ما دلالات إعلان تأسيس حزب سعودي معارض في الخارج؟

أعلن أول حزب معارض في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وسط قمع متزايد ضد المعارضة في الداخل.

ميدل ايست نيوز: تجربة جديدة يشهدها المجتمع السعودي نحو مسار ديمقراطي لآلية الحكم في السعودية، تمثلت بإعلان أول حزب معارض في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وسط قمع متزايد ضد المعارضة في الداخل.

وعمل سعوديون خلال السنوات العشر الأخيرة على إعلان تأسيس “حزب الأمة الإسلامي”، قبل أن يتم اعتقال كل من شارك وأيد هذه الخطوة، الأمر ذاته تكرر مع المحاولات الحثيثة من مؤسسات المجتمع المدني كمنظمة “القسط”، لكن كالعادة تم التنكيل بأصحابها، ليخرج هذه المرة معارضون بإعلان حزب جديد لكن نواته بدأت من الخارج.

وربما لا يمثل إعلان تأسيس الحزب ضرراً بالغاً على سلطة الحاكم الفعلي للمملكة محمد بن سلمان؛ في ظل تقدم والده الملك سلمان بن عبد العزيز في العُمر، لكنه بالقطع يمثل تحدياً جديداً له في توقيت صعب.

ويتزامن كل هذا مع ضغوط من جانب منظمات حقوقية دولية على قادة وزعماء دول قمة العشرين التي تحتضنها السعودية في نوفمبر المقبل، لمقاطعتها بسبب قمع المعارضين واعتقالهم وقتلهم أيضاً، فيما يشكك البعض في أهمية ما سيقوم به الحزب الجديد.

إعلان من الخارج

بعد أن وجد المعارضون أن فرصهم تتقلص بالوقوف أمام النظام الحاكم بالسعودية، لجؤوا إلى إعلان حزبٍ معارض بدأت نواته في الخارج، وهو أول تحرك سياسي منظم خارج البلاد.

وأعلنت مجموعة من السعوديين المقيمين في المنفى في دول بينها بريطانيا والولايات المتحدة، في 23 سبتمبر 2020، تشكيل حزب معارض، في أول تحرك سياسي منظم في الخارج ضد السلطة في عهد الملك سلمان.

وجاء في بيان صادر عن أعضاء المجموعة: “نعلن عن إنشاء حزب التجمع الوطني الذي يهدف إلى التأسيس للمسار الديموقراطي كآلية للحكم في المملكة العربية السعودية”، دون أن يذكر عدد الأعضاء الفعلي.

ويقود الحزب الناشط الحقوقي المقيم في لندن يحيى عسيري، وهو ضابط سابق في سلاح الجو، ومن بين أعضائه الأكاديمية مضاوي الرشيد، والباحث سعيد بن ناصر الغامدي، وعبد الله العودة المقيم في الولايات المتحدة، وعمر بن عبد العزيز المقيم في كندا.

وأعلن بيان الحزب أن التأسيس يأتي “بعد انسداد الأفق السياسي وانتهاج السلطة المستمر لممارسات العنف والقمع، وتزايد الاعتقالات والاغتيالات السياسية”. وتحدث البيان عن “تصاعد السياسات العدوانية ضد دول المنطقة وممارسات الإخفاء والتهجير القسري العنيفة”.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب مكتب الاتصال الحكومي في السعودية على طلبات وكالات الأنباء العالمية للتعقيب على إعلان تأسيس الحزب.

التعبير عن الرأي بحرية

الأكاديمي البارز سعيد بن ناصر الغامدي (أحد المؤسسين)، قال إن ما دفع المعارضين إلى إعلان الحزب هو إصرار السلطات السعودية على مواصلة سياسة القمع والتنكيل، وما لذلك من تبعات خطيرة على مستقبل المملكة، مشيراً إلى أن الكيان المعلن عنه يستطيع أن يحقق التوازن في ظل تلك المعادلة غير المتكافئة.

ويستمد الحزب أهميته الحالية -وفق الغامدي- بعد تغييب المفكرين والعلماء في السجون وإيقافهم عن نشاطهم، مجدداً تأكيد أن “الحزب من الشعب وللشعب، وأنه لا يقوم بالوصاية عليه، ويقوم بواجبه كنائب لضمان تحقيق مصالح الشعب”.

الرأي ذاته اتفق معه فيه رئيس منظمة القسط وأمين عام الحزب الجديد يحيى عسيري في تصريحات؛ حين أشار إلى أن “الكل يعلم أن الفراغ كبير في بلادنا، وعليه يخشى على مستقبل البلاد ومصالح الناس، الآن كل شيء تحت التهديد، هناك خشية من أي مغامرات سياسية غير محسوبة من الحكام”، وعليه جاء هذا الحزب لسد هذا الفراغ وعدم ترك الساحة للأهواء.

ويجزم عسيري بأنه لا يوجد مواطن سعودي واحد في الداخل كان أو الخارج يختلف مع المبادئ التي ذكرها البيان التأسيسي للحزب، مضيفاً: “نحاول أن نحترم الجميع ونحتضن الجميع، كل يعبر عن رأيه بحرية تامة ودون أي قيد أو تهديد من أجل مصلحة بلادنا واستقرارها”.

رأي مخالف

من جانبه يرى رئيس حركة “الإصلاح” المعارضة بالسعودية سعد الفقيه، أن المؤسسين للحزب الجديد “قد ابتلوا بما ابتلي به كثير من النشطاء حالياً بضرورة كسب القوى العالمية التي تحارب أي التزام بالثوابت الدينية، عسى ولعل أن تقبل هذه القوى بهذا التجمع كبديل عن النظام الحالي وتدعم تمكينه”.

ويعتقد أن من يؤمن بهذا الأمر “فاته أن الغرب لا يكترث إلا بمصالحه”، مشيراً إلى أن الغرب “لن يقبل ببديل عن آل سعود، بل لن يؤيد حتى الخيار العلماني الصريح إذا كان يدعو لنظام يجعل السلطة حقيقة بيد الشعب”.

ويقول في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “إن كان مؤسسو الحزب -بسبب مرجعياتهم المختلفة- لم يقصدوا هذا المستوى من التنظيم، بل قصدوا شيئاً من التنسيق والتعاون دون مرجعية مشتركة ودون قيادة موحدة ودون لائحة إدارية ودون دستور تنظيمي، فربما يجدون أنفسهم مضطرين لإعادة النظر في تسميته حزباً لما لمصطلح الحزب من تبعات وإلزمات”.

كما رأى أن البيان التأسيسي المقتضب “لم يتوفر للحكم على هذا التجمع الجديد الذي تحدث عن تفشي الظلم والفساد، والسعي للحرية والمشاركة السياسية والمحاسبة، لكنه نص على ما يفهم منه النأي عن الثوابت الدينية، والتخلي عن المرجعية الإسلامية، ومجاملة الليبرالية الغربية”.

وأشار إلى أن حركة “الإصلاح” التي يتزعمها لن تتخلى عن تلك الثوابت والمبادئ.

المعارضة في المملكة

ولم يكن إعلان هذا الحزب هي المحاولة الأولى للمعارضة في السعودية، فقد سبقها إعلان تأسيس حزب سياسي في السعودية عام 2011، عندما أراد معارضون تأسيس حزب سياسي تزامناً مع ثورات الربيع العربي.

وتوجه المعارضون آنذاك بطلب إلى الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، لكن مطالب ذلك الحزب المقترح كانت مختلفة عما أعلن عنه في الحزب الجديد، حيث أرادوا وقتها التعبير عن احتجاجهم على الأوضاع الصعبة في المملكة، في ظل تحكم العائلة الحاكمة في مقدرات وثروات البلاد بشكل مطلق.

وشهدت المملكة وقتها بالفعل خروج بعض المظاهرات الشعبية بصفة خاصة في المناطق التي تسكنها أغلبية شيعية، لكن السلطات واجهتها بالقمع والاعتقالات، واتخذ الملك عبد الله وقتها قرارات برفع رواتب العاملين في المملكة، وزيادة الإنفاق على الخدمات العامة، وغيرها من الإجراءات التي نجحت إلى حد كبير في استعادة الهدوء بسرعة والسيطرة على الأمور قبل تفاقمها.

كما سبق أن تأسست حركات معارضة؛ كالحركة الإسلامية للإصلاح (1996)، وعدة حركات منها شيعية معارضة تم وأد جميع ما كان منها موجوداً بالداخل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج اونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 − ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى