من الصحافة الإيرانية: هل غياب تمثيل إيران الدبلوماسي لإقامة دولة فلسطينية يصب في مصلحة الفلسطينيين؟
رغم أن موقف إيران من القضية الفلسطينية يُعد مبدئياً وعادلاً ومنطقياً، إلا أن الجانب العملي لهذا الموقف مشكوك فيه نتيجة الظروف الميدانية وغياب الدعم الدولي الكامل.

ميدل ايست نيوز: الأسبوع الماضي، غاب تمثيل إيران عندما عرضت المملكة العربية السعودية وفرنسا مشروع قرار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الحل السلمي للقضية الفلسطينية ودعم إقامة دولة فلسطينية ضمن إطار حل الدولتين. فقد صوت 142 دولة من بين 193 عضواً في الأمم المتحدة لصالح هذا القرار، فيما صوتت 10 دول فقط ضده، من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل. ومع ذلك، غابت إيران وعدد من الدول الأخرى عن هذا التصويت، مما أثار تساؤلات كثيرة حول مواقف إيران بشأن تشكيل دولة فلسطينية.
وقالت صحيفة هم ميهن في تقرير لها، إنه رغم أن إيران أعلنت رسمياً أنها لا تعترف بإسرائيل، إلا أنها تؤكد دائماً على دعم حقوق الشعب الفلسطيني. وفي الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال الإسرائيلي إلى ارتكاب ما يُعتبر إبادة جماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تسعى إلى محو القطاع من على الخريطة الجغرافية، تتلكأ الحكومة الإيرانية في دعم أي خطة قد تسمح للفلسطينيين بالحصول على جزء من أراضيهم كدولة مستقلة. ويعتقد العديد من الخبراء أن تشكيل دولة فلسطينية، حتى لو كان على جزء صغير من الأراضي التاريخية، سيحسن بشكل كبير ظروف حياة الفلسطينيين ويغير واقع الحياة تحت الاحتلال.
وأكدت طهران في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أن هذا البيان يتجاهل جذور الأزمة، ويشوّه المسؤوليات، ويُلغي الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق الدفاع المشروع.
موقف إيران الرسمي
حتى اليوم، تمسكت إيران بموقف مبدئي لحل القضية الفلسطينية ضمن إطار تشكيل دولة فلسطينية مع عودة اللاجئين وإجراء استفتاء لتحديد النظام السياسي المستقبلي. وبحسب رسالة رسمية أرسلتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 2019 إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، تتضمن خطة إيران أربعة مراحل أساسية هي:
-
ممارسة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التاريخية.
-
إجراء استفتاء وطني بين سكان فلسطين قبل وعد بلفور، يشمل جميع الأديان، لتحديد المصير ونوع النظام السياسي.
-
تشكيل النظام السياسي الذي يختاره غالبية الشعب الفلسطيني.
-
اتخاذ قرارات بشأن وضع السكان غير الأصليين في فلسطين من قبل النظام السياسي الذي تختاره الأغلبية.
الفصائل الفلسطينية
رغم أن موقف إيران من القضية الفلسطينية يُعد مبدئياً وعادلاً ومنطقياً، إلا أن الجانب العملي لهذا الموقف مشكوك فيه نتيجة الظروف الميدانية وغياب الدعم الدولي الكامل. فحتى فصائل المقاومة الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس كأكبر حركة مقاومة مسلحة في الأراضي الفلسطينية، صاغت مواقفها بما لا يعارض إقامة دولة فلسطينية في أجزاء من الأراضي الفلسطينية.
إذا اعتُمد التصنيف السائد في إيران لتقسيم الفصائل الفلسطينية إلى تسوية ومقاومة، فإن فصائل التسوية قبلت تماماً بحل الدولتين وهي مستعدة لتشكيل دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 مقابل الاعتراف بإسرائيل. أما الفصائل المقاومة مثل حماس، فرغم أنها لا تعترف مطلقاً بإسرائيل، فإنها في إطار “الهدنة” مستعدة ليس فقط لقبول دولة فلسطينية في أجزاء من الأرض التاريخية، بل والمساهمة في بنائها والمشاركة في حكمها.
ما الذي يمكن لإيران القيام به؟
لا شك أن إقامة دولة فلسطينية، حتى لو كانت على مساحة محدودة وغير عادلة، ستُحسّن ظروف حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال، وتمنح الشعب الفلسطيني حق العضوية في المنظمات الدولية وحق الدفاع المشروع عن نفسه ضد المعتدي، وقد تساعد على المدى الطويل في تعزيز حقوق الفلسطينيين. ومن المهم الإشارة إلى أن إنشاء دولة فلسطينية لا يعني، وفقاً لميثاق حماس الجديد لعام 2017، الاعتراف بإسرائيل أو المصادقة على وجودها، بل يعد خطوة صغيرة نحو استعادة الحقوق الفلسطينية.
كما أن انضمام إيران إلى موجة الدعم الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية يعزز مكانتها في إطار العمليات الدولية لحل القضية الفلسطينية، ويجعلها لاعباً فاعلاً في المفاوضات والحوارات المتعلقة بمصير الشعب الفلسطيني على المستوى الدولي. اليوم، يظل مقعد إيران في المفاوضات المستقبلية للفلسطينيين شاغراً، ومع ذلك تدّعي إيران دعم حقوق الشعب الفلسطيني، لكنها لا تشارك في أي عملية دبلوماسية لتقديم المساعدة له.
وفي الوقت نفسه، تشارك دول مثل قطر وتركيا، التي تربطها علاقات رسمية أو غير رسمية مع إسرائيل، مباشرة في الجهود الدبلوماسية لتخفيف معاناة الفلسطينيين، ولو بجهود غير ناجحة. لم تنتقد حماس وفصائل فلسطينية أخرى هذه الدول بسبب علاقاتها مع إسرائيل أو دورها في تسهيل الحوار للهدنة، بل أشادت بهذه الجهود. لذلك، لا ينبغي تصور أن مشاركة إيران في العمليات الدبلوماسية التي تهدف إلى التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني ستؤدي إلى استياء الفلسطينيين أو جماعات المقاومة.
اقرأ المزيد
ما وراء غياب إيران عن التصويت على “إعلان نيويورك” لحل الدولتين؟



