بي-2” والقنابل الخارقة للتحصينات، كي تنفذ العمليات بمفردها من دون الرجوع المستمر إلى الولايات المتحدة.
ومن جانب آخر، ومع الضغوط التي تمارسها إسرائيل حالياً على أوروبا من أجل تفعيل آلية الزناد خلال الأسابيع المقبلة، تشعر تل أبيب أن أوروبا تواكبها في هذا المسار. ولا يمكن اعتبار التحذيرات الصادرة عن وزير الخارجية البريطاني في هذا الصدد محض صدفة.
وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الثلاثاء، أن الترويكا الأوروبية قد تعيد فرض العقوبات الأممية على إيران بموجب آلية «سناب باك»، محذراً من أن الخطوة قد تزيد معاناة طهران ما لم تتخذ موقفاً جدياً بشأن التراجع عن البرنامج النووي.
وقال أمام لجنة برلمانية إن «إيران ستواجه مزيداً من الضغط في الأسابيع المقبلة؛ لأن دول الترويكا الأوروبية يمكنها أن تفعل آلية إعادة العقوبات، وليس فقط العقوبات الأوروبية، بل هي آلية تابعة للأمم المتحدة ستفرض عقوبات شاملة على إيران تطال تقريباً كل جوانب اقتصادها».
وتابع: «إذاً، أمامهم خيار. إنه قرار يجب أن يتخذوه». وأضاف: «أنا واضح جداً بشأن الخيار الذي يجب أن يتخذوه، لكنني أيضاً واضح، إن المملكة المتحدة لديها قرار يمكن أن يؤدي إلى معاناة أكبر بكثير للنظام الإيراني، ما لم يتعاملوا بجدية مع الإرادة الدولية التي تطالبهم بالتراجع عن طموحاتهم النووية في هذا الوقت».
تظهر تصريحات لامي أن أوروبا تُهيّئ نفسها للخطوات التالية ضمن مخططات إسرائيل ضد إيران، وذلك على غرار السيناريو الذي جرى في الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبيل اندلاع الحرب التي استمرت 12 يوماً. ومن المرجّح أن الأوروبيين يفكرون حالياً في تفعيل آلية الزناد، لإتاحة الذرائع اللازمة مجدداً لإسرائيل.
وبعبارة أخرى، يمكن القول إن الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، قد توصلت إلى نوع من التفاهم بشأن إيران، مع وجود تباينات محدودة تتعلق بأسلوب التعامل، لا بالجوهر. أوروبا تبدو راضية عن قيام إسرائيل بتنفيذ “العمل القذر” بالنيابة عنها – كما عبّر المستشار الألماني – فيما تقتصر هواجس الولايات المتحدة على تكاليف الحرب. أما إسرائيل، فتسعى إلى المضي قُدماً حتى آخر مراحل نزاعها مع إيران، وتعتقد أن الأطراف الغربية، بما فيها أميركا، حتى وإن لم تكن راغبة، ستُجبر في نهاية المطاف على دفع فاتورة طموحاتها وعدائياتها، حتى وإن كانت هذه الطموحات مدفوعة فقط بالرغبة الشخصية لبنيامين نتنياهو في البقاء في السلطة.
علي موسوي خلخالي
صحفي إيراني