500 ممرض یغادرون شهريا.. لماذا تفوق هجرة الإيرانيين للخارج المتوسط العالمي مرتين؟

السؤال الذي يطرحه المراقبون باستمرار في إيران؛ لماذا يلجأ المواطن إلى مغادرة بلاده وتحمّل مرارة الغربة؟

ميدل ايست نيوز: “لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألم.. حسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرمُ”.. بهذا البيت للشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري، يروي الشاب الإيراني محمد مهدي (اسم مستعار) قصة ألمه في السعي لمغادرة بلاده، بحثا عن حياة كريمة.

قبل عقدين من الزمن، غادر مهدي (39 عاما) مدينة عبادان جنوب غربي إيران، فرحا بتخرجّه في فرع اللغة العربية وآدابها بجامعة طهران، وهي اللغة التي عشقها منذ نعومة أظفاره، وشارك في امتحان الماجستير بعد الانتهاء من خدمة الجيش، وواصل الدراسة في مرحلة الدكتوراه، آملا أن يبلغ مناه في الحصول على وظيفة أستاذ في إحدى جامعات بلاده.

ويقول مهدي “خاب أملي بعد رفض الجامعات طلبي للالتحاق بالهيئة التدريسية بسبب الفساد الإداري والمحسوبية، رغم تفوقي وقوة سيرتي العلمية والبحثية”، مستدركا أنه لم يكن الوحيد الذي يطمح في الحصول على وظيفة في دولة أجنبية بعد أن ضاقت عليه إيران بما رحبت.

وتبين للجزيرة نت بعد اتصالها بعدد من مكاتب التأشيرات والهجرة في ساحة “مادر” شمالي طهران، وأخرى معنية بترجمة الشهادات الأكاديمية في ساحة “الثورة” وسط العاصمة- أن أعداد الإيرانيين الراغبين في الهجرة إلى خارج البلاد في تزايد خلال العامين الماضيين.

والسؤال الذي يطرحه المراقبون باستمرار في إيران؛ لماذا يلجأ المواطن إلى مغادرة بلاده وتحمّل مرارة الغربة؟

أسباب الهجرة

من ناحيته، كشف أمين سر جمعية المواهب الإيرانية صفدر زارع حسين آبادي عن هجرة 82 متفوقا من بين 86 أكاديميا كانوا قد حصلوا على ميداليات في الأولمبياد العلمي، وعزا سبب هجرتهم إلى قلة الاهتمام بهم في الداخل.

وفي السياق، قالت خانم نيوشا التي تعمل في أحد مكاتب الهجرة بطهران “ما لمسته خلال حديثي مع العديد من الراغبين في الهجرة أنهم قد بلغوا حالة اليأس من تحسّن ظروف حياتهم هنا، لا سيما بعد جائحة كورونا؛ حيث فقد العديد منهم مصدر رزقه”.

ورأت أن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية من العوامل المحفزة على الهجرة، مقابل الحوافز التي تقدمها الدول الأجنبية لاستقطاب الموارد البشرية الإيرانية، لا سيما من بين شريحة المثقفين وخريجي الجامعات.

ويأتي فقدان العملة الإيرانية قيمتها، والأزمة المعيشية الناجمة عن العقوبات الخارجية، في مقدمة أسباب هجرة الإيرانيين، وفق مدير مرصد الهجرة الإيراني بهرام صلواتي، الذي كشف عن أن الممرضين والأطباء يتصدرون قائمة الراغبين في الهجرة.

وعدّ صلواتي -في تصريح لموقع خبر أونلاين- البطالة من العوامل المؤثرة في ارتفاع رغبة الإيرانيين في الهجرة، خاصة مع انتشارها بالأكثر بين خريجات الجامعات مقارنة مع الذكور، مما يجعل من هؤلاء الخريجات مشروعا للهجرة.

وأشار مدير مرصد الهجرة إلى أن الإحصاءات العالمية تظهر أن معدل دخل المواطن العادي في العديد من الدول الأجنبية يفوق 10 أضعاف ما يتقاضاه المواطن الإيراني في بلده.

وقال صلواتي إن ألمانيا والسويد وهولندا وفرنسا تعدّ الوجهات الرئيسية للمهاجرين الإيرانيين إلى الغرب، وقد استثنى بريطانيا بوصفها خارج التكتل الأوروبي، لكنها تعتبر الوجهة الثانية بعد ألمانيا للمهاجرين الإيرانيين في أوروبا.

وجهات وفئات

كشف نقيب الممرضين الإيرانيين محمد شريفي مقدم عن ارتفاع الهجرة بين الممرضين بنسبة 200 إلى 300%، عقب تفشي فيروس كورونا، موضحا أن عدد المهاجرين منهم ارتفع من 5 أشخاص إلى 500 شهريا.

وتظهر نتائج استطلاعات رأي أجراه مركز “كيو آنالتيكز” ديسمبر/كانون الأول الماضي أن 33% من المستطلعين أبدوا رغبتهم في الهجرة وأن 80% من هذه الفئة عزت سبب ذلك إلى الخروج من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها.

وجاء في نتائج الاستطلاع أن رغبة الإيرانيين في الهجرة تفوق المتوسط العالمي مرتين، كما أنها أعلى من معدل الهجرة في منطقة الشرق الأوسط.

في السياق نفسه، قدمت المعاونية العلمية والتقنية لرئاسة الجمهورية الإيرانية يناير/كانون الثاني المنصرم أحدث تقاريرها تحت عنوان “الهجرة الدولية للإيرانيين وفق المواصفات العالمية” إلى الرئيس إبراهيم رئيسي، موضحة أن عدد المغتربين الإيرانيين تجاوز مليونا و900 ألف شخص عام 2020، وهو ما يعادل 2.29% من المجتمع الإيراني.

شُح المياه

وعقب الاحتجاجات التي شهدتها بعض المدن الإيرانية على شح المياه خلال الأعوام القليلة الماضية، دخل الجفاف على خط أزمة هجرة الإيرانيين، مما دفع بعض المسؤولين للتحذير من تداعيات عدم معالجة نقص المياه على الواقع السكاني في البلاد.

وحذّر النائب عن مدينة سراوان في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، ملك فاضلي، من التحاق نحو 200 ألف شخص من أهالي المدينة بركب المهاجرين، في حال عدم معالجة أزمة المياه خلال العامين المقبلين.

وفي كلمة له تحت قبة البرلمان، انتقد النائب فاضلي سياسة إنشاء السدود على أنهار المناطق التي تواجه أزمة شح مياه، مؤكدا أن أهالي هذه المناطق مرغمون على ترك ديارهم بسبب نقص المياه فيها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + 17 =

زر الذهاب إلى الأعلى