إيران.. إغلاق عشرات الوحدات التجارية بسبب الحجاب، ماذا عن البطالة؟
أصبحت قضايا غلاء السيارات وقلة لحوم الدجاج والحجاب الإجباري فضلاً عن تشميع المحال والمراكز التجارية والخدمية من أكثر المواضيع المتداولة في وسائل الإعلام الإيرانية خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ميدل ايست نيوز: أصبحت قضايا غلاء السيارات وقلة لحوم الدجاج والحجاب الإجباري فضلاً عن إغلاق المحال والمراكز التجارية والخدمية من أكثر المواضيع المتداولة في وسائل الإعلام الإيرانية خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وبحسب صحيفة شرق، تداولت وسائل الإعلام في إيران النبأ الأول عن تشميع مراكز تجارية وخدمية في أسبوع نهاية العام الإيراني وعشية عطلة رأس السنة؛ حيث تم إغلاق بعض مراكز الإقامة والترفيه الشهيرة التي كانت تستعد لاستقبال مسافري عيد النوروز، ما أثر بشكل بالغ على قطاع السياحة الذي ينشط ويصل لذروته خلال هذه الفترة من كل عام.
اتخذت عملية إغلاق وتشميع المحال التجارية في إيران، وطهران بالأخص، مجرى آخر مع بداية عطلة العيد، فاليوم ونحن على مشارف شهر مايو لا يمكن أن يمر يوم على الإيرانيين دون أن يتردد على مسامعهم أنباء عن تشميع لمطعم أو إغلاق لمركز تجاري حيوي.
وعلى وقع هذه الظاهرة، ورد يوم أمس نبأ عن إغلاق مركز تجاري كبير في طهران يضم أكثر من 450 وحدة تجارية وغذائية يعمل بها ما يزيد عن 1500 شخص. والسبب وراء هذا التشميع هو عدم الامتثال للقواعد واللوائح المتعلقة باللباس أو عدم الامتثال للحجاب. مسألة خلقت عائقاً وتحدياً لدى الإيرانيين خلال الأشهر السبعة الماضية.
وتسبب تشميع هذه المحال والمراكز في طرح العديد من الخلافات حيال عدم التزام الإيرانيات بالحجاب، من شرعية أو عدم شرعية هذا الإجراء إلى محاولة خلق بلبلة بين الناس وجهاً لوجه بشأن قضية الحجاب الإجباري. والأهم من هذا كله لهذه القضية الشائكة، هو الخسائر الاقتصادية المفجعة التي تلحق بأصحاب الشركات وقطاع التشغيل في ظل الأزمة الحالية التي تعاني منها إيران.
وفي العام الثاني على توليها سدة الحكم، تواجه حكومة إبراهيم رئيسي أزمة في عدم الوفاء بوعودها في مختلف المجالات. كان أهمها والتي اعتبرها رجال دولة رئيسي إنجازاً “خلق مليون فرص عمل”، وهو الأمر الذي شكك فيه العديد من الخبراء على الرغم من المزاعم المتكررة لوزير العمل.
ولكن حتى لو افترضنا أن ادعاءات الحكومة بشأن خلق فرص العمل صحيحة، فمع موجة التشميع هذه والأضرار التي لحقت بقطاع التوظيف، فقد تشهد البلاد موجة بطالة واسعة النطاق. يمكن القول، بعد موجة البطالة التي حدثت في الأشهر السبعة الماضية وبعد انقطاع وصول المواطنين إلى الإنترنت. يبدو أن السياسات الصارمة والضغط على المراكز التجارية والخدمية لن يؤدي إلا إلى تبديد إنجاز الحكومة هذا.
إيران: وفاة مواطنة بعد نزاع بسبب الحجاب وحظر زيارة المتاحف لغير المحجبات
كم عدد المراكز التجارية التي أُغلقت إلى الآن؟
لم يتضح لليوم العدد الدقيق للمراكز والمحال التجارية التي أغلقتها السلطات الحكومية، ولكن من خلال إلقاء نظرة بسيطة على بيانات الجهات الرسمية في هذا الصدد، يمكن مشاهدة الحالة المفجعة التي يعيشها قطاع التوظيف وفرص العمل في إيران.
منتظر المهدي، المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي، أعلن مؤخراً، وبعد يوم واحد من تنفيذ “خطة التعامل مع مخالفي الحجاب“، عن تشميع 156 محل وقاعة وحديقة. فضلاً عن تشميع المركز التجاري الشهير “أوبال” والذي يضم 450 وحدة تجارية وغذائية.
وفي نهاية عطلة العيد، أعلن نائب الرقابة والتفتيش في منظمة الصناعة في محافظة مازندران عن تشميع 338 نقابة بسبب إهمال قضية “العفة والحجاب”. علماً أن هذا الرقم يعود إلى ما قبل تنفيذ خطة الشرطة للتعامل مع الحجاب، ما يعني بالتأكيد زيادة إلى هذا الرقم، لماذا؟ لأن محافظ مدينة آمل على سبيل المثال، أعلن عن تشميع 10 وحدات تجارية في 25 أبريل الحالي في هذه المدينة تماشياً مع تنفيذ خطة تعزيز الضمان الاجتماعي.
ويوم أمس، أعلن قائد شرطة مشهد، عن تشميع 15 وحدة تجارية في هذه المحافظة لعدم التزامها بقانون الحجاب. في قم أيضاً، تم تشميع ثلاث محلات لنفس السبب.
لم يتوقف الأمر هنا، فقد انتشرت أنباء عن تشميع عدة محال تجارية في محافظة غيلان شمال البلاد. كما تم تشميع نادي نسائي ومركز خدمات نفسية ومجمع سكني في مدينة رشت لعدم الالتزام بالحجاب من قبل السيدات. فيما أغلقت السلطات أيضا 5 مراكز تجارية خلال الشهر الماضي في مدينة فومن لذات السبب.
وخلال عطلة عيد النوروز، أعلن رئيس منظمة صناعة غيلان عن تشميع خمس وحدات أخرى في هذه المحافظة. ووفقًا للجهات المختصة، تم إغلاق 45 وحدة في كرمانشاه و80 وحدة تجارية في أذربيجان الغربية أثناء تنفيذ هذه الخطة. وتم تشميع 14 مقهى ومطعمًا في رفسنجان، وسبع وحدات تجارية في سوادكوه، و41 وحدة تجارية في أصفهان، و27 وحدة تجارية في مدينة ري بسبب عدم مراعاة الشعائر الرمضانية، بالإضافة إلى 19 وحدة تجارية في هرمزجان، وثلاثة مقاهي في قشم، ووحدتين تجاريتين في اسفراين، وأربعة في يزد، وأربعة في ورامين وغيرها الكثير تم تشميعها خلال الشهر الماضي.
ورغم مضي 10 أيام على آخر تقرير للشرطة عن إحصائيات الوحدات المشمعة، إلا أن جمع هذه الأرقام معًا يظهر أنه ربما تم تشميع ما يصل إلى 2000 مركز ومحل تجاري وعمالي خلال الشهر الماضي.
وكان مطعم “10forever” الشهير في شمال العاصمة التابع للاعب السابق علي دايي، من بين المراكز والمطاعم التي تلقت إخطارات وتحذيرات في الأيام الأخيرة بشأن مسألة الحجاب، وأيضاً مطعم باب البحر لصاحبه اللاعب علي رضا منصوريان.
وقبل أسبوع کشف رئيس لجنة المجالس في البرلمان الإيراني عن تفاصيل تقرير وزير الداخلية للبرلمان بشأن عملية التعامل مع قضية الحجاب في البلاد.
وقال محمد صالح جوكار، في إشارة إلى اجتماع هذه اللجنة مع وزير الداخلية: “قدم وزير الداخلية أحمد وحيدي، أثناء حضوره في اللجنة البرلمانية، تقريراً عن كيفية تنفيذ خطة العفة والحجاب من قبل الشرطة لنواب البرلمان. وبناء على التأكيد بشأن تقوية البنية الثقافية في مجال العفة والحجاب، فقد ورد في هذا التقرير أنه بدلاً من المواجهة الجسدية، فإن المواجهة الذكية في خطة العفة والحجاب هي على جدول أعمال شرطة البلاد.”
وذكر رئيس لجنة المجالس أنه ورد أيضا في تقرير وزير الداخلية أنه سيتم إلاغلاق المراكز التجارية التي لا يراعى فيها قانون العفة والحجاب، وقال: “بعد استماع تقرير وزير الداخلية حول تنفيذ خطة العفة والحجاب أبدى أعضاء اللجنة دعمهم لتطبيق خطة العفة والحجاب التي أعلنت عنها الشرطة.”
وأضاف جوكار: “أكد وزير الداخلية، في معرض شرحه الترتيبات اللازمة لتنفيذ برنامج العفة والحجاب، أن برامج وزارة الداخلية لها مراحل مختلفة، كالإجراءات الوقائية والتحذيرات اللغوية، بحيث تقل نسبة التظاهر بعدم مراعاة الحجاب، وفي المرحلة الأخيرة يتم اتخاذ الإجراءات القضائية.”
وبعدما عاد الحجاب إلى واجهة السياسة الداخلية الإيرانية مع تصاعد انتقادات المحافظين، بدأت الحكومة تتخذ أساليب جديدة للحد من ظاهرة خلع الحجاب في المجتمع، والتي انطلقت مع الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من احتجازها لدى شرطة الآداب في طهران على خلفية الحجاب.
والسبت، اتّهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي “العدو” بأنه يسعى إلى تحويل الحجاب إلى “قضية أمنية”، بالتزامن مع بدء الشرطة الإيرانية خطة جديدة للتصدي لمظاهر خلع الحجاب في الشوارع الإيرانية.