أمير قطر في إيران: هل تكون الزيارة مقدمة لاستئناف العلاقات بين طهران ودمشق؟

تحاول قطر منذ عدة سنوات أن تلعب دورًا مؤثرًا في الأزمات الإقليمية وتوثيق وجودها كدولة فاعلة في المعادلات السياسية في الشرق الأوسط.

ميدل ايست نيوز: “أمير قطر سيزور إيران”، قد تكون هذه الجملة كفيلة لوحدها لإثارة موجة من التكهنات حول أهداف هذه الزيارة، أبرزها الرسالة الأمريكية التي قد يحملها تميم بن حمد آل ثاني إلى طهران، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين إيران وأمريكا بعد توقيع مذكرة الضغط الأقصى من قبل دونالد ترامب، والتي أبلغت فيها أمريكا عن استعدادها للوساطة بين البلدين. لكن السؤال الذي تم تجاهله وسط هذا الزخم الإعلامي هو هل ستُحل التوترات بين إيران وأمريكا من خلال الرسائل أو الوساطة في هذا المستوى؟

تحاول قطر منذ عدة سنوات أن تلعب دورًا مؤثرًا في الأزمات الإقليمية وتوثيق وجودها كدولة فاعلة في المعادلات السياسية في الشرق الأوسط. وبعد عملية “طوفان الأقصى”، أصبح اسم قطر يتردد في وسائل الإعلام كلاعب نشط. ففي الوقت الذي قررت فيه إيران وفصائل محور المقاومة اتخاذ سياسة “وحدة الجبهات” لدعم حركة المقاومة الفلسطينية، ودخولهم في مواجهات مباشرة مع إسرائيل، قررت قطر أن تكون في مكانة الوسيط، وغطت الأحداث في غزة، مع الحفاظ على صورة محايدة والسعي لإيجاد حل لوقف إطلاق النار مع تعزيز صورتها الإنسانية.

وفي هذا السياق، مع سقوط نظام بشار الأسد وتغيير السلطة في سوريا، عاد اسم قطر ليظهر جنبًا إلى جنب مع تركيا والسعودية كلاعبين إقليميين في سوريا. خاصة في الوقت الذي كانت فيه كل مجموعة من المعارضة السورية تدعمها دولة عربية مثل الإمارات والسعودية ومصر، كانت “تحرير الشام” بقيادة الجولاني تتلقى دعمًا من تركيا وقطر.

بعد أسبوعين من سقوط الأسد، كان محمد الخليفي، وزير الشؤون الخارجية في الحكومة القطرية، من أول الدبلوماسيين الذين زاروا دمشق، حيث التقى أحمد الشرع، الرئيس الحالي لسوريا للحكومة الانتقالية، مما يظهر العلاقة الوثيقة بين الدوحة والجولاني. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أنه رغم هذه الزيارة ودعم قطر للجولاني، أكدت الدوحة مرارًا أنها تهدف إلى إنشاء إطار يسمح للشعب السوري بتحديد مسارهم المستقبلي.

بعد إصدار الإعفاءات لمدة ستة أشهر من قبل إدارة جو بايدن، ظهرت تقارير تفيد بأن قطر تعتزم المساهمة في تمويل الحكومة السورية بأربعة أضعاف. رغم كل هذه التطورات، استطاعت قطر أن تبقي نفسها قريبة من إيران في ملف سوريا بفضل سياستها الإنسانية وموقفها السياسي المحايد. بالتالي، مع النفوذ الكبير لقطر في سوريا، يمكن أن تكون العلاقة بين إيران وسوريا في طريقها لإعادة البناء؛ حيث أن قطر وإيران هما لاعبان رئيسيان في المعادلات السياسية الإقليمية منذ بداية حرب غزة.

أمير قطر؛ الوسيط بين إيران وسوريا

على الرغم من التكهنات الأولية حول زيارة أمير قطر إلى إيران، التي كانت تتعلق بشائعة رسالة من أمريكا، إلا أن إسماعيل بقائي، في رده على سؤال حول الأنباء المتداولة عن زيارة أمير قطر لإيران في الأيام القادمة، أشار إلى أن بعض المسؤولين الأوروبيين قد ادعوا أن أمريكا تسعى لإجراء مفاوضات سرية مع إيران، وأن هناك حديثًا عن وساطة بعض الدول في العلاقات بين إيران وأمريكا، إلا أنه نفى ذلك قائلاً: “لا علاقة لزيارة أمير قطر بهذه المسائل”.

وفي نفس السياق، أكد مصدر مطلع في حديثه مع صحيفة “شرق” الإيرانية أن أمير قطر لن يحمل رسالة من أمريكا، لكنه سيؤدي دور الوساطة بين إيران وسوريا ويحمل حلًا لبناء الثقة بين طهران ودمشق بهدف إعادة فتح السفارة الإيرانية.

بناءً على ما ذكر، تسعى قطر، كدولة كانت على هامش ملف سوريا لسنوات، الآن للعب دور نشط يتماشى مع تحقيق مصالحها ومصالح حلفائها. ويمكن لإيران، بالاعتماد على علاقاتها الطيبة مع قطر، أن تفتح طريقًا جادًا للعودة السريعة إلى سوريا. لذا، فإن زيارة أمير قطر ذات أهمية مضاعفة، فمن خلال تعزيز العلاقات الثنائية بين طهران والدوحة ومتابعة الاتفاقات بينهما، من المؤكد أن الجانبين سيسعيان إلى إيجاد حلول عملية لتقليص التحديات الحالية بين طهران ودمشق.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى