انقسام في إسرائيل بشأن محادثات الملف النووي الإيراني

أي اتفاق يتم التوصل إليه، إذا لم يمنع إيران من الاقتراب من السلاح النووي، سيكون أسوأ من وضع لا يوجد فيه اتفاق.

ميدل ايست نيوز: تشهد إسرائيل حالة من الانقسام إزاء الملف النووي الإيراني، حتى أنه طال الحكومة والجيش وأروقة الاستخبارات، فيما كانت وسائل الإعلام تركز على وجود خلاف أميركي إسرائيلي في الملف الذي يجري التفاوض حوله بين القوى العظمى وإيران في فيينا.

وحسب تقرير لقناة “الشرق” يتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت موقفاً مشابهاً لما كان عليه سابقه بنيامين نتنياهو من حيث التشدد تجاه الملف النووي الإيراني والذي يقوم في مجمله على أنه من الأفضل عدم التوقيع على أي اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، بل ويجنح إلى التفكير في توجيه ضربة عسكرية تجهض مخططات طهران.

وأسهب بينيت في توضيح وجهة نظره، خلال حديثه الهاتفي مع الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، داعياً الولايات المتحدة إلى عدم التوقيع على أي اتفاق مع الإيرانيين، مرجحاً أنه “لن يحدث أي شيء”، بحسب ما نقله موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي، وصفه بأنه “رفيع المستوى ومطلع على ما دار في المحادثة”.

وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن المكالمة استمرت 30 دقيقة، واتسمت بالود ودفء المشاعر، وأضافوا أن بايدن وبينيت تبادلا النكات خلال المكالمة، لافتين إلى أن نغمة الحديث وأسلوبه خلال المكالمة كان مختلفاً تماماً عما كان يجري في المكالمات الهاتفية، التي كانت تجري بين الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو عند الحديث في الملف النووي الإيراني. وأكدوا أنه على الرغم من ذلك، كان الخلاف بين بايدن وبينيت واضحاً تماماً.

ونقل “والا” عن المسؤولين أنفسهم قولهم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال للرئيس الأميركي إن الولايات المتحدة ليست مضطرة للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، مرجحاً فشل المفاوضات الجارية في العاصمة النمساوية فيينا.

كما أشار بينيت إلى أنه لن يحدث تصعيد متعلق بالبرنامج النووي الإيراني أو تندلع حرب إقليمية كما يدعي مسؤولون بالإدارة الأميركية.

واستند رئيس الوزراء الإسرائيلي في دفاعه عن موقفه على القول بأن الإيرانيين سيحصلون بهذا الاتفاق في حالة التوقيع عليه على أكثر بكثير مما سيعطون، وأن مكاسب الولايات المتحدة وبقية الدول العظمى المشاركة في المفاوضات لن تكون ذات أهمية بقدر كافٍ.

وحذر بينيت من أنه مقابل إعادة القيود على البرنامج النووي الإيراني لمدة 3 أو 5 سنوات، سيجني الإيرانيون مليارات الدولارات التي سيخصصونها، برأيه، لتعزيز قدراتهم العسكرية وتغلغل أذرعهم في المنطقة.

رئيس الأركان مع بينيت

يتخذ رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي موقفاً مماثلاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت.

ويرى كوخافي أن العودة للاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 أو حتى التوقيع على اتفاق مشابه هو “أمر سيء وغير صحيح”، على حد قوله في كلمته التي ألقاها بمؤتمر مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.

ويشدد كوخافي على أن “إيران اليوم ليست كإيران عام 2015″، لافتاً إلى تعرضها لضغوط سياسية واقتصادية ثقيلة للغاية، تتضمن المعاناة من وطأة العقوبات المفروضة عليها وتفاقم الغلاء والبطالة وتزايد السخط الشعبي.

واعتبر أن أي أمر يزيل هذه الضغوط سوف يمنح نظام طهران الفرصة لالتقاط الأنفاس ليعاودوا بعد ذلك انتهاك الاتفاق، وفقاً لما أوردته صحيفة “يسرائيل هايوم”.

وأعلن رئيس الأركان الإسرائيلي أنه أصدر تعليماته للجيش الإسرائيلي من أجل إعداد خطط تفصيلية لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، لافتاً إلى أن قرار التنفيذ سيكون رهناً بالقيادة السياسية لإسرائيل.

وزير الدفاع ضد رئيس الأركان

في المقابل، يقف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس على الطرف الآخر تماماً من وجهة نظر بينيت، فيرى أن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، ولو لعدة سنوات فقط، يخدم المصالح الإسرائيلية أكثر من استمرار الوضع الحالي، الذي يسمح لإيران بالمضي قدماً في برنامجها النووي دون قيود، بحسب صحيفة “معاريف” الإسرائيلية.

وكان جانتس قال في مقابلة خاصة مع مجلة “فورين بوليسي” إن إسرائيل “يمكن أن تتعايش مع اتفاقية نووية جديدة”، على عكس الخط الذي قادته الحكومة السابقة بقيادة بنيامين نتنياهو الذي عارض بشدة عودة الولايات المتحدة لأي اتفاق مع إيران.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن “نهج الإدارة الحالية هو إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الصندوق”، مضيفاً: “أوافق على ذلك، لكننا نود أن نرى الخطة ب في نفس الوقت، من ضغوط اقتصادية شديدة إذا فشلت المحادثات”.

وألمح كذلك إلى أنه حتى لو لم تنجح الضغوط الاقتصادية، فإن لدى إسرائيل خيار القيام بعمل عسكري ضد طهران.

ورد زعيم المعارضة ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بالقول: “من الواضح الآن سبب تعهد بينيت بعدم العمل ضد عودة إيران للاتفاق النووي، فجزء كبير من حكومته تؤيد عودة إيران إلى الاتفاق”.

ومع ذلك أعرب جانتس عن شكوكه في أن الجهود الدبلوماسية ستؤدي إلى تغيير في إيران، لكنه أشار إلى أن طريقة تحقيق ذلك هي التعاون بين القوى التي وقعت الاتفاق النووي في عام 2015، مع التركيز بشكل خاص على الصين، التي وقعت اتفاقية استراتيجية مع طهران العام الماضي.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي: “نحتاج إلى ربط الصين بهذه الخطوة”، في إشارة إلى الضغوط اللازم فرضها على إيران.

رئيس “أمان” ضد رئيس الموساد

ويتفق رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) أهارون حاليفا (وهو من أصول مغربية)، مع وزير الدفاع بيني جانتس في الموقف من الملف النووي الإيراني، ما يعني أنه يعارض رئيس الحكومة نفتالي بينيت.

ويرى حاليفا أن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، ولو لعدة سنوات فقط، تخدم المصالح الإسرائيلية أكثر من استمرار الوضع الحالي الذي يسمح لطهران بالمضي قدماً في برنامجها النووي دون قيود، بحسب ما أورده موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي.

وقال حاليفا، في اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، الشهر الماضي، إن العودة إلى الاتفاق النووي ستشدد القيود المفروضة على البرنامج، “وهذه القيود لن تكون موجودة إذا لم يكن هناك اتفاق”.

وبحسب وزيرين حضرا هذا الاجتماع، قال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية هذا الكلام رداً على الموقف الذي عرضه رئيس الموساد دادي برنيع على المجلس الوزراي الأمني السياسي المصغر، ضمن التقدير السنوي للموساد.

وأعرب برنيع عن موقف مناقض لرئيس الاستخبارات العسكرية، فقال إنه لا يؤيد العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، لكنه أكد أن الوقت ما زال سانحاً للضغط على الولايات المتحدة في كل ما يتعلق ببنود هذا الاتفاق في حالة التوصل إليه.

توصية بتجهيز الخيار العسكري

وجاء في وثيقة التقييم الاستراتيجي السنوي التي أعدها معهد دراسات الأمن القومي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب للعام 2022، جاء التأكيد على وجود صعوبة إسرائيلية داخلية في التعامل بمفردها مع مجموعة التحديات التي يفرضها السلوك الإيراني.

وأكدت الوثيقة حاجة إسرائيل الشديدة لتعميق التنسيق والعلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا بين إيران والقوى العظمى.

ويعتقد باحثو المركز الإسرائيلي أن جميع السيناريوهات المحتملة في سياق مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، سواء كانت اتفاقية جزئية أو خلط مطول أو حتى تفجير المحادثات، كلها سيئة بالنسبة لإسرائيل، لكنهم حذروا من أن أية معارضة إسرائيلية لاتفاق تتوصل إليه الدول العظمى مع إيران سوف يعرض تل أبيب لعزلة دولية ويظهرها بمظهر من لا يمتلك سوى الخيار العسكري للتعامل مع الأزمة.

ومع ذلك، شددت الوثيقة على أن أي اتفاق يتم التوصل إليه، إذا لم يمنع إيران من الاقتراب من السلاح النووي، سيكون أسوأ من وضع لا يوجد فيه اتفاق، وتضمنت في النهاية توصية بالإعداد لخيار عسكري.

ويبدو أن هذا الخلاف لا يقف عند المسؤولين والقادة العسكريين وحسب، وإنما يمتد إلى الشارع الإسرائيلي. فقد كشف استطلاع للرأي أن 23% فقط من الإسرائيليين يرون أن إيران النووية تشكل خطراً بالغاً ووشيكاً على إسرائيل.

وقال 45% فقط من الإسرائيليين ممن شاركوا بالاستطلاع، الذي أجراه مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أنهم يعتقدون بقدرة إسرائيل على منع إيران من الحصول على قدرات نووية، مقابل 34% يعتقدون إن بلادهم لا تقدر على ذلك أصلاً، بينما قال 21% إنهم لا يعرفون ما إذا كانت إسرائيل قادرة على ذلك أم لا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى