مضامين مراسلات بن سلمان والجبري… و”إنتربول” رفضت طلب السعودية تسليمه

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مضامين رسائل متبادلة بين سعد الجبري، ومحمد بن سلمان و أفادت عن رفض إنتربول طلب السعودية وضع اسم الجبري على لوائح المطلوبين.

ميدل ايست نيوز: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، في تقرير لها اليوم الجمعة، مضامين رسائل متبادلة بين ضابط الاستخبارات السعودي السابق، سعد الجبري، والأمير محمد بن سلمان، الذي يطارده منذ وصوله إلى ولاية العهد، كاشفة أيضًا عن أن منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) رفضت في نهاية المطاف طلب السعودية وضع اسم الجبري على لوائح المطلوبين.

وحصلت الصحيفة على عدّة وثائق جديدة في هذا السياق، تتضمن رسائل من بن سلمان نفسه إلى الجبري، ومن السلطات السعودية إلى “الإنتربول”، ورسائل أخرى من نواب في الكونغرس تخصّ قضية الجبري، الذي كان الرجل الثاني في وزارة الداخلية السعودية تحت إدارة ولي العهد السابق محمد بن نايف، وبات اليوم على رأس قائمة “المطلوبين” لبن سلمان، إذ لم يدّخر هذا الأخير وسيلة لإعادته إلى السعودية، بدءًا بالحديث معه مباشرة وإغرائه بـ”وظيفة كبيرة” في السعودية، ثم اعتقال ابنيه الأصغرين اللذين بقيا في السعودية، واستخدامهما كرهينتين للضغط عليه، ثم إرسال أحد أصدقائه القدامى لاستدراجه إلى تركيا “حتى يكون قريبًا من عائلته”، ثم توجيه اتهامات له بالفساد.


ويبدو أن الرجلين نقلا المعركة إلى وسائل الإعلام، إذ تأتي هذه التسريبات الجديدة، التي حصلت عليها الصحيفة بالأساس من شركة المحاماة التي تمثّل الجبري في كندا، كحلقة جديدة في سلسلة التسريبات التي كان آخرها ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير موسّع الأسبوع الفائت، كاشفة عن وثائق ومستندات خاصة من ملف التحقيقات في قضايا الفساد التي تطاول الجبري، والتي يبدو أن السلطات السعوديّة أفرجت عنها.

رسائل قديمة

وتسرد الصحيفة، في استعراض زمني لخصومة بن سلمان والجبري، أن الأخير بدأ في عام 2017 يتخوّف من نوايا الأوّل حيال استبدال بن نايف في منصب ولاية العهد ثم استهداف حلفائه، ليقرر على أثر ذلك مغادرة البلاد إلى تركيا.

ويستطرد التقرير بأنه في الـ18 من يوليو/تموز من ذلك العام تلقّى الجبري أوّل رسالة من بن سلمان، وكان يطلب فيها عودته للمساعدة في قضيّة تخصّ بن نايف، مخاطبًا إياه بالقول: “أريد أن أشرح لك ما الذي حدث مؤخرًا والاتفاق معك حول استراتيجية لمعالجة كل تلك الإشكاليات”، ليردّ الجبري بالقول: “جاهز لقبول كل ما تأمرونني به”.

عاد بن سلمان وكتب أنه يريد أن يجتمع معه ومع بن نايف “حتى يكون بوسعنا التصالح وإعادة الأمور إلى سابق عهدها”.

لكن الجبري ردّ برسالة اعتذار في 20 يونيو/حزيران، قائلًا إنه لا يستطيع العودة إلى السعودية على الفور بسبب العلاج. ليجيب بن سلمان بأنه استدعاه بسبب “الحاجة الماسة إلى مساعدته”.

بعد ذلك بيوم واحد، أطاح بن سلمان بابن نايف من ولاية العهد ليحلّ محله، ثم وضع الأخير قيد الإقامة الجبرية، وأصدر أوامر منع سفر بحق ابني الجبري، سارة التي كانت في السابعة عشرة من عمرها، وشقيقها عمر الذي يكبرها بعام واحد.

لاحقًا، كتب الجبري يتعهّد بالولاء لولي العهد الجديد، ليشجّعه الأخير على العودة من أجل الحصول على وظيفة مهمة: “حينما تعود بالسلامة، سأشرح لك خلفية المشكلة… ما زلت أحتاجك من أجل التعامل مع أي شخص يحاول خلق الفوضى والمشاكل”.

عقب ذلك، طلب الجبري من بن سلمان رفع حظر السفر عن ابنيه ليستكملا دراستهما في الخارج، إلا أن الأخير لم يرد. بعد ذلك بثلاثة أشهر، عاد الجبري وكرر الطلب ذاته، ليجيب بن سلمان بالقول: “عندما أراك سأشرح لك خلفية الأمور”. كرر الجبري طلبه، ليرد بن سلمان بالقول: “عندما أراك سأشرح لك كل شيء”.

بعد ذلك بأيام، طلب بن سلمان من الجبري العودة في اليوم التالي، وربط عودته برفع حظر السفر عن ابنيه. وكتب يقول: “أريد حل هذه المشكلة المتعلقة بابنك وابنتك، لكن هذا الملف حساس هنا”، في إشارة إلى بن نايف، مستطردًا: “أريد رأيك فيه، ومعلومات منك تخصه. أريد أيضًا أن أصل إلى تفاهم معك في ما يخص وضعك المستقبلي وماذا ستكون التفاصيل”.

لاحقًا بعد ذلك، راسل بن سلمان الجبري مجددا، مهددا هذه المرة بأنه سيتم اعتقاله في الخارج، إذ خاطبه بالقول: “أنت متورط في العديد من قضايا الفساد الكبيرة التي تمّ إثباتها… لا دولة في هذا العالم سترفض تسليمك”. على أثر ذلك، انتقل الجبري من تركيا إلى كندا.

الإنتربول

وفي محاولة أخرى من بن سلمان لإعادته قسرًا، أرسلت السلطات السعودية ملفًّا إلى “الإنتربول” تطالب فيه الدول الأعضاء في المنظمة الشرطية الدولية بالتعاون في تسلميه. لكن بدلًا من أن يتضمّن الملفّ طلبًا بوضع “شارة حمراء” على اسمه، وهي بمثابة مذكرة اعتقال دولية، طلبت السلطات “تعميم” اسمه، وهي طريقة توصف بأنها أقل رسمية لطلب اعتقال مجرمين دوليين. 

لكن وثيقة أخرى لـ”الإنتربول”، حصلت عليها الصحيفة، تظهر رفض الشرطة الدوليّة طلب السلطات السعودية بخصوص الجبري، إذ تشكّك هذه الأخيرة في مدى التزام السلطات هناك بالإجراءات القانونية وباحترام حقوق الإنسان في حملة مكافحة الفساد التي يقودها بن سلمان، ومن ثمّ اعتبرت الطلب السعوديّ “جزءًا من استراتيجية سياسية لبن سلمان من أجل استهداف أي خصوم أو معارضين سياسين محتملين”، وحذفت اسم الجبري من أنظمتها المتعلّقة بمطاردة المجرمين الدوليين.

وثمة أسباب ذاتيّة عدّة تدفع بن سلمان لاستهداف الجبري، فلوليّ العهد السعودي خصومة مباشرة مع الأخير بسبب معارضته لحرب اليمن، كما أن بن سلمان يخشى نفوذه وعلاقاته الواسعة داخليًا وخارجيًّا، فالجبري كان الذراع اليمنى لبن نايف، ومن هنا اكتسب علاقات واسعة بمسؤولين غربيين، لكونه كان حلقة الوصل بينهم وبين السلطات السعودية في ملف مكافحة الإرهاب، فضلًا عن العلاقات التي شكّلها مع أفراد العائلة الملكيّة خلال فترة عمله.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة أيضًا رسالة وجّهها أربعة نواب في مجلس الشيوخ الأميركي إلى الرئيس دونالد ترامب، وتناولوا فيها قضية الجبري باعتباره “حليفًا وثيقًا وصديقًا للولايات المتحدة”، وقالوا إن ثمة “التزامًا أخلاقيًّا لفعل ما بوسعها للمساعدة في تأمين حريّة أبنائه”.  

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى