وزارة الاقتصاد الإيرانية تستولي على أسهم بنك محلي.. فساد أم إفلاس؟
قالت تقارير إيرانية إن الخسائر المتراكمة لبنك "آينده" الإيراني بلغت قرابة 100 تريليون تومان حتى عام 2022.
ميدل ايست نيوز: قالت تقارير إيرانية إن الخسائر المتراكمة لبنك “آينده” الإيراني بلغت قرابة 100 تريليون تومان حتى عام 2022، الأمر الذي أجبره على تفويض 60% من أسهمه لوزارة الاقتصاد، علماً أن هذا الأمر لو تم التطرق إليه في عام 2018، لكان هذا البنك قد تفادى نحو 87 تريليون تومان من هذه الخسائر. وهنا يطرح سؤالٌ نفسه، كيف استطاع بنك آينده مواصلة أنشطته الاقتصادية رغم هذه الأضرار؟
وحسب تقرير لموقع فراز، فقد فوّض بنك آينده الإيراني 60% من الأسهم وحقوق التصويت في مجلس الإدارة إلى وزارة الاقتصاد. وبحسب وزير الاقتصاد، هذا لا يعني أن يصبح آينده ملكاً لوزارة الاقتصاد، بل يعني فقط أن للوزارة حق في التصويت بما يعادل 60٪ من أسهم الشركة.
صدر هذا القرار في ديسمبر 2021 في مجلس النقد والتسليف لكن مساهمي البنك أرجأوا تنفيذه لمدة عامين بعد تقديمهم شكاوى تتعلق بالإنفاذ. وأثار هذا الأمر العديد من التساؤلات حول سبب عدم اتخاذ أي إجراء قبل ذلك للتعامل مع بنك آينده وأضراره على النظام المصرفي في إيران؟ رغم الفساد والخسائر المتراكمة التي ظهرت في حساباته وقوائمه المالية.
وسجلت البيانات المالية لعام 2019 لبنك “آينده” خسائر متراكمة بلغت 13 تريليون مليار، بزيادة قدرها تريليون تومان مقارنة بعام 2018.
بدأت الزيادة المفرطة للبنوك في إيران مع شروع حكومة محمود أحمدي نجاد. في غضون ذلك، تسببت العديد من تلك البنوك بإلحاق أضرار فادحة باقتصاد البلاد، ولعلّ في صدارتها بنك آينده، الذي تأسس بدمج مؤسستين ماليتين وائتمانيتين وبنك “تات” (ثامن بنوك إيران الخاصة).
وبعد أن أصبح الوضع المالي لبنك “تات” حرجاً للغاية، قام مالكه “علي أنصاري” بحله في عام 2013، ليقوم مجدداً بتأسيس بنك آخر (آينده) يجلب الأزمات والمشاكل إلى النظام المصرفي الإيراني، والذي سرعان ما اختل فيه التوازن المالي وتعرض لأوضاع حرجة جعلته يتجه نحو الهاوية في عام 2017.
بالنظر إلى مساهمي بنك أينده، فمن الواضح أن المساهمين القانونيين الرئيسيين في هذا البنك هم الشركات التي يقف وراءها علي أنصاري، والعديد منها لا تتجاوز كونها ورقية. فالأشخاص الطبيعيون في هذا البنك هم من أقارب أنصاري أو مرتبطين به بطريقة ما.
“إيران مول” مفتاح ملف الفساد
يرتبط مشروع “إيران مول” (ايران مال) ارتباطاً وثيقاً ببنك آينده والذي وصف أيضاً بأحد مفاتيح ملف الفساد المرتبط بهذا البنك. بدأ بناء مشروع إيران مال في عام 2011، حيث أنه لم يتكمل بعد رغم مرور أكثر من 12 عاماً على البدء به. وبدأت شركت إيران مال أعمالها في عام 2004 تحت اسم شركة سيراف. ليتغير اسمها في عام 2015 إلى السوق العالمي المستقبلي، ليصبح أخيراً “إيران مال”.
وفقًا للوثائق المتاحة، فقد قدم بنك آينده بين عام 2015 و 2017 حوالي 35 تريليون تومان “قرضاً” لشركة إيران مال.
وبحسب بيان الرئيس التنفيذي لبنك آينده في 29 يوليو 2020، فإن شركة إيران مال تدين لبنك آينده بـ 32 تريليون و 230 مليار تومان. ما يعني أن هذا المبلغ الهائل من ودائع الناس ذهب إلى جيوب الملاك في هذا المشروع (إيران مول) ولم يعد نهائياً، وذلك لأن تسوية هذا الدين تمت على شكل اقتناء 98% من أسهم شركة إيران مال من قبل البنك هذا.
وقّدر خبراء بنك آينده الـ 98% من أسهم إيران مول هذه بمقدار 32 تريليون و230 مليار تومان. في الواقع، لم يستطع البنك استيفاء أي أموال من هذه الشركة، ليقوم ببيع أسهمها واحداً تلو الآخر لشركات ورقية، الأمر الذي جعل أرصدته المالية تبدو على أنها إيجابية! ولكن كيف؟ في كانون الأول من العام نفسه، أي 2020، باع بنك أينده 100٪ من أسهم إيران مول بقيمة 85 تريليون مليار، وهو رقم كان أكبر بكثير من القيمة الحقيقية.
وعليه، أصبح نزر يسير من الاتجاه الفاسد لبنك آينده ميسّراً عبر بيع أصول إيران مال وإعادة تملكها. لكن المثير للجدل هنا، هم مشترو أسهم الشركة “غير الحقيقيين”، إذ تبين التحقيقات أن معظم الشركات التي اشترت أسهم إيران مال لم يكن لها في الواقع أي نشاط واعتبرت “ورقية” بالفعل.
لذلك، استمر بنك آينده في الحضور الاقتصادي في هذه الحلقة المفرغة والفاسدة، ليكون مشروع “إيران مول” أداةً لاستخراج أموال الناس من البنك.
هل تتخذ وزارة الاقتصاد حلولاً؟
مرت ثلاث سنوات حتى الآن على عدم إبرام الاجتماع العام لبنك آينده. ومع ذلك، أعلن وزير الاقتصاد إحسان خاندوزي أن الجلسة ستعقد في المستقبل القريب بعد المرور على الحسابات والتحليلات. ووفقاً له، إذا انعقد التجمع السنوي، يمكن أن تكون وزارة الاقتصاد ممثلة في هذا المجلس وستكون لها حقوق تصويت بنسبة 60٪.
وأكد خاندوزي بأن هذا الأمر لا يعني أن تمتلك وزارة الاقتصاد بنك آينده. معلناً أنه سيتم الإعلان عن طريقة إجراء تعديلات في البنك في الاجتماع العمومي وفقا للاتفاق مع البنك المركزي. وبذا، يجب أن ننتظر حتى تعقد الجلسة العمومية لبنك آينده حتى يتم الإعلان عن قرار الحكومة بشأنه.
(سعر الدولار في إيران: حدود 49.000 تومان)
إقرأ أكثر
تقرير رسمي.. عملاقا صناعة السيارات الإيرانية يتبعان نظام احتيالي لتعويض الخسائر المتراكمة