فجوة تنافسية حادة بين إيران وتركيا في صناعة السيارات

أعلنت شركتا إيران خودرو وسايبا في عام 2024 أنهما صدّرتا 571 سيارة فقط؛ وهو رقم لا يُذكر أمام صادرات تركيا التي تجاوزت مليون سيارة.

ميدل ايست نيوز: في الوقت الذي يُردد فيه بين الأوساط الإيرانية شعار “أكبر منتج للسيارات في المنطقة” منذ سنوات، تظهر الحقيقة الإحصائية رواية مختلفة؛ حيث أعلنت شركتا إيران خودرو وسايبا في عام 2024 أنهما صدّرتا 571 سيارة فقط؛ وهو رقم لا يُذكر أمام صادرات تركيا التي تجاوزت مليون سيارة، مما يجعل حلم التفوق الإقليمي أبعد من أي وقت مضى، ويطرح تساؤلات جدية حول سياسة التصنيع والقدرة التنافسية لشركات السيارات الإيرانية.

وكتبت صحيفة دنياي اقتصاد، أن هذه الوضعية السيئة لصادرات السيارات الإيرانية تأتي رغم مرور أكثر من نصف قرن على نشاط هذه الصناعة في إيران. وفي ظل هذه الظروف، تعد العديد من الدول الناشئة في صناعة السيارات اليوم في وضع أفضل من إيران. وفقًا لأحدث الإحصائيات التي نشرتها منظمة تطوير التجارة، فإن صادرات السيارات والمحركات من إيران تتم حالياً فقط إلى روسيا، فيما تم استبعاد أسواق مثل سوريا والعراق وأذربيجان التي كانت تعد من الأسواق التقليدية لصادرات السيارات الإيرانية.

وبحسب المعلومات التي أصدرتها منظمة تطوير التجارة الإيرانية، بلغ إجمالي صادرات “السيارات والمحركات” التي تشمل جميع المركبات وقطع الغيار في العام الماضي 333 مليون دولار. وفي عام 2021، كان يحيى آل إسحاق، رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق، قد أعلن عن استياء العراق من السيارات الإيرانية، مشيرًا إلى أنه “إذا استمر الوضع على حاله، فسنخسر السوق العراقية”. واليوم، بعد حوالي أربع سنوات من ذلك، تحققت تنبؤاته، حيث فقدت إيران سوق العراق وغيره من الأسواق التقليدية، ولم يتم إجراء أي تغييرات في سياسة السيارات التي تعاني من العديد من الأخطاء، ولا تزال السيارات الإيرانية تنتج بجودة منخفضة وأقل من قدرة الإنتاج.

بينما تواجه إيران أبسط المشكلات المتعلقة بصناعة السيارات، تتقدم جارتها الشمالية الغربية بسرعة في صناعة السيارات. حيث شهدت تركيا، كقوة ناشئة في صناعة السيارات، نموًا كبيرًا في إنتاج وصادرات السيارات وقطع الغيار خلال العقدين الماضيين. بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي والقوى العاملة الماهرة والسياسات الاقتصادية الذكية، أصبحت تركيا واحدة من اللاعبين الرئيسيين في هذه الصناعة على مستوى العالم. بلغت صادرات السيارات التركية في عام 2023 أكثر من مليون و18 ألف سيارة، وفي عام 2024، وصلت إلى مليون و13 ألف و34 سيارة. ووفقًا لذلك، بلغت قيمة صادرات صناعة السيارات التركية في عام 2024 نحو 37.2 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، سجلت تركيا صادرات بقيمة 12.6 مليار دولار من السيارات وقطع الغيار. ويعد نجاح تركيا في التكنولوجيا الحديثة، خاصة في مجال السيارات الكهربائية والهجينة، أمرًا لافتًا. في عام 2023، ارتفع إنتاج السيارات الكهربائية بنسبة كبيرة ليصل إلى 72 ألفًا و179 سيارة، بينما سجلت السيارات الهجينة زيادة بنسبة 62.8% ليصل عددها إلى 104 آلاف و804 سيارات. هذه التحولات هي نتيجة للسياسات البيئية والاستثمارات في بنية الشحن التحتية والتعاون مع شركات عالمية مثل تويوتا وفورد. وتعد علامة TOGG، أول سيارة كهربائية وطنية في تركيا، رمزًا لطموحات البلاد في التنافس في الأسواق العالمية، في حين لا تزال إيران في مرحلة النقاش حول أهمية السيارات الكهربائية، وقد بدأت فقط في استيرادها في العام الماضي.

وتحول تركيا بصوت استراتيجي صناعة السيارات لديها إلى نظام بيئي ديناميكي وقابل للتنافس، يلبي الاحتياجات الداخلية ويحتل موقعًا رائدًا في الأسواق العالمية. ويكمن سر نجاح تركيا في تكاملها الذكي بين السوق والسياسة والتكنولوجيا. فمن خلال فتح أبوابها للاستثمار الأجنبي، وخاصة من أوروبا واليابان، تمكنت تركيا من بناء شبكة من الشراكات الاستراتيجية التي تتجاوز مجرد التجميع لتشمل نقل التكنولوجيا والابتكار.

لقد جعلت هذه الشراكات تركيا نقطة رئيسية في سلسلة التوريد العالمية للسيارات، حيث تضمن إنتاج قطع غيار عالية الجودة وفقًا للمعايير العالمية قدرة تركيا التنافسية.

في المقابل، تواجه إيران كفاءة هيكلية وعزلة عالمية. فالقطاع الصناعي للسيارات في إيران، الذي يهيمن عليه الاحتكار الحكومي، بعيد عن الديناميكية والابتكار. وقد أضعف هذا الاحتكار المنافسة الداخلية وقلل من الحوافز لتحسين الجودة أو الاستجابة لاحتياجات السوق العالمي. أدت السياسات غير المستقرة والتغييرات الإدارية المتكررة إلى صعوبة التخطيط على المدى الطويل، ودفع الاستثمار في التقنيات الحديثة إلى الهامش. في حين كان انخفاض قيمة العملة الوطنية يمكن أن يجعل الصادرات أكثر جدوى، إلا أن شركات السيارات الإيرانية لم تتمكن من الاستفادة من هذه الميزة، لأن منتجاتها لا تتمتع بالجودة أو التكنولوجيا التي تؤهلها للمنافسة مع منتجات تركيا أو شرق آسيا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى