الصحافة الإيرانية: انتخابات العراق ساحة تلاقي نفوذ إيران والولايات المتحدة

يمكن وصف انتخابات العراق بأنها ساحة يتقاطع فيها نفوذ كل من إيران والولايات المتحدة. فربما لا يوجد مكان في المنطقة يشهد هذا القدر من التلاقي بين خصمين لدودين كما يحدث في العراق.

ميدل ايست نيوز: يمكن وصف انتخابات العراق بأنها ساحة يتقاطع فيها نفوذ كل من إيران والولايات المتحدة. فربما لا يوجد مكان في المنطقة يشهد هذا القدر من التلاقي بين خصمين لدودين كما يحدث في العراق.

وقال الصحفي الإيراني رضا غبيشاوي، في مقال نشره موقع عصر إيران، إنه عقب إجراء الانتخابات العراقية وإعلان فوز قائمة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، قدّمت كل من الولايات المتحدة وإيران التهاني بإتمام العملية الانتخابية، وأشادت كلتاهما بطريقة تنظيمها.

ورغم الخلافات الكبيرة بين الطرفين بشأن بعض الملفات المتعلقة بالعراق، إلا أن طهران وواشنطن تتفقان في القضايا الأساسية لهذا البلد، وعلى رأسها الحفاظ على استقرار بغداد السياسي. فاستقرار الحكومة العراقية وإدارة الدولة يشكلان خطاً أحمر لكلا البلدين، رغم المسافة التي تفصل بينهما والتي تبلغ نحو 12 ألف كيلومتر.

أما أبرز خلاف بين إيران والولايات المتحدة في العراق فيتعلق بنشاط الجماعات التي توصف بـ “قوات المقاومة” المقرّبة من طهران. فإيران تدعم هذه الجماعات بقوة، سياسياً وعسكرياً، بما في ذلك هجماتها ضد القوات الأمريكية في المنطقة وضد إسرائيل. وتعتبر هذه الجماعات الوجود العسكري الأمريكي في العراق “احتلالاً”.

في المقابل، تعارض واشنطن هذه الجماعات بشدة، وسبق أن استهدفتها عسكرياً مرات عدة. وتطالب الولايات المتحدة بنزع سلاح هذه الفصائل وحلّها، في حين ترفض إيران ذلك رفضاً قاطعاً.

كما تسعى إيران إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع العراق، بينما تسير الولايات المتحدة في الاتجاه المعاكس تماماً. فالأمريكيون يطبقون في العراق سياسة صارمة لتنفيذ العقوبات المفروضة على إيران، ويضغطون لمنع تصدير الطاقة الإيرانية—من كهرباء وغاز—إلى العراق، كما يفرضون قيوداً مشددة على المصارف العراقية لمنع أي التفاف على العقوبات. وآخر الأمثلة كان الفيتو الأمريكي ضد خطة العراق لاستيراد الغاز من تركمانستان عبر الأراضي الإيرانية، وهو ما أدى إلى إلغاء المشروع بالكامل.

وقد دفعت هذه القيود بغداد إلى البحث عن بدائل للغاز الإيراني، رغم كونها أغلى وأصعب، مثل استيراد الغاز المسال (LNG) الذي ترتفع كلفته كثيراً ويتطلب إنشاء منشآت باهظة الثمن لتحويله في الموانئ الجنوبية.

ورغم كل ذلك، دعمت كل من إيران والولايات المتحدة الانتخابات العراقية ونتائجها.

ترامب والسوداني

في أبرز المواقف، هنأ مارك سافایا، ممثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شؤون العراق، على ما وصفه بـ”النجاح” في تنظيم الانتخابات العراقية، مؤكداً التزام واشنطن بدعم بغداد.

وقال سافایا في بيان: “أهنئ الشعب العراقي على نجاح الانتخابات البرلمانية… كما أشكر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وحكومته على التزامهم بإجراء الانتخابات في وقتها وبالطريقة المناسبة. هذا دليل واضح على أن العراق يسير في طريق الازدهار وبناء الدولة.” وأضاف: “أكد الشعب العراقي مرة أخرى تمسّكه بالحرية وسيادة القانون وبناء مؤسسات دولة قوية. وستواصل الولايات المتحدة دعم العراق وسيادته ومساعيه الإصلاحية بكل قوة.” وأعرب سافایا عن أمله في التعاون مع الحكومة العراقية المقبلة لتعميق الشراكة الاستراتيجية في مجالات الأمن والطاقة والتنمية، والمساهمة في مستقبل مستقر ومزدهر لجميع العراقيين.

وفي الوقت نفسه، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن “الانتخابات البرلمانية العراقية كانت حدثاً مشرفاً يعزز مكانة هذا الشعب”. ووفق ما نُشر على موقع رئاسة الجمهورية الإيرانية، اعتبر بزشكيان أن إجراء انتخابات هادئة وناجحة يُعد مكسباً كبيراً للعراق وسبباً لتعزيز مكانة هذا الشعب “الصديق والشقيق”، معرباً عن أمله في أن تتعمق العلاقات والتعاون بين البلدين في المرحلة المقبلة في جميع المجالات.

إلى جانب ذلك، يمكن ملاحظة التغطية الإعلامية في التلفزيون الرسمي الإيراني وصحيفة كيهان، التي تحدثت بنبرة انتصارية عن الانتخابات العراقية، مؤكدة نجاحها دون أي تشكيك، رغم أن قائمة نوري المالكي المفضلة بالنسبة لهما لم تحصد المركز الأول. ولو كان هناك توجّه لانتقاد الانتخابات، لكان بالإمكان بسهولة التركيز على نسبة المشاركة البالغة 56% باعتبارها نقطة ضعف، أو الإشارة إلى وجود مراقبين دوليين باعتباره مساساً بالسيادة.

يحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إبعاد بلاده عن ساحة الصراع بين طهران وواشنطن، مع السعي في الوقت نفسه لتحقيق توازن بين الطرفين. وتعد قدرة السوداني على تحقيق هذا التوازن إحدى أبرز نقاط قوته، إذ يمسك بمهارة بخط الوسط بين إيران والولايات المتحدة، ويسعى لتجنيب العراق تبعات المواجهة بينهما.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى