أفغانستان أولا بمبلغ ضئيل.. الاستثمار الأجنبي في إيران بين التصريحات الإعلامية والبيانات الرسمية

أكدت الحكومة الإيرانية الحالية منذ توليها سدة الحكم وجود طلبات استثمار صينية وروسية ضخمة في قطاع النفط والغاز، غير أن إحصاءات الاستثمار الأجنبي تظهر أن الأفغان احتلوا المركز الأول في الاستثمار الأجنبي.

ميدل ايست نيوز: أكدت الحكومة الإيرانية الحالية منذ توليها سدة الحكم وجود طلبات استثمار صينية وروسية ضخمة في قطاع النفط والغاز، غير أن إحصاءات الاستثمار الأجنبي تظهر أن الأفغان احتلوا المركز الأول في الاستثمار الأجنبي.

ووفق مقال لصحيفة شرق الإيرانية، كشف أحمد اسد زاده، نائب الشؤون الدولية بوزارة النفط، في فبراير من عام 2022، عن مشروع لتصميم وتقديم حزمة بقيمة 40 مليار دولار للصين للاستثمار في سلسلة القيمة لصناعة النفط الإيرانية، وقال إنه “تم استعراض حزمة من التدابير لجذب التمويل الصيني خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الإيرانية للصين”.

ورغم الصخب الذي أثاره نبأ استثمار الصين بـ 40 مليار دولار في صناعة النفط الإيرانية بين الأوساط الإيرانية، إلا أنه غاب عن المشهد في الوقت الحالي.

وبعد أيام قليلة من تصريحات فبراير تلك، أثار النائب الأسبق لوزارة الاقتصاد الإيرانية موجة أخرى من الجدل بعد أن أشار إلى توقيع وثيقة مدتها 25 عاماً بين إيران والصين وادعى حينها بأن الصين ستستثمر ما بين 280 إلى 400 مليار دولار في صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات.

بطبيعة الحال، لم يكن الشتاء الماضي هو المرة الأولى الذي يثار فيه ملف الاستثمارات الأجنبية الكبيرة في إيران خلال حكومة رئيسي. فعلى سبيل المثال، أعلن جواد أوجي، وزير النفط، في أحد الأشهر الأولى لهذه الحكومة أن المستثمرين الصينيين سيستثمرون قريباً حوالي 15 إلى 20 مليار دولار في حقول النفط والغاز الإيرانية في شكل اتفاقية مدتها 25 عاماً بين البلدين، حتى أنه أعرب عن أمله في أن تقوم روسيا بمثل هذا الاستثمار.

وبعد أشهر قليلة من هذه الادعاءات، أي في يوليو 2022، ضجت وسائل الإعلام المحلية بأكثر الأنباء إثارة للجدل على مدار سنوات حول استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وعنونت الصحف الحكومية: “التوقيع على أكبر وثيقة استثمار أجنبي في البلاد”.

وكتبت تلك الصحف المقربة من الحكومة أنه تم توقيع مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار بين شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة غازبروم الروسية، وهي مذكرة غير مسبوقة في تاريخ صناعة النفط، بل في تاريخ اقتصاد البلاد بأكمله. وبتوقيع هذه الوثيقة، تجاوز حجم المذكرات والعقود الداخلية والخارجية لصناعة النفط 70 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الماضية، والتي ستغطي نصف الاحتياجات الاستثمارية لصناعة النفط وستظهر آثارها في أقل من عقد من الزمن.

واليوم، وبعد أن مر حوالي 15 شهراً على هذه الأحداث، يبدو أن وثيقة التعاون هذه قد أقفل عليها في أرشيف الوثائق الروسية وحتى أنها لم تصل إلى مرحلة العقد. ففي الإحصاءات الرسمية المعلنة اليوم، من غير الممكن رؤية أي أثر لاستثمار أجنبي، أي أن الوعود التي أطلقها وزير النفط بشأن شركة “غازبروم” واستثمار رأس مال بمقدار 4.5 مليار دولار في حقول النفط الإيرانية بقيت حبراً على ورق.

والأهم من ذلك، لفتت عدة تحليلات لخبراء اقتصاديين إلى نقطة جوهرية تسيطر على أجواء المشهد الحكومي في إيران، وهي أن جلّ ما يتحدث عنه المسؤولون الحكوميون وصنّاع القرار في هذا البلد هو قطاع واحد فقط (قطاع الطاقة)، إلا أن الإحصائيات الرسمية تصور لنا الأحداث من زاوية أخرى.

على سبيل المثال، يظهر تقرير الأونكتاد (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) أنه في عام 2021، اجتذبت إيران ما مجموعه 1.429 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع القطاعات. في حين بلغ هذا الرقم بالنسبة للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم نحو 1.582 تريليون دولار، حيث كانت حصة إيران لا تتجاوز الـ 0.09%.

وبحسب هذا التقرير، فقد تم وضع إيران في عام 2021 في المركز 80 بين الدول التي شملها الاستطلاع، وهو ما يمثل انخفاضاً بمقدار ثمانية مراكز مقارنة بتقرير العام السابق.

على ذات النسق، أفادت وكالة مهر للأنباء منذ أيام قليلة، بأن علي فكري، المدير العام لمنظمة الاستثمار والمساعدات الاقتصادية والنفطية الإيرانية، ذكر أن “إحصائيات الاستثمار الأجنبي في إيران في الأشهر الستة الماضية بلغت نحو ملياري دولار فقط”.

ووفق المسؤول الإيراني، فقد زاد إصدار تصاريح استقطاب الاستثمار مقارنة بالعام الماضي، إلا أن إيران بقيت متخلفة في جذب الاستثمارات مقارنة بدول منطقة الخليج وتركيا.

وأكد فكري أن هدف الاستثمار الأجنبي هو 30 إلى 40 مليار دولار، لكن المقدار الذي صدر به الترخيص حتى الآن يتراوح بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار فقط، وقال: إن الأفغان هم أصحاب النصيب الأكبر في الاستثمارات الأجنبية في إيران، وليس الصينيون والروس.

وجاءت الصين بعد أفغانستان في قائمة الاستثمارات الأجنبية في إيران خلال الأشهر الستة الماضية من هذا العام بمبلغ تراوح بين 60 إلى 70 مليون دولار، ثم العراق في المرتبة الثالثة، علماً أن روسيا كانت أول مستثمر أجنبي في إيران في العام الماضي بعد أن استثمرت في مشاريع النفط في محافظة إيلام بمبلغ تجاوز الـ 2.7 مليار دولار.

إقرأ أكثر

إيران تحتاج لـ 200 مليار دولار سنوياً من الاستثمارات لإنعاش الاقتصاد

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى