تحذيرات أميركية لبغداد من قانون “الحشد الشعبي”
جددت الولايات المتحدة الأميركية تحذيراتها الرسمية إلى الحكومة العراقية من تداعيات مشروع قانون "الحشد الشعبي"، المطروح حالياً في البرلمان العراقي، مؤكدة أن القانون "يؤسس لنفوذ إيراني".

ميدل ايست نيوز: جددت الولايات المتحدة الأميركية تحذيراتها الرسمية إلى الحكومة العراقية من تداعيات مشروع قانون “الحشد الشعبي”، المطروح حالياً في البرلمان العراقي، مؤكدة أن القانون يؤسس لنفوذ إيراني.
جاء التحذير الأميركي خلال لقاء جمع القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد ستيفن فاجن، بالنائب الأول لرئيس البرلمان العراقي محسن المندلاوي، ووفقا لبيان للسفارة الأميركية، فإن “القائم بالأعمال ناقش هذا الملف خلال لقائه المندلاوي، حيث عبّر عن القلق المستمر للولايات المتحدة بشأن القانون”.
وأضاف أن “فاجن جدد التذكير بحديث وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن أن تشريع قانون الحشد الشعبي سيؤسس لنفوذ إيراني ويقوي الجماعات الإرهابية المسلحة، ما يهدد سيادة العراق”.
وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد أكد خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قبل نحو أسبوعين، المخاوف الأميركية الجدية بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي، مشدداً على أن أي تشريع من هذا القبيل من شأنه إضفاء الطابع المؤسسي على النفوذ الإيراني والجماعات الإرهابية المسلحة التي تعمل على تقويض الحكم الذاتي للعراق.
وإثر ذلك لم يطرح القانون مجددا في جدول أعمال جلسات البرلمان، على الرغم من أنه بات جاهزا للتصويت، بعدما أنهى البرلمان في الـ16 من يوليو/تموز الماضي القراءة الثانية للقانون الذي يتألف من 18 مادة رئيسة، مطروح بوصفه منظماً للهيكل العام الذي يُنظم عمل “الحشد الشعبي”، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلاً مسلحاً في العراق، رغم انسحاب عدد من القوى العربية السنّية والكردية من الجلسة احتجاجاً على ما قالت إنه طريقة إدراج القانون في جدول أعمال الجلسة. فقد تم الإعلان عن جدول مغاير، وبعد اكتمال النصاب القانوني تم إدراج فقرة قراءة القانون بشكل اعتبرته كتل “السيادة” و”تقدم” و”التحالف الكردستاني” بمثابة خديعة لها.
وأثناء انعقاد جلسة البرلمان، أمس الأحد، والتي خلا جدولها من القانون، دعا رئيس هيئة “الحشد الشعبي” فالح الفياض إلى ضرورة تمرير القانون، وقال في بيان إن “التصويت على قانون الحشد ليس مجرد إجراء تشريعي، بل تعبير عن عرفان الشعب لمقاتليه”، مؤكدا “أننا نقف أمام مسؤولية وطنية، ومسألة تتعلّق بكرامة من حملوا السلاح دفاعا عن العراق وسيادته”، وشدد على أن “التصويت على قانون الحشد الشعبي هو تثبيت لحقوق من لبّوا نداء المرجعية، وسطروا بدمائهم مجد هذا الوطن”.
عقبات تعترض تمرير قانون “الحشد الشعبي”
أكد النائب عن “الإطار التنسيقي” ثائر مخيف أن “الضغوط الخارجية” تسببت بعدم إدراج القانون على جدول أعمال جلسات البرلمان، وقال في تصريحات لإذاعة عراقية محلية “أشرنا في مناسبات كثيرة إلى ضرورة إقرار قانون الحشد الشعبي، وذلك لوجود متغيرات كثيرة في الشرق الأوسط تحتم علينا وضع ذلك القانون نصب أعيينا وإقراره”.
وأضاف أن “الخروقات لا تمثل الحشد الشعبي، بل هي تصرفات فردية (..) مؤسسة بهذا الحجم وبهذا التحدي وشكلت بظروف سريعة تحدث فيها خروقات بسيطة”، مشددا على أنه “نحن في تحدٍ كبير وظروف إقليمية متغيرة سريعة، فيجب أن يكون هناك إجماع على إقرار القانون”.
وطلبت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، رسميا، من رئاسة البرلمان إدراج القانون ضمن جدول أعمال جلسة أول أمس السبت التي أعلن لاحقا تأجيلها، إلا أن رئاسة البرلمان التزمت جانب الصمت حيال الطلب.
توقعات بترحيل القانون إلى الدورة البرلمانية المقبلة
من جهته، رجح عضو في اللجنة القانونية للبرلمان العراقي، فضل عدم ذكر اسمه، خلال حديث مع موقع “العربي الجديد“، ترحيل القانون إلى الدورة المقبلة، بسبب ما يواجهه من رفض داخلي وخارجي، مشيرًا إلى أن “رئاسة البرلمان تسعى للحفاظ على جلسات البرلمان بعيدا عن القوانين المثيرة للجدل التي غالبا ما تتسبب بتعطيل الجلسات”.
وقال “لا توجد إمكانية لتمرير القانون، إذ إنه يواجه برفض من قبل القوى السنية والكردية، فضلا عن الضغوط الأميركية”، مبينا أن “رئاسة البرلمان تعرضت لضغوط كبيرة من قبل قيادات في الإطار التنسيقي وفي الحشد لإدراج القانون والتصويت عليه، إلا أنها لم تدرجه”.
وتأتي هذه التطورات والضغوط الأميركية في سياق توتر إقليمي متصاعد، حيث تسعى واشنطن إلى احتواء نفوذ إيران في العراق، وهو ما يتطلب تحجيم الفصائل المسلحة المرتبطة بها، إذ سبق أن نفذت تلك الفصائل هجمات استهدفت المصالح الأميركية في البلاد.
ويتلخص مشروع قانون “الحشد الشعبي” في منحه استقلالاً كاملاً، بمعنى أن يكون مؤسسة أمنية بمعزل عن وزارتي الدفاع أو الداخلية، ولا يرتبط بهما، وله رئاسة أركان وقيادة عمليات خاصة ترتبط مباشرة برئيس الوزراء الذي يحمل دستورياً صفة “القائد العام للقوات المسلحة”. ويُلغي مشروع القانون الجديد القانون السابق الذي صوّت عليه البرلمان عام 2016 خلال فترة الحرب على تنظيم داعش.