من الصحافة الإيرانية: هل أهدى بوتين “ممر زنغزور” لأذربيجان وتركيا؟
في ظل الأحداث الراهنة إذا واجه ممر زنغزور أي مشاكل، فسيتم قطع اتصال إيران بأوروبا، وإذا تم فتح طريق جديد، فلن يكون هذا الطريق متاحًا لإيران ثانية.
ميدل ايست نيوز: ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أن ممر زنغزور بإمكانه ربط الأراضي الرئيسية لأذربيجان بنخجوان عبر سيفنيك الأرمينية، مؤكدا أن موسكو مطلعة على مخاوف الجانب الإيراني بشأن هذا الممر وستقوم بالتواصل مع طهران لتوضيح المسألة بكل شفافية.
وقبل نحو أسبوع، شد بوتين ووزير خارجيته، في لقاء مع نظيرهما الأرمني، على ضرورة اهتمام باشينيان بطلب موسكو واعتبراه بالملزم.
وتأتي هذه التصريحات في وقت أبلغت فيه إيران الأطراف بمعارضتها وقلقها بشأن هذا الممر بكل شفافية وعلى أعلى المستويات.
يقول علي بيكدلي، الخبير في شؤون السياسة الخارجية، لموقع فرارو: تخضع روسيا حاليا للعقوبات، ما يعني أنها تبحث عن الظروف التي تمكنها من خلق مساحات جديدة لتتحرر من العزلة. كانت زيارة بوتين إلى أرمينيا وأذربيجان رحلة سريعة وغير رسمية لكسب أسواق جديدة. فالرئيس الروسي يحتاج إلى أموال من بعض دول المنطقة. ومن المثير للاهتمام أن أرمينيا طلبت مؤخرًا المساعدة من فرنسا (باعتبارها الداعم التقليدي للدول المسيحية في العالم)، لتطلب الأخيرة من باشينيان أن ينأى بنفسه عن بوتين، وهو ما دفع الأخير لزيارة أرمينيا. لكن فيما يتعلق بزنغزور، فهذه المنطقة حساسة للغاية، حيث كانت شاحنات الترانزيت والعربات تذهب إلى أرمينيا وأذربيجان، ثم كاراباخ وجورجيا، وأخيرًا إلى أوروبا.
وأضاف: كان من المفترض منذ مدة أن تدخل البضائع الأراضي الإيرانية ومن بعدها تركيا وأرمينيا ومن ثم تذهب إلى أذربيجان وأوروبا. وأن تحصل إيران على رسوم الترانزيت مقابل عبور البضائع. لكن مع خسارة كاراباخ من أيدي أرمينيا، تغيرت الأوضاع. في تلك الفترة وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة جدًا مع أرمينيا، دافعت إيران عن أذربيجان إلى حد ما، وحتى الأتراك الإيرانيون كانوا أكثر دعمًا لأذربيجان. وكان هدف إيران من التحرك نحو أذربيجان هو خفض مستوى التوترات الداخلية. واليوم وفي ظل هذه الأحداث إذا واجه زنغزور أي مشاكل، فسيتم قطع اتصال إيران بأوروبا، وإذا تم فتح طريق جديد، فلن يكون هذا الطريق متاحًا لنا ثانية.
وأردف هذا المحلل السياسي: إن المساعي للتأثير على ممر زنغزور هي هدية يقدمها بوتين لأذربيجان وتركيا على وجه الخصوص. إذ يمكن لتركيا إرسال بضائعها إلى أذربيجان عبر زنغزور والوصول إلى آسيا الوسطى عبر بحر قزوين. هذا المشروع حساس للغاية بالنسبة لأردوغان ويناور بشتى الطرق للوصول إليه، حيث أعلن منذ فترة أن تركيا وأذربيجان أرضان وجسدان منفصلان لكنها برأس واحد. واليوم، وبفضل هذا المشروع، تستطيع تركيا إرسال بضائعها إلى أذربيجان وتذهب إلى آسيا الوسطى وباكستان عبر أذربيجان. قبل نحو 5 سنوات أثارت مناورات بحرية أجرتها أذربيجان وتركيا وباكستان في بحر قزوين الكثير من الانتقادات. وبحسب البروتوكولات الدولية فإن بحر قزوين ينتمي إلى الدول الساحلية وليس إلى الدول الأجنبية. لكننا نرى أن روسيا تفصل مصالحها عن إيران في المواقف التي تراها ضرورية لبلادها.
وقال بيكدلي: صحيح أن روسيا قالت إنها ستصدر بعض السلع عبر إيران، لكن الأفضل لنا أن نتعلم من هذه التجربة وألا نعتمد على دولة أو دولتين كحلفاء ونطور علاقاتنا مع أوروبا. وبالمرور على تصريحات عراقجي الأخيرة وجوزيب بوريل وممثلي فرنسا وألمانيا وإنجلترا يظهر أن إيران تتعرض لضغوط للامتناع عن التعاون العسكري مع روسيا، وخاصة في حرب أوكرانيا. يأتي هذا في وقت يزداد التعقيد بشدة في الشرق الأوسط وتهتم روسيا في المقام الأول بمصالحها الخاصة، بغض النظر عن مصالح إيران. من المستبعد جدًا أن تتخلى روسيا عن قرارها، فقد أحدث أردوغان تقاربًا خاصًا مع بوتين، وبالنظر إلى صفقات الأسلحة التركية مع روسيا وتجهيز الأخير منصة نووية لأنقرة، فمن المتوقع أن يدعموا بعضهم البعض في هذا المجال ويحاولون إنشاء سوق جديد لأنفسهم وتوسيع سوقهم إلى الصين.