الحرب بين إيران وإسرائيل تضع الهند أمام تحدي التوازن بين الحلفاء

وضعت الحرب بين إيران وإسرائيل الهند في موقف صعب، نظراً إلى علاقاتها القديمة مع كلا الطرفين.

ميدل ايست نيوز: وضعت الحرب بين إيران وإسرائيل الهند في موقف صعب، نظراً إلى علاقاتها القديمة مع كلا الطرفين. فالهند ترتبط بعلاقات وتعاون دفاعي وثيق مع إسرائيل، غير أن صلاتها مع إيران قائمة على أسس تاريخية وثقافية.

وخلال هجمات حركة حماس في أكتوبر 2023، أعربت الهند بوضوح عن دعمها لإسرائيل.

غير أن وسائل الإعلام الهندية أشارت إلى أن نيودلهي لا تزال تسعى إلى الحفاظ على نهج «متوازن» في ما يتعلق بالقضايا الأساسية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب بين إيران وإسرائيل. ففي 14 يونيو، امتنعت الهند عن تأييد بيان منظمة شنغهاي للتعاون الذي أدان الهجمات الإسرائيلية على إيران، واختارت بدلاً من ذلك دعوة الطرفين إلى خفض التوترات عبر الوسائل الدبلوماسية.

وقد حذّر محللون ووسائل إعلام هندية من أنّ تفاقم التوترات سيؤدي إلى عواقب واسعة للهند على صعيد التجارة والاقتصاد وأمن الطاقة.

مصالح الطاقة الهندية

قبل العقوبات الأميركية في عام 2017، كانت إيران ثالث أكبر مورد للنفط للهند. ورغم أن الهند لا تستورد حالياً النفط من إيران، فإن اندلاع مواجهة أوسع قد يؤدي إلى تعطيل سلسلة إمدادات النفط من منطقة الخليج، ولا سيما من العراق.

وقد حذّر مركز «مبادرة أبحاث التجارة العالمية» من أن تصاعد التوترات يهدد أمن الطاقة وخطوط التجارة البحرية،والعلاقات الاقتصادية للهند.

وتحصل الهند على نحو ثلثي احتياجاتها من النفط الخام ونصف وارداتها من الغاز الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز؛ وهو ممر استراتيجي قد تُقدم إيران على إغلاقه. وقد دعت جمعيات صناعية الحكومة الهندية إلى إعادة تقييم المخاطر المحتملة في قطاع الطاقة، وتنويع مصادر استيراد النفط الخام، وتعزيز احتياطياتها الاستراتيجية.

التجارة

تقيم الهند علاقات تجارية معتبرة مع كلٍّ من إيران وإسرائيل. ففي السنة المالية 2024-2025، بلغت صادرات الهند إلى إيران 1.24 مليار دولار، في حين بلغت وارداتها منها 441.9 مليون دولار. أما تجارتها مع إسرائيل فبلغت 2.15 مليار دولار من الصادرات، و1.61 مليار دولار من الواردات.

ويُذكر أن نحو 30% من صادرات الهند إلى أوروبا وشمال إفريقيا والسواحل الشرقية للولايات المتحدة تمر عبر مضيق باب المندب. وأي اضطراب في البحر الأحمر قد يدفع الهند إلى تحويل مسار صادراتها نحو رأس الرجاء الصالح، ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكاليف النقل والتأمين.

ميناء تشابهار

استثمرت الهند بشكل كبير في تطوير ميناء تشابهار الإيراني بهدف الوصول المباشر إلى أفغانستان وآسيا الوسطى. ويُعدّ هذا المشروع ذا أهمية حيوية في ما يتعلق بأمن الطاقة والحصول على معادن نادرة، فضلاً عن كونه جزءاً من استراتيجية مواجهة النفوذ الصيني في المنطقة.

وقد تؤدي الحرب بين إيران وإسرائيل إلى وقف التقدم المحرز في تطوير الميناء. وسيؤدي أي تأخير في هذا المشروع إلى تقييد التعاون الهندي مع أفغانستان، وتقويض جهود نيودلهي لمواجهة النفوذ الصيني في ميناء غوادر الباكستاني.

وتنظر الهند إلى ميناء تشابهار بوصفه «البوابة الذهبية» للربط الإقليمي، ورغم الضغوط الأميركية، ما زالت متمسكة بتنفيذه.

ممر النقل الدولي الشمال-الجنوب

يُعدّ «ممر النقل الدولي الشمال-الجنوب» الذي يربط نيودلهي بروسيا عبر إيران وأذربيجان، أحد المشاريع المهمة للهند، وجرى تصميمه لتجاوز كلٍّ من باكستان والصين. وتؤكد طهران وموسكو كذلك على ضرورة تسريع تنفيذ البنية التحتية المتبقية لهذا الممر.

وقد تؤدي الحرب إلى وقف عدد من مشاريع الطرق والسكك الحديدية الحيوية في إيران، مما سيؤثر سلباً على نجاح الممر. وسيشكل مثل هذا التأخير ضربة لمشروع الهند الرامي إلى تقليل الاعتماد على «مبادرة الحزام والطريق» الصينية.

الممر الاقتصادي الهندي – الشرق الأوسط – أوروبا

الممر الاقتصادي الهندي – الشرق الأوسط – أوروبا هو مبادرة أخرى مهمة تهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، متجاوزة الطرق التقليدية مثل قناة السويس. ويعبر هذا الممر كلاً من الإمارات، والسعودية، والأردن، وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي.

وقد أُطلق هذا المشروع خلال قمة مجموعة العشرين لعام 2023 في نيودلهي بدعم من الولايات المتحدة، ويهدف إلى تعزيز دور الهند في سلاسل التوريد العالمية وتقوية العلاقات الاقتصادية الإقليمية.

ومع اشتداد وتيرة الحرب وتدخل إسرائيل وأميركا بشكل مباشر، بات تقدم هذا الممر الاقتصادي مهدداً بشكل كبير، وقد يتوقف أو يتباطأ بشكل حاد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى