من أخصائية التجميل إلى السباك… كيف أصبح العراق وجهة عمل مرموقة للإيرانيين؟
إن مسألة إيفاد القوى العاملة إلى العراق قضية تعود إلى أمدٍ بعيد، إلا أنها اشتدت مؤخراً مع ارتفاع سعر الدولار.
ميدل ايست نيوز: زادت في الآونة الأخيرة موجات هجرة الطلاب والأطباء والمتخصصين الإيرانيين إلى دول الخليج وأوروبا وأمريكا، وتزامناً مع هذا، حظيت “صادرات” العمالة العادية والماهرة بنصيب مرموق في هذه القائمة.
تستحوذ محافظة خوزستان على نُزرٍ يسير من معدلات الهجرة هذه، إذ يمكن لصاحب/ـة أي مهنة ومهارة في خوزستان “من أخصائي التجميل إلى السباك والدهان” التوجه إلى البصرة مثلاً والعمل هناك والتواجد في منزله بعد الظهر أو في العشية، بدلاً من رفع درابية متجره في الصباح الباكر ومزاولة عملٍ شاق وبأجر بخس.
منذ أمد بعيد وإلى اليوم، يطالب نشطاء إيرانيون ينتمون لمختلف القطاعات من غرفة التجارة الإيرانية بتسهيل الطرق والإمكانات أمام الأعمال التجارية في إيران، إلا أن هذا الأمر لم يكن جلياً ما أجبرهم على الذهاب إلى العراق التي قدمت لهم أجوراً وحقوقاً أعلى.
وبحسب المعلومات التي قدمتها وكالات التوظيف، فإن متوسط الراتب في العراق يصل إلى 675 ألف دينار عراقي أي ما يعادل 460 دولاراً شهرياً. كما أن متوسط الدخل الشهري للمحاسب مليون و392 ألف دينار، والمهندس 5 ملايين و323 ألف و497 دينار، ومدير المشاريع 6 ملايين و120 ألفاً و195 ديناراً، ومهندس المواقع الإلكترونية 2 مليون و307 ألف و935 ديناراً، وفرص العمل المرتبطة بالنفط والغاز 6 ملايين و207 آلاف و541 دينار، والمهندس المدني نحو 2 مليون و937 ألف و510 دينار.
أبناء بوشهر وآبادان وخرمشهر أو بالأحرى كل من يقطن جنوب إيران كان لهم يوم ما نسيب وقريب يعمل في الكويت. يقول أهالي تلك المناطق إن الكويت لم تعد وجهة عمل مرموقة بالنسبة لهم كالسابق. يذكر السيد عدنان، وهو أحد أنباء هذه المناطق، أن عمان اليوم مزدهرة وتستقطب العديد من القوى العاملة، لكن تبقى العراق في مقدمة وجهاتنا. وفقاً لهذا السيد، فإن صديقه يتقاضى بين مليون إلى مليون و500 ألف “يومياً” لأعمال البناء والسباكة، حيث يعمل في العراق لمدة 25 يوماً في الشهر.
يسهل السفر بالنسبة لأهالي جنوب إيران إلى العراق، إذ يمكنهم التوجه إلى هذه الجارة عبر طريق خرمشهر في الصباح ليعودوا في المساء إلى منازلهم. مسافة قصيرة لا تتجاوز الـ 20 كم يقطعها هؤلاء بالسيارة. إلى جانب هذا كله، كثير منهم لا يعاني من مشاكل مع اللغة المضيفة، وذلك نظراً لكونهم إما ناطقين بالعربية أو عاشوا لفترات في محيط وبين العرب.
على سبيل المثال، نُشر مؤخراً أن مركزاً إيرانياً للجراحة التجميلية يحتاج إلى مترجم للغة العربية يعيش في خوزستان، ليقدم خدماته للزبائن العرب الذين يترددون إلى هذا المركز. يبدأ العمل من الساعة 7 صباحاً حتى 6 مساءً ويقدم له مأوى ليبات فيه. ويشترط الإعلان أن لا يتجاوز سن المتقدم للعمل الـ 35 سنة براتب شهري قدره 600 دولار.
تقول السيدة زهراء، وهي ناشطة في قطاع البناء في العراق، بأن العراقيين يدفعون المبالغ المتعاقد عليها بالكامل في المراحل الأولى وفي الوقت المحدد، ويضطرون إلى تقديم نصف المبلغ في المرحلة الثانية، إلا أنهم يعوضون المبالغ المتراكمة في الدفعات اللاحقة.
عادة ما يكون هناك وسيط عراقي أو عماني بين العقود الكبيرة حيث لا يستثمر أي رأس مال، لكنه يسد الفجوة بين المنتجين والشركات المضيفة من أجل إبرام عقود البيع ويحصل على نسبة مئوية مقابل ذلك. وبمرور الوقت يحاول هذا الوسيط بذل قصارى جهده لمضاعفة هامش ربحه.
من الجدير بالذكر أن مسألة إيفاد القوى العاملة إلى العراق قضية تعود إلى أمد بعيد كما ذكرنا، إلا أنها اشتدت مؤخراً مع ارتفاع سعر الدولار.
السيدة سعيدة، وهي متخصصة “وشوم ومكياج”، اختارت العمل في البصرة نظراً لعدد السيدات الكبير في هذه المحافظة ورخص نفقات السفر التي لا تتجاوز الـ 500 تومن. ومع أن هذه السيدة التحقت مؤخراً بالسوق العراقية التي هيمن عليها الروس والأتراك، إلا أنها تقول “إن الفرصة لم تفتها بعد”.
تسافر الكثير من السيدات العراقيات إلى إيران للقيام بعمليات التجميل أو لتلقي دروس من المختصين في هذا المجال، الأمر الذي أتاح للسيدة سعيدة وغيرها المجال لإجراء دورات تدريبية بالتعاون مع دائرة الفنون العامة في العراق، إلا أن المطبات أعاقت طريقها ولم تتلق دعماً من الجهات الإيرانية التي لا تؤهل الظروف بسهولة للقيام بهذه النشاطات في البلاد.
يشار إلى أن أسعار الخدمات في العراق تضاهي شبيهتها في الأهواز بضعف إلى ثلاثة أضعاف، بمعنى، حتى لو تم دفع العمولة إلى وسيط، فإنها لا تزال اقتصادية ومربحة بالنسبة لأصحاب المهن. وقد تختلف طريقة الحساب بعض الشيء في البصرة، إذ يدفع الزبائن بالدينار في المناطق المتوسطة والدولار في المناطق الغنية.
إقرأ أكثر