هل نضجت وساطة عُمان لإعادة العلاقات بين مصر وإيران؟

قال المكتب الإعلامي للمرشد الإيراني الأعلى إن سلطان عُمان نقل لطهران رغبة مصر في استئناف العلاقات.

ميدل ايست نيوز: حملت تغريدة المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، أواخر مايو الجاري، بشأن ترحيبه بتحسين العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، تكهنات حول تطور في الأفق بعلاقات البلدين، بالتزامن مع “أجواء التقارب” في المنطقة خصوصاً بين بلاده والسعودية.

ولا يعرف إن كانت سلطنة عُمان تقوم بوساطة من أجل تحقيق التقارب بين مصر وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، خاصة أن السلطان هيثم بن طارق زار القاهرة قبل أسبوع من زيارته لطهران والتقى رئيسها عبد الفتاح السيسي حيث أجرى معه لقاء مغلقاً.

من هنا تبرز عدة تساؤلات حول إمكانية أن تكون سلطنة عُمان وسيطاً محتملاً، وأسباب رغبة طهران في التقارب مع القاهرة، وفرص التحسين الفعلي للعلاقات بينهم، والعقبات التي تقف في طريق ذلك؟

ترحيب إيراني

عقب ختام زيارة قام بها سلطان عُمان هيثم بن طارق (29 مايو 2023) إلى طهران، قال المكتب الإعلامي للمرشد الإيراني الأعلى إن سلطان عُمان نقل لطهران رغبة مصر في استئناف العلاقات.

وفي 30 مايو، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي، أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كلف وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان بـ”متابعة جادة” لاستئناف العلاقات مع مصر.

وأضاف بهادري جهرمي، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، أن “الحكومة الإيرانية على استعداد لاستئناف العلاقات مع مصر وتوطيدها”، مشيراً إلى أن هذا التكليف جاء بعد تصريحات المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي خلال لقاء سلطان عُمان.

واختتم السلطان هيثم زيارة لإيران استمرت يومين بلقاء المرشد علي خامنئي في مكتبه بحضور الرئيس الإيراني، وجاءت بعد أيام من زيارة مماثلة أجراها للقاهرة في 21 مايو، وكانت الأولى أيضاً منذ توليه مقاليد الحكم عام 2020.

حسب ديوان البلاط السلطاني فإن الزيارة إلى طهران تأتي في إطار استمرار التشاور والتنسيق بين القيادتين، لبحث مختلف التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.

وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، قد أعلن دعمه لنهج حكومة إبراهيم رئيسي بالتقارب مع دول الجوار والدول الإسلامية البعيدة، بالإضافة إلى دول تشارك طهران في التوجهات.

ومثل الاتفاق السعودي الإيراني، الذي أعلن في مارس الماضي برعاية صينية، نقطة تحول في علاقات بعض دول المنطقة مع طهران، حيث بدأ الحديث عن تذويب الخلافات وبدء مرحلة جديدة من التعاون بين دول في المنطقة.

حديث سابق.. وخطوة مصرية

في يوليو 2022، قال موقع “المونيتور” الأمريكي إن زيارة كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري، لسلطنة عُمان تأتي على خلفية تقارير تحدثت عن أن مسقط كانت تتوسط وتقيم اتصالات بين إيران ومصر.

وأشار إلى أن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في مطلع ذات الشهر، أكد أن هناك جهوداً مبذولة لعودة العلاقات المصرية الإيرانية إلى حالة طبيعية، مضيفاً أن “مثل هذا التقدم سيخدم مصالح البلدين”.

وفي نوفمبر من ذات العام التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “بشكل عابر” بوزير الخارجية الإيراني، على هامش مؤتمر “بغداد 2” الذي أقيم في الأردن، وأعقب ذلك إعلان الوزير الإيراني أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اقترح إطلاق حوار مصري – إيراني.

وفي أبريل الماضي، أعلنت وكالات عراقية وجود وساطة عراقية وعُمانية لإعادة العلاقات بين مصر وإيران، ناقلة عن مصدر دبلوماسي وصفته بالرفيع المستوى في القاهرة، قوله: إنه “برغم ترحيب مصر بتلك الوساطة وخاصة العراقية حيث يرتبط البلدان بعلاقات خاصة، إلا أن القاهرة تراقب التطورات في المنطقة”.

وفي الشهر ذاته، قالت الخارجية الإيرانية إنها ترحب بـ”أي تطور إيجابي وإلى الأمام في تعزيز العلاقات بين شعبي إيران ومصر”، نافية فرض أي قيود على سفر المواطنين المصريين إلى بلادها، “ومرحبة بأي انفتاح من جانب مصر في هذا الشأن”.

وقبل ذلك، وتحديداً في نهاية مارس (2023)، أعلنت مصر أنها ستسمح للإيرانيين الوافدين ضمن مجموعات سياحية بالحصول على تأشيرات عند الوصول، ولكن إلى جنوب سيناء (البعيدة عن القاهرة والمدن الأخرى المكتظة بالسكان) فقط، في خطوة تمهيدية لبحث إمكانية السماح لهم بزيارة أماكن أخرى في البلاد.

اتفاق لعلاقات تدريجية

يرى المحلل السياسي المصري قطب العربي، أن مثل هذه الوساطات التي تخص علاقات معقدة “لا تعلن نتائجها إلا بعد التيقن من قبول الأطراف”.

ويؤكد أن التحركات العُمانية وإبداء الرغبة من الجانبين “لا يعني بالضرورة حسم جميع الأطراف موافقتهم على إنهاء الخلافات”.

لكنه يعتقد بـ”وجود اتفاق على بدء تدريجي للعلاقات بين القاهرة وطهران”، مشيراً إلى أن ذلك “منهج مصري قديم مع إيران”.

ويوضح قائلاً: “تحديداً منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات حينما قطعت مصر العلاقات مع إيران من جانبها بعد الثورة الإيرانية، وظلت تتخوف من فكرة تصدير الثورة، ومن فكرة أن السماح بإقامة علاقات سيسمح لإيران بزراعة مجموعات تابعة لها في مصر”.

وأضاف: “تم فعلاً القبض على بعض المجموعات التي تبشر بالمنهج الشيعي في عهد مبارك، ومع ذلك نجحت جهود عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، في فتح جزئي للعلاقات بالاتفاق على قائم بالأعمال في سفارة كلا البلدين ثم تطورت العلاقات نسبياً بعد ثورة يناير 2011”.

لكن العلاقات، حسب العربي، “عادت للتوتر مجدداً عقب قتل الداعية الشيعي حسن شحاتة على يد بعض المواطنين عام 2013”.

ويلفت، في حديثه، إلى أن “طهران حاولت تحسين علاقاتها مع مصر كثيراً في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن الخوف القديم منها عائد إلى السلطات في مصر، حتى نجحت الوساطة العُمانية في تحريك الأمر مجدداً”.

عقود من التوتر

على مدار عقود كانت التوترات هي السمة الغالبة للعلاقات بين مصر وإيران، فمع ثورة يوليو 1952، سادت علاقة شديدة التوتر مع شاه إيران محمد رضا بهلوي الذي كان يمتلك علاقة نسب مع الأسرة الحاكمة السابقة في القاهرة.

كما كانت علاقة النظام الحاكم في إيران آنذاك قوية بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما سبب شقاقاً كبيراً في العلاقة مع مصر جمال عبد الناصر على خلفية الصراعات بالمنطقة.

وبعد رحيل عبد الناصر عام 1970، تقلصت التوترات مع وصول السادات إلى الحكم وتوجهه إلى المعسكر الغربي، والبدء بالتعاون مع الشاه.

لكن، ومع إطاحة الثورة الإيرانية بنظام شاه إيران عام 1979، ولجوء الأخير إلى مصر، توترت العلاقات بشدة بين القاهرة والنظام الجديد في طهران، لدرجة تسمية شارع في العاصمة الإيرانية باسم خالد الإسلامبولي، أبرز منفذي اغتيال السادات في أكتوبر 1981.

وفي عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، بدأت العلاقات التحرك نسبياً إلى الأمام، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، لكن الأمر لم يصل أبداً إلى الاستئناف الكامل حتى الآن.

ومع وصول الرئيس الراحل محمد مرسي إلى الحكم في أعقاب ثورة يناير 2011، بدا أن طهران والقاهرة في طريقهما إلى نسج علاقات دافئة أخيراً، خصوصاً بعد زيارة الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى طهران عام 2013 لحضور القمة الإسلامية.

كما زار الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد مصر، وتفقد مسجد الحسين في القاهرة، وهو أحد أبرز المزارات التي يقصدها الشيعة، وواجهت زيارته انتقادات قوية آنذاك من معارضي مرسي.

لكن سرعان ما انتهت توقعات التقارب الشديد بانقلاب الجيش المصري عام 2013 على مرسي، ووصول السيسي إلى السلطة، ليعود “الحذر” مرة أخرى إلى العلاقات.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى