لحظة الشارع الإيراني المفصلية

يعيش المجتمع الإيراني اليوم لحظة دقيقة وحساسة على خط التاريخ، حيث تتقاطع أزمات الداخل مع ضغوط الخارج وتتصاعد مؤشرات توتر أمني إقليمي جديد.

ميدل ايست نيوز: يعيش المجتمع الإيراني اليوم لحظة دقيقة وحساسة على خط التاريخ، حيث تتقاطع أزمات الداخل مع ضغوط الخارج وتتصاعد مؤشرات توتر أمني إقليمي جديد في مشهد مركّب خلق مناخاً سياسياً وإعلامياً ملبداً بالقلق، واحتمالات الانزلاق نحو مواجهة عسكرية أخرى، ربما أكثر شدة وأهمية مما حصل في حرب يونيو/حزيران الماضي. في هذا المناخ المشحون، يحتدم السجال بين التيارين الإصلاحي والمحافظ، وسط اتهامات بشأن المسؤولية عن الوضع الراهن ومصير الاتفاق النووي، ما يكشف عن غياب رؤية مشتركة بينهما لإدارة المرحلة واحتواء تداعياتها، غير أن المواطن الإيراني بات في كثير من الأحيان غير مكترث لجدل سياسي يراه مستهلكاً، مكتفياً بمواجهة متطلبات حياته اليومية.

في هذا الفضاء، ورغم أن العقوبات الأممية التي أعيد فرضها أخيراً، بطبيعتها ليست اقتصادية، بل نووية وتسليحية، فإن عودتها في مناخ مشحون أمنياً، ومقرون بتصاعد التوقعات بعودة الحرب، رفعت مستويات عدم اليقين بشأن المستقبل، وزادت مخاوف الشارع من تدهور الوضع الاقتصادي أكثر فأكثر بعدما هبط الريال الإيراني إلى مستوى قياسي آخر ووصل إلى نحو مليون ومئتي ألف ريال مقابل الدولار خلال الأيام الأخيرة، ما ينذر بملامح موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع الأساسية المرتفعة أصلاً بشكل مستمر، ما سيزيد من الأعباء المعيشية للفئات الفقيرة والمتوسطة.

يزيد هذا المشهد تعقيداً غياب أي أفق لاتفاق جديد قد يفضي إلى رفع العقوبات، فيما تستمر المخاوف من مواجهة عسكرية محتملة مع تعرض إيران لحرب نفسية وإعلامية؛ إذ تعمل قوى خارجية على تضخيم المخاوف واستثمار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لتفجير الوضع الداخلي وانهيار الجبهة الداخلية. وتندرج في هذا الإطار الرسائل المصورة التي دأب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على توجيهها للشعب الإيراني على مدى العامين الأخيرين، في محاولة للتأثير على المزاج العام تأجيجاً للاحتقان الداخلي وتفجيراً له.

من زاوية استراتيجية، قد لا تكون الحرب وشيكة، حيث تترقب الولايات المتحدة وإسرائيل بعناية ما ستسفر عنه في الداخل الإيراني، الضغوط الاقتصادية والسياسية والأمنية والنفسية المزدوجة، ومدى قدرة الدولة والمجتمع على المدى القصير على مواصلة الصمود أمام هذه التحديات المعقدة. وفي المقابل، تجد الحكومة الإيرانية برئاسة الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي وصل للسلطة بوعد رفع العقوبات الأميركية، نفسها أمام زيادة مطّردة في العقوبات بتفعيل العقوبات الدولية، ما يجعل مهمة إدارة البلاد بهدوء، شديدة الصعوبة في ظل شح الموارد وتفاقم الضغوط والمخاطر الخارجية.

هكذا، يقف الشارع الإيراني اليوم أمام لحظة مفصلية والجمهورية الإسلامية أمام معادلة معقدة تتقاطع فيها أزمات مركبة ومتداخلة، لتجعل اللحظة الراهنة واحدة من أكثر الفترات حساسية وخطورة منذ عام 1979، بما تحمله من اختبار غير مسبوق لقدرة الدولة على الصمود أمام الضغوط المتعددة والمركبة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى