هل تتحول إيران إلى مستورد للنفط؟

إن النمو المحدود في إنتاج النفط في إيران، مقابل الزيادة المستمرة في استهلاك المشتقات النفطية، دق ناقوس الخطر من احتمال تحول إيران إلى دولة مستوردة للنفط.

ميدل ايست نيوز: منذ عام 2018 وحتى عام 2024، لم يزد إنتاج النفط في إيران سوى بمقدار 453 ألف برميل يومياً. هذا النمو المحدود في الطاقة التكريرية، مقابل الزيادة المستمرة في استهلاك المشتقات النفطية، دق ناقوس الخطر من احتمال تحول إيران إلى دولة مستوردة للنفط.

وأدت الطاقة التكريرية المحدودة مقابل ارتفاع استهلاك المشتقات النفطية في إيران،  إلى تراجع قدرة البلاد على تصدير هذه المشتقات، ودفعتها تدريجياً نحو الاستيراد. رغم ذلك، لا يزال المسؤولون الإيرانيون يكررون الوعود برفع الإنتاج النفطي.

ونقلت وكالة “شانا” المتخصصة في أخبار النفط والطاقة عن محمد علي دادور، نائب المدير العام لشركة التكرير وتوزيع المشتقات النفطية، أن الطاقة التكريرية في إيران ارتفعت إلى مليونين و400 ألف برميل يومياً، بعد أن كانت في بداية عمل الحكومة الرابعة عشرة حوالي مليونين و240 ألف برميل.

وكان هوشنغ فلاحتیان، نائب وزير النفط للتخطيط آنذاك، قد صرّح في عام 2023 لوكالة “شانا” أن هدف وزارة النفط في الحكومة الثالثة عشرة هو رفع الطاقة التكريرية من مليونين و300 ألف برميل إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً.

الجدير بالذكر أن شركة التكرير والتوزيع الإيرانية قدّرت الطاقة التكريرية في عام 2023 بحوالي مليونين و200 ألف برميل، وهو ما يقل بمئة ألف برميل عن الرقم الذي أعلنه فلاحتیان.

ورغم مرور عامين على هذا الوعد، فإن الطاقة التكريرية حتى عام 2025 لم تزد سوى بين 100 إلى 160 ألف برميل فقط.

يشار إلى أن وعود رفع الطاقة التكريرية إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً لم تقتصر على احكومة رئيسي فحسب، إذ صرّح شاهرخ خسرواني، القائم مقام المدير العام لشركة التكرير والتوزيع آنذاك، في عام 2014 بأن الطاقة التكريرية ستصل إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً بحلول عام 2019، في حين كانت حينها تقدر بحوالي مليون و800 ألف برميل يومياً.

وتظهر البيانات أن الزيادة في الطاقة التكريرية خلال السنوات الخمس الأخيرة لم تتجاوز 453 ألف برميل. ووفق تقرير نشرته وكالة “شانا” في فبراير 2019، كانت الطاقة التكريرية حينها تقدر بمليون و947 ألف برميل يومياً. أي أن الزيادة منذ عام 2018 لم تلبِّ توقعات المسؤولين، في وقت ازداد فيه استهلاك البنزين والديزل والمشتقات الأخرى بشكل مطرد، ما أجبر البلاد على استيراد المشتقات النفطية لسد العجز.

وبحسب الرسم البياني لتطور الإنتاج النفطي منذ الثورة الإيرانية عام 1979، فقد زادت هذه الطاقة منذ ذلك الحين بنحو مليون و225 ألف برميل يومياً.

عبدالله باباخاني، الخبير في شؤون الطاقة، كتب على قناته في “تلغرام” أن الطاقة التكريرية بلغت حالياً 2.4 مليون برميل من النفط والمكثفات الغازية يومياً، محذراً من أنه في حال استمرار الأوضاع الحالية، ومع تزايد الهدر وانخفاض كفاءة المصافي، فقد لا يبقى لدى إيران فائض نفطي للتصدير خلال العقد المقبل.

وأوضح أن تقادم المعدات في المصافي، وتراجع معدل استخراج النفط والغاز من الحقول، ونقص الاستثمارات في الحقول التي تجاوزت نصف عمرها التشغيلي، إلى جانب زيادة استهلاك المشتقات بسبب تهالك السيارات ومعدات المنازل نتيجة الظروف الاقتصادية، كلها عوامل تنذر بمستقبل صعب لهذا القطاع. وأضاف أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي بحلول عام 2036 إلى تحوّل إيران من مصدر للنفط إلى مستورد له.

ومع استمرار النمو في استهلاك المشتقات النفطية، وغياب الاستثمارات التي تعوّض ضعف الطاقة التكريرية، فإن خطر تحوّل إيران إلى مستورد للنفط بات واقعاً ملموساً. وتشير المعطيات إلى أن البلاد بدأت فعلياً في استيراد كميات كبيرة من البنزين، وسط أزمة نقص الوقود.

وفي مايو 2024، صرّح ناصر عاشوري، أمين اتحاد أصحاب العمل في صناعة التكرير، لوكالة “إيسنا”، بأن إيران استوردت في عام 2023 بنزين بقيمة تقارب ثلاثة مليارات دولار.

وبالنظر إلى نمو الاستهلاك مقابل ضعف الإنتاج، فإن تعمّق العجز في المشتقات النفطية ليس أمراً مستبعداً، خاصة في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل صناعة النفط في إيران، في ظل التحديات المتزايدة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى