لماذا هذا الزخم الكبير لتوجيه الرأي العام الدولي ضد النظام الإيراني؟

لا يمكن مقارنة حجم الرأي العام الدولي اليوم الموجه ضد الجمهورية الإسلامية بأي من الأحداث السابقة التي حدثت في تاريخ إيران.

ميدل ايست نيوز: لا يمكن مقارنة حجم الرأي العام الدولي اليوم الموجه ضد الجمهورية الإسلامية بأي من الأحداث السابقة التي حدثت في تاريخ إيران: من قصة السفارة الأمريكية إلى أحداث كالاتهامات بقتل المعارضين الإيرانيين وهجوم الشرطة على مباني السكن الجامعي في طهران عام 1999، وتصريحات الرئيس الأسبق أحمدي نجاد عن الهولوكوست وأحداث عام 2009 وغيرها.

ومن المؤكد أن أصحاب القرار الدولي في يومنا هذا، لن يتخذوا هذا الإجراء حتى يتأكدوا من موافقة غالبية الرأي العام (حوالي 80%) عليه فقط، بل وصول الرأي العام إلى هذه الدرجة الغير معهودة مكلف للغاية، ومن الصعب قبول فكرة أن هذه التكاليف الباهظة لن تؤدي إلى خطة أخرى تخدم مصالح أصحاب القرار.

إن الزخم الكبير والنشاط الإعلامي المكثف لتوجيه الرأي العام الأجنبي ضد النظام الإيراني قوي لدرجة أنه يبدو أن أي قرار وأي موقف يتعلق بإيران يمكن أن يكون مصحوبًا بموافقة غالبية الرأي العام الدولي.

وفي نفس السياق، فإن دراسة حالات مشابهة كالهجوم على العراق وأفغانستان تعيد إلى الأذهان خيار الهجوم العسكري، لكن يبدو أن المنطقة والعالم اليوم غير مستعدين لخوض حرب أخرى بأي وجه. من ناحية أخرى، ربما لا تتوافق الحرب الأهلية والانفصال الداخلي في إيران مع السياسة الغربية في هذه المرحلة (سياسة القوى الشرقية حول هذا تبقى داخل إطار الاستفهام).

ولا يخفى على أحد، أنه ربما نشهد نوعًا جديدًا من وسائل التدخل الأجنبي في الفترة المقبلة لإحداث تغييرات جذرية في إيران، بحيث يمكن إجراء هذا النوع من التدخل حتى مع الحفاظ على هيكلية الجمهورية الإسلامية بأكملها مع إجراء بعض التعديلات الدستورية.

من هذا المنطلق، تحتاج كل وسيلة أجنبية إلى دعم غالبية الرأي العام خارج وداخل البلاد لفرض تدخلها في إيران. لكن؛ في حال كانت هناك ترسانة إعلامية وميدانية متينة داخل البلاد، فمن الممكن الحفاظ على موقف الرأي العام الداخلي لصالح الحكومة الإيرانية، لكن الأدلة تظهر أن مثل هذه السياسة غير موجودة في الداخل، فالإعلام الجديد وطبيعة الأحداث غير مفهومة إلى حد كبير، ولا تزال التقييمات والدراسات تستند إلى نماذج قديمة، ولا يزال بعض الناس يرون أن ما يقوله الشارع أهم من الإعلام.

ومن الممكن دائمًا أن تؤدي بعض المجريات الغير متوقعة، إلى إفساد ما تم التحضير لها من مخططات. فالأحداث مثل النزاعات الداخلية الخارجة عن السيطرة أو النزاعات الحدودية الصغيرة التي تصبح حرباً كبيرة تدريجياً، تجعل الموقف خطيرًا ولا يمكن التنبؤ به ولا يمكن السيطرة عليه.

يجدر القول إن ما ذكر أعلاه لا يعني دعوة المحتجين وأصحاب الرأي إلى التزام الصمت خوفا من تدخل القوة الخارجية، فالتظاهر والاحتجاج السلمي من سمات المجتمع الحي، وقمع الاحتجاج وعدم الاستماع للنقد يقود المجتمع إلى مثل هذه الظروف.

في الختام، نمر اليوم نحن الإيرانيون بأيام مريرة وصعبة، لكن ربما تكون أحداث الأشهر القادمة تحمل في طياتها مفاجآت أكثر. ما نتمناه هو أن تضع الحكومة نموذج تنفيذي ملائم ومناسب أمام المواطنين. بحيث تكون هذه المرة الإصلاحات وتغيير بعض القوانين مبنية على إرادة الناس داخل البلد وأن لا تأتي في وقت متأخر عن طريق الإكراه وإبراز العنف والشغب.

 

جعفر شيرعلي نيا

كاتب إيراني ومتخصص في مجال تأريخ الحرب الإيرانيه العراقية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الموقع الرسمي للكاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى