البلوغ المبكر للفتيان والفتيات في إيران.. الأسباب والتبعات
لطالما كان موضوع "تراجع سن البلوغ" عند الفتيان والفتيات موضع اهتمام علماء النفس والاجتماع والأطباء ووسائل الإعلام والمجلات العلمية خلال السنوات القليلة الماضية.

ميدل ايست نيوز: لطالما كان موضوع “التوقيت المبكر للبلوغ” عند الفتيان والفتيات موضع اهتمام علماء النفس والاجتماع والأطباء ووسائل الإعلام والمجلات العلمية خلال السنوات القليلة الماضية.
وبحسب موقع رويداد 24، تشير نتائج بعض الدراسات التي نشرت في مجلة “إندبندنت” العام الماضي إلى أن الفتيات حول العالم ينضجنّ قبل فترة عام من أوانهنّ مقارنة بما كان عليه الحال قبل 40 عامًا، إذ عادة ما يبدأ سن البلوغ للفتيات بين 8 و 13 سنة، وللذكور بين 9 و 14 سنة.
وأشار رئيس مركز الشباب للسكان وصحة الأسرة والمدارس بوزارة الصحة الإيرانية إلى تراجع توقيت البلوغ لدى الفتيان والفتيات في البلاد، وقال: “ليس لدينا إحصاءات دقيقة جديدة. ولكن بالنظر إلى مجرى التطورات الاجتماعية، يبدو أن سن البلوغ في البلاد آخذ في التراجع”. وأردف: “بناء على استطلاعات سابقة تبين أن سن البلوغ عند الفتيات هو 12.8 سنة”.
وأكد علي رضا تبريزي، (خبير في علم نفس واستشاري ومحاضر في مجال علم النفس)، أن سن البلوغ قد بدأ يتناقص في دول مختلفة من العالم ولم ينفرد بإيران، وقال: “لقد حدث هذا الأمر مراراً عبر التاريخ وليس بالشيء المستجد. حيث كان سن البلوغ أقل بكثير منذ مئات السنين، ومع مرور الوقت زاد وعاد للتناقص مرة أخرى. إذ يمكن أن يكون للتغيرات المناخية والتطور التكنولوجي السبب وراء هذه الظاهرة، فضلاً عن انتشار خدمات الإنترنت، وتغيير نمط الحياة، وعوامل أخرى لا تتعلق بالضرورة بالقضايا النفسية”.
وأضاف: “سجلت إيران أعلى سن بلوغ للآباء في فترة السبعينات والثمانينات. لدرجة أن العديد من الأشخاص الذين ولدوا في هذين العقدين كانوا ينضجون خلال فترة المدرسة الثانوية، إلا أن سن البلوغ الآن عاد للتناقص مرة أخرى. في الحقيقة، ليس لدينا عمر محدد للبلوغ لنقول إنه 11 أو 12 عامًا فقط. ولكن يمكن القول، إن سن البلوغ للفتيات في إيران بشكل رئيسي يحدث في الصف الخامس أو السادس أو السابع (من 11 إلى 13 عامًا) ويحدث سن البلوغ للأولاد في الصف السادس أو السابع أو الثامن (من 12 إلى 14 عامًا)”.
وأردف تبريزي: “من أهم تبعات البلوغ المبكر هي الأمور الجنسية التي تدخل حياة الفتيان/ات في وقت أبكر مما ينبغي عليه، وقد زاد من قوة هذا الأمر القفزات التكنولوجية السريعة وانتشار الإنترنت بيد الصغير والكبير”.
وقال هذا الخبير: تؤدي تلك الأمور لسعي الطرف البالغ بالانجذاب إلى الجنس الآخر في سن مبكرة، وقد يرغب في خوض تواصلات عديدة معه، أو حتى مجرد الرغبة في تلقي كم كبير من المعلومات، والتي يمكن لوحدها أن تسبب مشاكل كبيرة للآباء والمجتمع بأسره. للأسف، لم يتلق العديد من الآباء تدريبًا كافيًا على كيفية التعامل مع صبي أو فتاة على وشك البلوغ. في حين أن أهم منقذ هو تدريب الوالدين والمجتمع على التواصل الفعال والبناء مع المراهقين”.
وأكد هذا الباحث على دور الإعلام (المحلي والأجنبي) والإعلانات والتقنيات الجديدة كعامل فعال في البلوغ المبكر، وقال: “لا يتم إنتاج العديد من الأفلام والرسوم المتحركة وفقًا لثقافة المجتمع. إذ تنتج الشركات العالمية العديد من برامج الرسوم المتحركة للأطفال دون سن العاشرة، وتغرقها بالمشاهد الجنسية وما إلى ذلك، لزيادة مبيعاتها وكسب الأرباح، إلا أن آثار محتواها تبقى في ذهن الطفل وسلوكه”.
من جانبه، قال غفور شيخي، خبير في علم الاجتماع وباحث اجتماعي وأستاذ جامعي: “وضع العديد من الأباء والأمهات هاتفاً ذكياً في متناول يد أبنائهم خاصة بعد وباء كورونا وتحت ذريعة دورات تدريبية عبر الإنترنت، وأيضًا بعد حظر شبكات التواصل الاجتماعي في إيران، وهو ما عرضهم لساحة المحتوى غير المناسب لسن الأطفال والمراهقين، مما كان له بطبيعة الحال آثاره السلبية عليهم”.
وتختلف آراء الخبراء حول تأثير مكان الإقامة على سن البلوغ. تبريزي، الخبير في علم النفس، رد على سؤال حول ما إذا كانت الجغرافيا ومنطقة المعيشة يمكن أن تؤثر على تراجع أو تقدم سن البلوغ، قال: “لا توجد إحصائيات دقيقة على مستوى البلاد لتحديد الفروق مثلاً بين متوسط سن البلوغ في المحافظات الجنوبية مقارنة بالمقاطعات الشمالية، وما إذا كان هناك اختلاف على الإطلاق أما لا”.
وأضاف: “لم يتم تسجيل هذه المسألة في السجلات الطبية للأفراد المعنيين. الإحصاءات التي نقدمها نحن خبراء علم النفس هي في الغالب إحصاءات ميدانية أو عن المجتمع الذي نجري الدراسات عليه”.