هل تحوّل موسكو مكاسبها السورية إلى استراتيجية دائمة في المنطقة؟

الحرب السورية مكّنت موسكو من الخروج من عزلتها الدولية بعد الحرب مع أوكرانيا.

ميدل ايست نيوز: مع مرور خمس سنوات على التدخل الروسي في سورية، نشرت صحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية، اليوم الأربعاء، تقريراً بيّنت فيه تبعات الانخراط الروسي في الحرب السورية، وكيف يقود الكرملين اليوم المسار في المنطقة، إنما من دون أن يحقق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جميع أهدافه، رغم مساندته نظام بشار الأسد الذي استعاد 70 في المائة من المناطق إلى دائرة نفوذه، بعدما كان يسيطر فقط على 25 في المائة من مجمل أراضي سورية عند تدخل موسكو عام 2015.

وبيّن التقرير أنه ومنذ الطلعات الجوية الأولى للمقاتلات والمروحيات الروسية في سورية نهاية سبتمبر/ أيلول 2015، كان واضحاً أن لموسكو أولويات مختلفة تماماً عن الغرب، إذ إن عدداً قليلاً من الضربات استهدف مواقع تنظيم “داعش” الذي كان يتلقى الضربات من القوات الأميركية ودول غربية أخرى، وفي وقت طاولت الصواريخ والقنابل الروسية بشكل رئيسي جماعات المعارضة السورية التي أرادت إطاحة رئيس النظام بشار الأسد. وأنقذت موسكو بعدها النظام من هزيمة مؤكدة، ما غيّر التوازنات في المنطقة، ومثّل عودة لروسيا إلى المنطقة بعد عقود من الغياب.

وأشارت “تاغس شبيغل” إلى أن العودة يبدو أنها ستكون طويلة، لا سيما وأن السلطات الروسية تقوم بتوسيع قاعدة حميميم الجوية قرب اللاذقية على البحر المتوسط، والقاعدة البحرية في طرطوس، هذا عدا عن نشرها مئات العناصر من الشرطة العسكرية والمستشارين العسكريين، والغياب شبه التام للقوات النظامية البرية، في حين يقاتل المرتزقة التابعون لها هناك منذ أعوام.

علاوة على ذلك، فإن الحرب السورية مكّنت موسكو من الخروج من عزلتها الدولية بعد الحرب مع أوكرانيا، ويعمد بوتين الآن إلى خلق تعاون وثيق مع تركيا وإيران، كما ترى القيادة في موسكو أن دول الشرق الأوسط تشتري السلاح والتكنولوجيا النووية.

وبينت الصحيفة أيضاً أن المراقبين على يقين من أن مسألة استرداد محافظة إدلب التي يحكمها الإسلاميون ليست إلا مسألة وقت، ولا يتردد نظام الأسد، لتحقيق أهدافه، في ارتكاب جرائم حرب وتدمير وقتل وجرح المزيد من المواطنين وتهجير الملايين منهم، وذلك في ظل المصاعب الاقتصادية، بعدما بلغت أسعار الوقود والمواد الغذائية أسعاراً قياسية، وبات يعيش 80% من السوريين تحت خط الفقر.

وخلص التقرير إلى استنتاج بأنه من الواضح أنه لن يكون هناك حلّ للحرب السورية من دون موسكو، وهي عملت على تحسين علاقاتها بإسرائيل ومصر، ويحاول الكرملين توسيع نفوذه الآن في ليبيا أيضاً، فضلاً عن أن الملك السعودي زار روسيا عام 2017.

ومع ذلك، فإن روسيا ليست قوية بما يكفي لإطاحة الولايات المتحدة كقوة أساسية في المنطقة، بحكم انتشار جنودها بالآلاف في تركيا والخليج، وعدا ذلك، فإنه ليس باستطاعتها إعادة بناء سورية، لا سيما وأن التقديرات تشير إلى أن التكلفة لا تقل عن 250 مليار دولار. ولذلك، وأمام كل هذا، يبقى السؤال المطروح ما إذا كان بإمكان موسكو تحويل مكاسبها التي حققتها في المنطقة خلال السنوات الأخيرة إلى استراتيجية دائمة في المنطقة. وتنقل الصحيفة عن الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في مركز الأبحاث الأميركي “راند” بيكا فاسر، قولها إنه ربما لا يزال يتعين على بوتين الاعتماد على الاستفادة من الفرص التي أوجدتها الدول الإقليمية، أو أخطاء الغرب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 + 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى