من الصحافة الإيرانية: ماذا يتوجب على إيران فعله لتنافس بقوة في ملعب الأحداث الأخيرة؟

لا شك أن لبنان وسوريا والعراق وغيرها هي العمق الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية، وتكمن المصالح الوطنية الإيرانية في دعم تلك الدول ضد أي حرب وانعدام للأمن.

ميدل ايست نيوز: كلما اندلعت حرب ما، سرعان ما تبدأ أذهان الرأي العام بطرح أحد الأسئلة المصيرية المهمة: متى تنطفئ لهيب هذه النار؟

وكتبت صحيفة اعتماد في مقال لها، أن المبادرون في الحرب لا يستطيعون الإجابة على هذا السؤال الجوهري. أمر طبيعي بلا شك. فللحرب مقتضيات لا يمكن التنبؤ بها، وعندما يواجهها السياسيون والجنود، يستخدمون التدابير التي يعتبرونها ضرورية أو مفيدة.

البادئ بالحرب له أهداف. يسعى للفوز وتحقيق أهدافه، لكن عملياً ليس من الواضح أنه سينفذ ما كان يدور في ذهنه في خطته الأولية. ناهيك عن أوضاعا تُفرض عليه من الخارج قد تغير كل المجريات. أحيانًا يدرك أنه ارتكب خطأً فادحًا ويضطر إلى التراجع.

واجه الكيان الصهيوني، تماشياً مع مشروع البقاء، عدة عقبات رئيسية. من أخطرها جبهة المقاومة. خلال حرب الـ 33 يوماً، أدركت إسرائيل أن هذه الجبهة، وخاصة حزب الله، ستعكر صفو مزاجها. قامت إسرائيل على مدار أعوام طويلة بتحركات استخباراتية وتجسسية حتى تتمكن مؤخراً من ضرب رأس حزب الله واغتيال إسماعيل هنية في طهران، لتزيل بذلك عقبة رئيسية أخرى.

لا شك أن لبنان وسوريا والعراق وغيرها هي العمق الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية، وتكمن المصالح الوطنية الإيرانية في دعم تلك الدول ضد أي حرب وانعدام للأمن. ومثال ذكل هو حضور الشهيد الجنرال قاسم سليماني في العراق وسوريا للقضاء على داعش. كما أن الدفاع عن حزب الله وجبهة المقاومة مبرر تماماً سياسياً وعسكرياً.

إذن، لا بد من التساؤل إلى متى ستستمر حرب البينغ بونغ بين إيران وإسرائيل، وإذا استمرت، ما هي الفوائد التي ستعود على إيران؟

لا تحارب إيران اليوم إسرائيل، بل في الواقع تقاتل طرفا أساسيا هو أمريكا. على واشنطن أن تنتبه إلى أن دعمها لإسرائيل لن يكون مجانياً. هذه التكلفة لا تأتي بالضرورة عبر الصراعات والحروب، بل هناك طرق أخرى.

لكن رغم هذا، فالحرب الحالية ليست لصالح إيران. التوترات الإقليمية المتزايدة تعرقل السلام الاقتصادي. ينبغي لإيران أن تخلق فرصة لتحسين وضعها الاقتصادي الذي تضرر بسبب العقوبات. لإصلاح هذا الضرر، يجب الاستعانة بالشرق والغرب، وبالمناسبة، فإن أجزاء من الشرق والغرب لها مصالح مشتركة مع إسرائيل. فالدبلوماسية يمكن أن تغير التوازن لصالحنا وتمارس المزيد من الضغوط على إسرائيل.

والحقيقة المرة هي أن الطريقة التي واجه بها الطرفان حرب الـ 33 يوماً كانت مختلفة. فقد كانت العقوبات والعلاقات مع القوى العظمى ومسألة الحظر الأجنبي والتوترات الداخلية والنفوذ من العوامل المؤثرة على تصرفات الأطراف. في هذه الأثناء، تبين أن طهران لم تنجح مثل عدوها في قراءة اللعبة وتعزيز نفسها وتغيير قواعد اللعبة. الكيان الغاصب يلعب في ملعب ليس مجالا للمناورة فيه لأسباب يؤسفنا تحليلها. ربما ينبغي لنا أن نراجع فلسفة هجوم 7 أكتوبر وأسبابه ونتائجه وعوامله الرئيسية.

كان لهجوم أكتوبر ميزتان رئيسيتان وعشرات العيوب الاستراتيجية. أولا أنها حولت قضية فلسطين إلى أهم قضايا المجتمع الإنساني.

ومن ناحية، أظهرت “طوفان الأقصى” مدى دناءة الكيان الصهيوني وقذارته ومعاداته للإنسان وقتله للأطفال. ولكن ينبغي النظر أيضا في عيوب هذا الحدث. إن حجم النفقات والخسائر البشرية والحضارية واغتيال قادة حماس وحزب الله لا يمكن تعويضه بأي مقياس أو معيار.

لقد فقدنا قادة لا يمكن التعويض عنهم قريباً. ومن ناحية أخرى، تعرض درعنا الدفاعي لأضرار بالغة. كما أن مسألة التنافس بيننا جعلت استراتيجيتنا الكبرى صعبة. لقد مدت إيران يد العون للمقاومة حتى يدافعوا عن المقدسات والوطن، لكن المعادلة انقلبت. فقد أجبر الوطن على أن يقف في وجه المدفع وأن يكون أكبر متضرر من هذه الحرب.

علينا أن نحمد الله أن إيران لديها مرشد أعلى ذكي. فلو كان اتخاذ القرار في أيدي المتطرفين ومن لم ير حربا في عمره وهواة الاستعراض، لكنا قد دخلنا في حرب مدمرة. اليوم علينا أن نراجع سياستنا تجاه العدو الصهيوني. من ناحية، قد يكون ملائما أن نركز على التعامل مع الحكومات الصديقة وغير الصديقة في المنطقة لنقل رسائلنا إلى الحكومة الأميركية، والتركيز بشكل مباشر على إعادة النظر وإعادة البناء وتحديد خطوط جديدة لعلاقاتنا. لقد تغير العالم. علينا أيضاً أن نتغير. التغيير ليس سيئاً دائماً!

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى