البرنامج النووي الإيراني.. البيت الأبيض أمام خيارات صعبة

يعد البرنامج النووي الإيراني أحد أكثر تحديات السياسة الخارجية تعقيدًا لإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن.

ميدل ايست نيوز: يعد البرنامج النووي الإيراني أحد أكثر تحديات السياسة الخارجية تعقيدًا لإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، خاصة بعدما أصبحت خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 غير مطروحة فعليًا، وهو ما سلط عليه الضوء الباحثان: أمان محموديان وجورجيو كافيرو.

وذكر الباحثان، في تحليل نشره منتدى الخليج الدولي، أن طهران تعمل، منذ مايو/أيار 2019، على تطوير برنامجها بخطوات تدريجية، وعبر استراتيجية “الابتزاز النووي” للضغط على الولايات المتحدة والقوى الغربية لرفع العقوبات.

وفي الآونة الأخيرة، وصل تخصيب اليورانيوم الإيراني إلى 84%، أي أقل بنسبة 6% فقط من المستوى المطلوب لإنتاج سلاح نووي، ما يشير إلى خط خطير يمكن لطهران تجاوزه إذا لم يكن هناك قرار سياسي بشأن خطتها.

ورغم أن بايدن وعد مرارًا وتكرارًا بإعادة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة خلال حملته الانتخابية في عامي 2019 و2020، لم تقم إدارته باستعادة الاتفاق مع إيران منذ توليه الرئاسة الأمريكية في يناير/كانون الثاني 2021.

ويرى محموديان وكافيرو ضرورة تحديد بايدن ومستشاريه لكيفية القيام باستعادة الاتفاق، والمضي قدما في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وأشارا إلى أن الاضطرابات التي عمّت إيران والقمع القاسي الذي يمارسه النظام بعد وفاة، مهسا أميني، في حجز للشرطة العام الماضي، جعل الأمر التواصل الدبلوماسي مع طهران مكلفًا سياسياً بالنسبة لواشنطن.

ولفت الباحثان إلى مخاوف مفادها أن أي تخفيف للعقوبات قد يمنح إيران المزيد من “الشرعية” ويضع المزيد من الأموال في أيدي حكومتها، والتي يمكن استخدامها لتكثيف القمع، ما يجعل الولايات المتحدة أكثر حذراً بشأن إعادة الانخراط في الملف النووي.

فإذا حاول البيت الأبيض إبرام اتفاق دبلوماسي محدود مع إيران، فسيؤدي ذلك إلى غضب كبير من بعض الدوائر الانتخابية الأمريكية، وكذلك بعض حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في الخارج. كما أن تعميق علاقة طهران بموسكو عامل آخر يلعب دورا في موقف الولايات المتحدة إزاء الملف النووي الإيراني، خاصة أن تلك العلاقة تمر بمرحلة ازدهار كبيرة.

فمن الواضح أن دور إيران، كمورد رئيسي للأسلحة إلى روسيا في حرب أوكرانيا، يتجاوز خطاً أحمرا في تصورات العديد من العواصم الأوروبية.

وبعد أن حوّل الصراع الأوكراني إيران إلى أحد أهم شركاء روسيا على المسرح الدولي، ستقف موسكو إلى جانب إيران بدلاً من دعم أي مسعى غربي للضغط على الجمهورية الإسلامية.

لكن هذا لا يعني بالضرورة أن موسكو سترحب بفكرة تحول إيران إلى دولة مسلحة نووياً، حسبما يرى محموديان وكافيرو.

وإذا قدر البيت الأبيض أن هناك عوامل مختلفة تجعل الجهود الدبلوماسية للحد من الأنشطة النووية الإيرانية مكلفة للغاية من الناحية السياسية، فقد يفكر فريق بايدن في أن يصبح أكثر دعمًا للإجراءات الإسرائيلية السرية، التي تهدف إلى الضغط على طهران عسكريا.

ويؤكد الباحثان أن إدارة بايدن سيكون لديها مخاوف جدية بشأن الكيفية التي قد يؤدي بها القتال الإسرائيلي إلى رد فعل عنيف يخرج عن نطاق السيطرة.

وبينما تشن إسرائيل ضربات سرية في إيران، فإن مثل هذه الأعمال يمكن أن تأتي بنتائج عكسية ضد مصالح الدول التي لا تريد أن ترى البرنامج النووي الإيراني يتقدم.

وهذه الإجراءات تجعل أنشطة إيران النووية أقل قابلية للتنبؤ بها على المدى الطويل، ما يزيد من تصعيد الوضع المتوتر بالفعل، بحسب الباحثين.

وإلى جانب ذلك، فإن الاتفاق الدبلوماسي بين إيران والسعودية، الذي توسطت فيه الصين لإعادة العلاقات الدبلوماسية على المستوى الثنائي، هو عامل آخر يمكن أن يؤثر على المواجهة النووية بين طهران والغرب.

فالسيناريو المحتمل، الذي يجب مراعاته حسبما يرى محموديان وكافيرو، هو أن بكين ستختبر واشنطن بثقة أكبر فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران.

وإذا أبدت الصين استعدادًا أكبر لمساعدة الإيرانيين في الالتفاف على مثل هذه العقوبات، فسيكون لدى طهران حافز أقل لتقديم تنازلات للغرب مقابل تخفيف العقوبات، بحسب الباحثين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى