قلق في إسرائيل من تفاهمات وشيكة بين واشنطن وطهران
تقول مصادر أمنية إسرائيلية إن التفاهمات بين واشنطن وطهران باتت وشيكة، وإنها تبدو للوهلة الأولى تجميدا للمشروع النووي الإيراني مقابل الإفراج عن أموال محجوزة وتقليص العقوبات.
ميدل ايست نيوز: على خلفية لقاء وزيري الدفاع الأمريكي والإسرائيلي، لويد أوستين ويوآف غالانت قبل أيام في بروكسل، تقول مصادر أمنية إسرائيلية إن التفاهمات بين واشنطن وطهران باتت وشيكة، وإنها تبدو للوهلة الأولى تجميدا للمشروع النووي الإيراني مقابل الإفراج عن أموال محجوزة وتقليص العقوبات.
وتعرب هذه المصادر عن قلقها من هذه التفاهمات، وتقول إن اتفاقا جيدا يفترض أن يعيد هذا المشروع النووي للوراء بدلا من “تجميد الوضع”.
وكان غالانت وأوستين قد التقيا داخل السفارة الأمريكية في بروكسل، وتداولا في دفع التنسيق الأمني والعسكري بين الجانبين في الشأن الإيراني. وبحسب مصادر إسرائيلية، لم يكن اللقاء هذه المرة عاما، بل تناول تفاصيل التفاهمات الوشيكة بين واشنطن وطهران.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، تسعى الولايات المتحدة لاتفاق “غير رسمي وغير مكتوب” مع إيران بهدف منع التصعيد، وفيه تلتزم طهران بعدم تخصيب اليورانيوم بما يتعدى نسبة الـ60% وعدم بيع صواريخ متطورة لروسيا.
في المقابل، تمتنع الولايات المتحدة عن تصعيد العقوبات ضد إيران، وتفرج عن مقدّرات إيرانية محجوزة بقيمة مليارات الدولارات. واتفق الوزيران على زيادة التدريبات العسكرية المشتركة في الشرق الأوسط، وعلى زيادة التعاون الاستخباراتي وبالأساس مقابل إيران.
وقبل أيام، نفى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، التقارير عن وجود اتفاق وشيك بين واشنطن وطهران، وقال: “شاهدنا بعض التقارير الإعلامية تتحدث عن اتفاق مع إيران حول مشروعها النووي، وهذا غير دقيق وغير صحيح”.
ومع ذلك، تقول مصادر أمنية إسرائيلية عليا لموقع “واينت” إن الاتفاق فعلا قريب، وتابعت: “نحن خارج المداولات ولايوجد هناك تنسيق مع إسرائيل، لكننا مطلعّون على صورة الوضع. هذا تجميد للخطة النووية الإيرانية مقابل الإفراج عن أموال محتجزة. هذا لا ينجسم مع موقفنا ونحن نعارض هذا الأمر. إسرائيل غير معنية بأي اتفاق لا يدفع نحو تفكيك كافة القدرات الإيرانية. اتفاق جيد ينبغي أن يعيد إيران للوراء بدلا من تجميد أو تأجيل الخطة قليلا”.
السعودية إيران
بالتزامن، تشير مصادر إسرائيلية إلى تطورات سلبية تتمثل بتسخين إضافي للعلاقات بين طهران والرياض، وذلك بعدما قام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بزيارة العاصمة الإيرانية، في ذروة التطبيع بين البلدين. كما تشير المصادر الإسرائيلية بقلق للتقارب الحاصل بين إيران ومصر، وتعتبره تطورا سلبيا وخطيرا بالنسبة لإسرائيل.
وبخلاف الماضي، يتحاشى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مهاجمة الإدارة الأمريكية رغم معارضته الشديدة للتفام الوشيك بين واشنطن وطهران. وطبقا لصحيفة “هآرتس” العبرية، فإن نتنياهو يحتاج جو بايدن من أجل التقدم بالتطبيع مع السعودية، ولذلك يتصرف بحذر ولا يهاجمه بالملف الايراني. كذلك ترى “هآرتس” أنه من خلف التوجه الحذر لنتنياهو، تقف أيضا رغبته بتلقي دعوة لزيارة البيت الأبيض، علاوة على الرغبة الجامحة في إحراز تقدم على المسار السعودي.
رغبة السعودية بطاقة نووية لأغراض مدنية
وهذا ما تراه أيضا صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية التي تعتبر أن “الصمت المدوي لنتنياهو وعدم مهاجمة الولايات المتحدة الآن بسبب الاتفاقات مع إيران، على عكس أيام الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، مردّه حسابات تتعلق به شخصيا. وتقول “يديعوت أحرونوت” أيضا إنه بينما يتم توجيه الاهتمام الإسرائيلي لمؤامرات عضو الكنيست من “الليكود” تالي غوتليب في إطار الصراعات الإسرائيلية الداخلية حول خطة الإصلاحات التشريعية، يحدث منعطف تاريخي في الشرق الأوسط.
وعن ذلك تتابع الصحيفة العبرية بالقول: “وفقا للتقارير المستمرة، توصلت واشنطن وطهران أو على الأقل على وشك التوصل إلى اتفاقات بشأن البرنامج النووي. وهي صفقة تشمل موافقة أمريكية لتخصيب اليورانيوم الإيراني إلى مستوى 60% ، وضخ مليارات الدولارات إلى الجمهورية الإسلامية”. وتنبه “يديعوت أحرونوت” أيضا أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأن السعودية تطلب تخصيب اليورانيوم لأهداف مدنية. وتستذكر قول صحيفة “نيويورك تايمز” إن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن تحدث مع نتنياهو وأعلمه بالشروط السعودية لتطبيع العلاقة مع إسرائيل.
وتنقل “يديعوت أحرونوت” عن مصادر أمريكية قولها إن “المحادثات مع إيران تحصل لتجنب الصراع مع إسرائيل، وتجري إدارة بايدن محادثات مع إيران للحد من البرنامج النووي الإيراني. واستذكرت ما أوردته وكالة رويترز بأنه سيتم عرض الإجراءات على أنها توافقات أو تفاهمات لتجنب الحاجة لعرضها على الكونغرس للمصادقة عليها”.
قلق من مكان آخر
من جهته، يرى المحلل الإسرائيلي الخبير بالشؤون الاستخباراتية، رونين برغمان، أن التفاهمات الوشيكة بين واشنطن وطهران، عبارة عن “اتفاقية السلام مع قنبلة موقوتة”.
ويضيف في مقال نشرته “يديعوت أحرونوت” اليوم: “هكذا يعمل بايدن بين السعودية وايران من أجل إرضاء إسرائيل بإمكانية افتراضية مستقبلية لتعزيز التطبيع مع السعودية مقابل التوصل لتفاهمات مع إيران”.
في المقابل أيضا، وضمن تقرير نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية، أعرب أحد قادة جيش الاحتلال عن قلق إسرائيل من خطر وصول إسلحة تلقتها أوكرانيا من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إلى إيران.
وأشار الضابط الإسرائيلي الرفيع، إلى إمكانية قيام الروس بنقل الأسلحة التي تم اغتنامها خلال المعارك الى نظام إيران، ضمن العلاقات العسكرية الوثيقة بين موسكو وطهران.
وقال الضابط الكبير المذكور إنه يمكن أن يمثل الموقف فصلا آخر من تحويل شحنات الأسلحة الأمريكية، وتمكين خصوم إسرائيل والولايات المتحدة في منطقة مضطربة أخرى، بينما ينصب تركيز الحكومات الغربية على الصراع المتقلب خارج أوروبا الشرقية.
الضابط الإسرائيلي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، قال أيضا إن تحويل الأسلحة، مثل نظام الصواريخ المضادة للدبابات جافلين، والذي يُطلق من الكتف، تتم مراقبته من قبل القوات شبه العسكرية العاملة على مراقبة الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي الأثناء، من المفترض أن تصل مساعدة وزير الخارجية الأمريكية هذا الأسبوع إلى إسرائيل والأردن، لتلتقي مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وأردنيين.