أربعة خيارات أمام الانسحاب الأمريكي/ التحالف الدولي يجدد التزامه بمواصلة الحرب ضد تنظيم «الدولة»
وترى الدراسة أن وقف المساعدة القتالية المباشرة لقوات الأمن العراقية سوف يحدث فجوة يمكن أن يملأها الحرس الثوري الإيراني أو قوات «الحشد الشعبي».
ميدل ايست نيوز: في مطلع العام الحالي، كان للولايات المتحدة عدة آلاف من العسكريين في العراق يقدمون المساعدة العسكرية المباشرة لقواته الأمنية، لكن قرار البرلمان العراقي الداعي لإنهاء وجود القوات الأجنبية، وتصاعد حدة التوتر الأمريكي مع إيران بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، أشعلا مجددا الجدل بشأن الغرض من المهمة العسكرية الأمريكية في العراق.
في هذا الإطار نشرت مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية «مؤسسة راند» هذا الشهر دراسة مطولة تتضمن تقييما لسحب الولايات المتحدة قواتها من العراق، والمخاطر الاستراتيجية التي ينطوي عليها اتخاذ مثل هذا القرار.
وخلصت الدراسة التي وضعها عدد من الباحثين المتخصصين، إلى أن القيام بدعم دولة عراقية مستقرة وصديقة يصب في مصلحة الولايات المتحدة المستمرة وطويلة الأمد، وأن هذا لا يتطلب مواصلة مهمة المساعدة القتالية في العراق على المدى الطويل، ولكن يتطلب الاحتفاظ بقوة صغيرة من المستشارين العسكريين للمساعدة في تدريب وتطوير الإمكانيات العسكرية العراقية حتى يستطيع العراق الدفاع عن نفسه.
وتناولت بالتفصيل أربعة خيارات تتعلق بالانسحاب العسكري من العراق، تتراوح بين عدم الانسحاب، والانسحاب الجزئي (المحدود)، والانسحاب الكامل، وإنهاء الارتباط تماما.
وخلصت إلى أن كل مستويات الانسحاب تلحق الضرر بالجهود التي تهدف إلى مواجهة إيران في العراق وغيرها، وأن في ضوء النوايا الإيرانية الصريحة والأعمال المستمرة ضد أمريكا، سيوفر أي انسحاب جزئي بعض المكاسب لطهران، في حين أن عدم الانسحاب سيوضح لطهران أن الولايات المتحدة والقوات المتحالفة التي تقودها سوف تظلان شريكين دائمين وموثوقا بهما للحكومة العراقية، وأن الضغط الإيراني لن يحقق النتيجة المرجوة، وهي الانسحاب الأمريكي.
وترى الدراسة أن وقف المساعدة القتالية المباشرة لقوات الأمن العراقية سوف يحدث فجوة يمكن أن يملأها الحرس الثوري الإيراني أو قوات «الحشد الشعبي»، وبذلك يتم تعزيز قبضة إيران على جهاز الأمن العراقي وتقويض سيادة العراق.
أما الانسحاب الكامل، سوف يزيد من إتاحة الفرص أمام المستشارين والموالين لإيران للتسلل داخل قواعد تدريب قوات الأمن العراقية. ومن ناحية أخرى، فإن إنهاء الارتباط تماما من جانب الولايات المتحدة سوف يسفر عن سعي العراق للتوصل إلى ترتيبات دعم مالي ومادي قوية، وحتما ستشمل إيران.
لذلك أوصى واضعو الدراسة، أن يكون هناك اختيار دقيق بين عدم الانسحاب والانسحاب المحدود. وسوف يساعد أي من الخيارين في تحقيق السياسة المطلوبة، وهي الالتزام بوجود استشاري دائم على نطاق ضيق. فعدم الانسحاب يبعث برسالة قوية لإيران ولقادة الميليشيات التي تدعمها طهران ولكل العراقيين وللعالم أجمع، أن الولايات المتحدة لن تخشى أي تهديد قد يدفعها إلى التخلي عن التزام عسكري واضح للغاية تجاه دولة حليفة.
وبينوا أن الحفاظ على مستويات القوات الحالية سيحول أيضا دون تخفيض في القدرة القتالية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وسوف يعظم من النفوذ الأمريكي بالنسبة لقوات الأمن العراقية. ومع ذلك، فإن هذا الوضع يحمل في طياته خطر تعزيز ما يردده القادة الإيرانيون وبعض العراقيين من أن الوجود العسكري الأمريكي إهانة للسيادة العراقية. ومن الممكن أن يحوّل هذا بعض تركيز الاحتجاجات ضد الحكومة وضد إيران صوب العسكريين الأمريكيين.
ووفق الدراسة، يمثل الانسحاب المحدود وضعا عكسيا في إطار سياسة الالتزام الدائم العامة. إذ يظل يتضمن الاحتفاظ بوجود استشاري على نطاق محدود، لكنه يبدأ بخفض واضح وقريب الأجل في المستويات الحالية للقوات. وإذا ما تم هذا الانسحاب بحرص، وفي ظل تواصل دبلوماسي، فإنه قد يحد من التوترات الحالية مع الحكومة العراقية، وقد يفسد جهود إيران لتحويل تركيز المحتجين نحو الولايات المتحدة. ومن الممكن أن تسد القوات المشاركة في التحالف الفجوات التي ستنجم عن رحيل القوات الأمريكية.
على الصعيد ذاته، أكد التحالف الدولي «عملية العزم الصلب»، التزامه بشراكته مع العراق وسوريا والتركيز على هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وقال القائد العام في الجيش الأمريكي الفريق روبرت ب. وايت في بيان: «إلى أعضاء فرقة المهام المشتركة ـ عملية العزم الصلب ـ في الولايات المتحدة الأمريكية، نكرم تضحية الآلاف من أعضاء الخدمة الذين سقطوا في حروب الماضي والحاضر».
وأضاف: «منذ تشكيل التحالف في 2014، فقد التحالف العديد من الأعضاء الشجعان من الذين قدموا أعلى درجات التضحية لدعم شركائنا في العراق وسوريا».
وتابع: «أنا أحثكم في مثل هذا اليوم، أن تتوقفوا للحظة وتستذكروا أبطالنا الذين سقطوا ـ من الرجال والنساء ـ الذين ضحوا بحياتهم وهم يرتدون الزي العسكري لبلادهم. سيستذكر التحالف وعلى الدوام إنكارهم لذاتهم وشجاعتهم، وستبقى تضحياتهم محفورة في الذاكرة ولن تمحي أبدا».
ومضى قائلاً: «سيبقى التحالف العسكري الدوليـ من خلال قواته المؤلفة مما يقرب من 30 دولة ـ وسيستمد قوته من ذاكرة رفاقنا الذين سقطوا».
وأتم: «سنبقى ملتزمين بشركائنا العراقيين والسوريين ونحتفي بشهدائهم، في الوقت الذي تركز فيه على الهزيمة الحتمية لداعش، في مهمة واحدة ودول متعددة».