السلطات الإيرانية تتحدث عن انتهاء الاحتجاجات واستمرار التراشق مع الغرب

قال رئيس محافظة طهران، محسن منصوري، إنّ الاحتجاجات في طهران "قد انتهت"، مضيفاً أنّ العاصمة "تعيش الأمن منذ عدة ليالٍ".

ميدل ايست نيوز: تراجعت حدة الاحتجاجات التي شهدتها المدن الإيرانية في الفترة السابقة، على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني، بالتزامن مع تهديد السلطات الإيرانية بـ”اتخاذ إجراءات” ضد مشاهيرها الذين دعموا في الأيام الأخيرة التظاهرات.

وقال رئيس محافظة طهران، محسن منصوري، الخميس، إنّ الاحتجاجات في طهران “قد انتهت”، مضيفاً أنّ العاصمة “تعيش الأمن منذ عدة ليالٍ”، وفق وكالة “تسنيم” الإيرانية.

واتهم منصوري من سمّاهم “أعداء” البلاد بالضلوع في الاحتجاجات، قائلاً إنهم يعيشون “حالة إحباط”، متحدثاً عن أنّ “أحد قادة الشغب في الخارج، اتصل بعناصره الداخلية مطالباً بعدم السماح بانتهاء الاضطرابات، حتى ولو من خلال إحراق قمامة نفايات داخل زقاق مغلق”، على حد تعبيره.

وتوعد رئيس محافظة طهران بملاحقة “بعض الوجوه المعروفة” الداعمة للاحتجاجات، الذين قال عنهم منصوري إنهم “نفخوا في نار الشغب”، في إشارة إلى دعوتهم الإيرانيين إلى التظاهر.

كذلك، قال قائد الحرس الثوري في طهران الكبرى، العميد حسن حسن زادة، إنّ الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني، لها دوافع “اقتصادية وأميركا دفعت الناس إلى الشوارع”، وفق ما أوردت صحيفة “همشهري”، المحافظة التابعة لبلدية طهران.

فيما قال حسن زادة إن بلاده تنصتت على مكالمة مسؤول أميركي، قال فيها، حسب قول قائد حرس طهران، إنّ “الضغوط القصوى لا يمكنها أن تحقق لهم النصر على إيران، لذلك فإنّ الطريق الوحيد هو دفع الناس إلى الشوارع بذريعة الضغط الاقتصادي”.

واتهم المسؤول العسكري الإيراني الولايات المتحدة بشن “عملية نفسية” على إيران، عبر “تلقين الشباب أن البلد لا مستقبل له”.

في الأثناء، ثمة أنباء غير رسمية عن مواصلة الاعتقالات في المدن الإيرانية، لكن السلطات حتى الآن لم تعلن حصيلتها، واليوم الخميس ورد أن السلطات اعتقلت الشاعرة مونا برزويي، التي انخرطت في الاحتجاجات الأخيرة عبر أبيات شعرية ضد السلطات، التي لم تعلن أيضاً حصيلة القتلى والمصابين، لكن التلفزيون الإيراني أفاد قبل أيام بمقتل 41 شخصاً خلال الاحتجاجات، إلا أنّ منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، مقرها أوسلو، قالت، مساء اليوم الخميس، إنّ العدد وصل إلى 83 شخصاً.

وتشير التقارير الإيرانية إلى مقتل 10 من عناصر الأمن والشرطة، وإصابة أكثر من 200 منهم.

ودعم عدد من الرياضيين الإيرانيين المشهورين والممثلين والمخرجين علناً الحركة الاحتجاجية، مطالبين السلطات بالاستماع إلى مطالب السكان.

وحثّ المخرج الإيراني، أصغر فرهادي، الحائز جائزة “أوسكار” مرتين، الناس في جميع أنحاء العالم، الأحد الماضي، على “التضامن” مع المتظاهرين.

وقال، في رسالة مصورة على موقع إنستغرام: “أدعو كل الفنانين والمخرجين والمثقّفين والناشطين في مجال الحقوق المدنية في العالم أجمع (…) كل هؤلاء الذين يؤمنون بالكرامة والحرية الإنسانية، إلى التعبير عن تضامنهم مع نساء ورجال إيران الأقوياء والشجعان عبر تصوير مقاطع فيديو والكتابة أو بأيّ طريقة أخرى”.

من جهته، نشر نجم المنتخب الوطني لكرة القدم السابق، علي كريمي، مراراً رسائل دعم للاحتجاجات على “إنستغرام” و”تويتر”.

وانتشر، اليوم الخميس، بيان بتوقيع أكثر من 800 ناشط في مجال الأطفال واليافعين في إيران، يندد بمقتل واعتقال المحتجين من هذه الفئة العمرية، مطالباً بالإفراج عن المعتقلين.

كذلك، أصدر “موسيقائيون مستقلون” بياناً، أعلنوا فيه دعمهم للاحتجاجات الأخيرة مع التنديد بـ”قمعها والتصدي العنيف لها”، داعين إلى الإفراج عن المعتقلين من الطلاب والناشطين السياسيين والمدنيين.

وانتشر بيان آخر، بتوقيع أكثر من 200 أستاذ جامعي إيراني، طالبوا فيه بالإفراج عن الطلبة المعتقلين، مع التحذير من أن “أوضاع الجامعات لن تعود إلى طبيعتها ما لم يفرج عنهم”.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قال الإيراني سردار آزمون، الذي يلعب مع نادي باير ليفركوزن الألماني لكرة القدم، إنه لا يستطيع الصمت في مواجهة حالات الوفاة بسبب القمع. وقال عبر شبكات التواصل الاجتماعي: “لا يمكن محو ذلك من ضمائرنا. عار عليكم”.

في غضون ذلك، أفادت وكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية بأنّ الأجهزة الأمنية اعتقلت مساء اليوم الخميس اللاعب السابق في فريق “برسبوليس” لكرة القدم، حسين ماهيني، في إطار رفع المدعي العام شكاوى ضد “بعض المشاهير” بتهمة الحث على “الشغب”.

وكان حسين ماهيني قد علّق على وفاة الشابة أميني بنشر تغريدة مرفقة بصور عنها راقدة على سرير المستشفى، مخاطباً السلطات بالقول: “أكرهكم كراهة”.

كذلك وردت أنباء غير رسمية عن اعتقال المغني شروين حاجي بور، بعد إنشاد أبيات وغنائها عن وضع البلاد.

وذكرت الشرطة بمدينة أرومية غربي إيران أنها اعتقلت عدداً من قادة “أعمال الشغب”، فضلاً عن إعلان الحرس الثوري في مدينة قم الدينية تفكيك واعتقال أعضاء شبكة “لمثيري الشغب”، قائلاً إنهم كانوا ينشرون دعوات على الفضاء الافتراضي لتنظيم “تجمعات غير قانونية”، مع اتهامهم بنشر دعايات ضد النظام.

إلى ذلك، أفادت وكالة “فارس” الإيرانية، اليوم الخميس، بأن منظمة “باسيج أساتذة الجامعات” نظمت حملة جمع تواقيع للتنديد “بتدخل الأعداء” في شؤون البلاد و”أعمال الشغب”، مشيرة إلى أن عدد التواقيع بلغ ستة آلاف.

قبل أيام، هاجم رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني إجئي، المشاهير أيضاً، قائلاً إنّ “أولئك الذين اشتهروا من خلال دعم النظام، في الأيام الصعبة، انضموا إلى العدو بدلاً من أن يكونوا مع الشعب، على الجميع أن يعلم أنه يجب عليهم تعويض الأضرار المادية والروحية التي لحقت بالشعب والوطن”.

واستدعت طهران، يوم الخميس، القائم بالأعمال الفرنسي في طهران، في غياب سفير هذا البلد، مستنكرة “تدخل” باريس في شؤون إيران الداخلية، بعدما دانت فرنسا “القمع العنيف الذي يمارسه الجهاز الأمني الإيراني ضدّ التظاهرات” المستمرّة في إيران منذ وفاة مهسا أميني بعد توقيفها من جانب شرطة الأخلاق.

إلى ذلك، قالت الشرطة النرويجية، اليوم الخميس، إنّ عدة أشخاص حاولوا اقتحام السفارة الإيرانية في أوسلو، خلال احتجاج غاضب شهد إصابة شخصين بجروح طفيفة. وأضافت الشرطة أنه جرى نشر “موارد كبيرة”، وتمت السيطرة على الوضع. ولم تتضح هوية المصابين حتى الآن، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، اليوم الخميس، إنها تفعل كل ما في وسعها لفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي على من يقمعون النساء في إيران.

وقالت للبرلمان الألماني، بحسب ما نقلته “رويترز”، إنّ “على السلطات الإيرانية أن تنهي على الفور معاملتها الوحشية للمتظاهرين”. ودعت إلى إجراء تحقيقات في وفاة مهسا أميني ومقتل بعض من تظاهروا احتجاجاً على وفاتها.

إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اليوم الخميس، إلى إجراء “تحقيق مستقل وعاجل وحيادي وفاعل” بشأن وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني، داعياً إلى احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والسماح بتنظيم التجمعات السلمية.

وقال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مساء الخميس، في حفل تكريم لقوات إطفاء الحريق إنّ “الأعداء لا يمكنهم السيطرة على الشعب الإيراني بالحيل”، مضيفاً أن “الشعب أفشل العدو مرة أخرى”.

واتهم المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في إفادة صحافية، يوم الخميس، الدول الغربية المعبرة عن موقفها تجاه الاحتجاجات في إيران بأنها تمارس “النفاق”، مضيفاً: “ثمة تناقض مخجل عندما يتحدث متحدثون رسميون ومسؤولون رفيعو المستوى (في بعض الدول) عن التضامن والتعاطف مع الشعب الإيراني، لكنهم في الوقت ذاته أرادوا من خلال فرض سياسة الضغوط القصوى والعقوبات المدمرة والقاسية إخضاع هذا الشعب”.

واتهم كنعاني وسائل إعلام غربية بالحث على “المواجهات في الشوارع والتخريب والدمار وإثارة النعرات القومية في إيران”، قائلاً، إنها في الوقت ذاته “ترفع شعار الحياة للشعب الإيراني”.

يشار إلى أن الشابة مهسا أميني كانت آتية من مدينة سقز بمحافظة كردستان، غربي إيران، إلى طهران برفقة أهلها لزيارة الأقارب والسياحة، قبل أن تعتقلها الشرطة في الثالث عشر من الشهر الجاري، وتقتادها إلى أحد مراكزها، بتهمة ارتداء لباس غير محتشم، لكنها بعد ساعتين نقلت إلى المستشفى بعدما دخلت في حالة غيبوبة، قبل أن تتوفى في السادس عشر من الشهر الجاري.

وأعلنت الشرطة الإيرانية أنّ الغيبوبة نتجت من إصابة أميني بـ”نوبة قلبية مفاجئة” خلال “جلسة إرشاد”، ناشرة مقطعاً مصوراً يصور لحظة وقوف سيارة الشرطة أمام المقر ونزول الفتاة منها ودخولها المقر إلى أن سقطت أرضاً داخل قاعة بحضور أناس آخرين، ونُقلَت بعد ذلك إلى المستشفى، حسب رواية الشرطة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر + سبعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى