فاتح وذو الفقار.. هل تغير صواريخ إيران الباليستية معادلة الحرب في أوكرانيا؟

سلطت مؤسسة "جيمس تاون" البحثية الأمريكية الضوء على دعم إيران لروسيا بالصواريخ الباليستية في حرب أوكرانيا، ومدى تأثيره على معادلة الحرب.

ميدل ايست نيوز: سلطت مؤسسة “جيمس تاون” البحثية الأمريكية الضوء على دعم إيران لروسيا بالصواريخ الباليستية في حرب أوكرانيا، ومدى تأثيره على معادلة الحرب، في ظل أنباء عن تطلع موسكو للحصول على نظامي الصواريخ “فاتح 110″ و”ذو الفقار” لمعالجة أزمة نقص الصواريخ لديها.

وفي تحليل مطول، نشره موقع المؤسسة لـ”سين اوزكاراساهين”، محلل شؤون الأمن والدفاع في مركز أبحاث السياسة الخارجية والاقتصاد “إدام”، وترجمه “الخليج الجديد”، أشار إلى أن الأسباب الرئيسية لرغبة موسكو في هذين النظامين تتمثل في توافرها وتكلفتها والقدرة على استمرار الإمداد بها في المعركة.

وفي المقابل، من المحتمل أن تتلقى إيران تكنولوجيا عسكرية مهمة من روسيا، تتمثل في طائرات “سوخوي 35″، خاصة بعد سخائها في تزويد موسكو بأنظمة الأسلحة التي تحتاجها في أوكرانيا.

وتعد تكلفة وحدة الصواريخ الإيرانية أقل بكثير بالمقارنة مع نظيرتها من طراز “كروز” الروسية، كما أن الأخيرة باتت بمرمى أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، مثل نظام “سام” المتقدم، ما دفع الكرملين إلى ابحث عن بدائل.

وهنا يشير “أوزكاراساهين” إلى “مغالطة” تسيطر على تحليلات العديد من خبراء الدفاع وصناع القرار في الغرب منذ سنوات، وهي أن برنامج طهران للصواريخ الباليستية “ردعي”، مؤكدا أن هذه المغالطة تتجاهل حقيقة تاريخية تمثلت في استخدام إيران الفعلي لهذه الصواريخ بنشاط في معارك سابقة.

ففي الحرب الإيرانية العراقية بعقد الثمانينيات من القرن الماضي، وجهت طهران أول ضربات عسكرية لها خارج الأراضي الإيرانية، وظهر مثال بارز آخر في عام 2017، عندما شنت طهران هجومًا صاروخيًا متوسط المدى على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة دير الزور، شرقي سوريا.

كما نقل الحرس الثوري الإيرني أنظمة الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى مجموعات تعمل بالوكالة عن طهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

وإلى جانب تسليح حركاتها الوكيلة، تشارك إيران أيضًا تكنولوجيا الصواريخ الخاصة بها مع الدول “المارقة”، حسب التوصيف الغربي، بما في ذلك كوريا الشمالية، منذ الثمانينيات.

ويوضح هذا التاريخ أن صواريخ طهران الباليستية ليست مصممة فقط لإثارة الخوف في دول الخليج العربي وإسرائيل، بل “لاستخدامها بشكل انتهازي داخل مناطق الصراع في جميع أنحاء العالم”، حسب تعبير “أوزكاراساهين”.

ولذا، يمكن توقُع استخدام الصواريخ الباليستية الإيرانية في ساحة المعركة الأوكرانية خلال الأسابيع المقبلة، حيث تسعى موسكو إلى صواريخ إضافية، مثل “فاتح 110″، لمواجهة قدرات الدفاع الجوي الأوكرانية المتزايدة.

ورغم أن صواريخ “فاتح 110” لها مدى يتراوح بين 300 و700 كيلومتر، وهو أقصر بكثير من بعض الطائرات المسيرة التي أرسلتها طهران بالفعل إلى موسكو، مثل “شاهد 136″، إلا أن سرعة هذه الصواريخ وحمولتها القتالية الكبيرة لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا لأنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية.

وتتميز صواريخ فاتح 110، التي تعمل بالوقود الصلب، بوقت إطلاق أقصر بكثير من غيرها، ما يعني إمكان شن موسكو المزيد من الهجمات المتكررة في إطار زمني أقصر، ما يضع صواريخ الدفاع الجوي الأوكرانية تحت ضغط شديد. كما أن هذه الصواريخ متحركة، ما يوفر مرونة أكبر وقدرة على تجنب نيران الصواريخ المضادة.

ومن حيث التصميم، تتبع صواريخ فاتح 110 مسارًا مائلًا وشبه باليستي، وهو ما يمثل تحديًا لأنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، يختلف تمامًا عن تحدي مواجهة صواريخ كروز الروسية.

وينقل “أوزكاراساهين” عن معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر أن حزم المساعدات العسكرية التي أرسلتها طهران إلى موسكو لا تشمل صواريخ فاتح 110، لكن مسودات اتفاقيات العمليات الخاصة بعمليات بنقلها إلى موسكو موجودة بالفعل.

ومع ذلك ، فمن المرجح ألا تجري المحادثات بشأن هذه المسودات حتى خريف عام 2023، حيث لا تزال إيران حاليًا خاضعة للقيود المفروضة عليها بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، الذي يتضمن بندًا رئيسيًا يقيد تصدير الصواريخ الإيرانية والطائرات بدون طيار التي يزيد مداها عن 300 كيلومتر.

ومع ذلك، سيتم رفع هذا القيد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما تنتهي صلاحية البند الوارد في القرار الأممي، وبالتالي يمكن لإيران أن ترسل بعض أنظمة الصواريخ الأكثر تطوراً، مثل فاتح 110، وذوالفقار، الذي يبلغ مداه 700 كيلومتر، إلى روسيا.

ويرى “أوزكاراساهين” أن إيران أرسلت بالفعل رسائل تهديد إلى الغرب، ولن تتردد في مشاركة أنظمة الصواريخ مع روسيا، خاصة في ظل هذه الظروف “المريحة”.

ورغم أن الأنظمة المتطورة، مثل “سام”، عززت بشكل كبير معدل الاعتراض ضد الصواريخ المعادية، إلا أن المجال الجوي الأوكراني أكبر من أن يتم الدفاع عنه فقط باستخدام أنظمة “سام”  و”باترويت”.

وعلى هذا النحو، فإن الوصول المحتمل للصواريخ الإيرانية إلى روسيا يمكن أن يقوض معنويات كييف وقدرتها على القتال. وبشكل عام، سيشكل خطرًا وشيكًا على المراكز السكانية والبنية التحتية الحيوية للطاقة.

وفي الأشهر القليلة الماضية، أثبتت طائرات شاهد 136 وصواريخ كروز السوفيتية أنها أكثر فاعلية من “كروز” وبأسعار معقولة، ومع ذلك ، لكن مسار تحليق “فاتح 110″ و”ذو الفقار” ورؤوسها الحربية الكبيرة تجعل منها تهديدًا أكثر تدميراً.

ويعزز من أهمية الصواريخ الإيرانية أن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية اثبتت فعاليتها ضد صواريخ كروز وطائرات روسيا المسيرة، ففي ضربات أكتوبر/تشرين الأول 2022، بلغ معدل اعتراض صواريخ كروز الروسية حوالي 64%.

ومع ذلك، يقر “أوزكاراساهين” بأن الدفاع الصاروخي الباليستي معادلة مختلفة، ويصعب كثيرًا اختراقها.

وإلى جانب الموارد العسكرية المحدودة، فإن القدرة التدميرية للصواريخ الباليستية الإيرانية ستكون عائقًا كبيرًا أمام أوكرانيا، وسيكون توفير دفاع ناجح ضد هذه الصواريخ أمرًا صعبًا، حسب توقعات “أوزكاراساهين”.

ويشير التحليل إلى أن النظام الأكثر فعالية في مساعدة أوكرانيا هو نظام “باتريوت”، لكن مخزون صواريخه لدى الولايات المتحدة محدود، حيث تم نشر العديد منها بالفعل في المناطق شديدة الخطورة مثل المحيطين الهندي والهادئ.

وبالإضافة إلى ذلك يطرح حجم المجال الجوي الأوكراني الكبير مشاكل إضافية تخص الدفاعات الجوية، إذ تمتلك البلاد واحدة من أكبر المساحات الجوية في أوروبا، ما يجعل الدفاع الجوي الشامل أمرًا صعبًا للغاية.

ولذا يرى “أوزكاراساهين” ضرورة توقف الغرب عن النظر لأمن أوكرانيا من منظور دفاعي فقط،   خاصة في سياق التهديد الإيراني الوشيك بالصواريخ الباليستية، داعيا حلف الناتو إلى تزويد كييف بقدرات هجوم مضاد يمكن أن تضاهي الصواريخ الباليستية الإيرانية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى