اللبنانيون ينتفضون أمام قصر بعبدا وساحات الاحتجاج تستعيد زخمها

شهد محيط مجلس النواب مواجهات بين المعتصمين والعناصر الأمنية الذي استعملوا الرصاص الحيّ والمطاطي لتفريق المتظاهرين.

ميدل ايست نيوز: تحت عنوان “الثورة تمرّ ببعبدا”، نفّذ عددٌ كبيرٌ من المعتصمين اللبنانيين، اليوم الأحد، تظاهرة أمام القصر الجمهوري، في أبعد نقطة يصل إليها الناشطون منذ انطلاق انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث رفعوا صور الرئيس اللبناني ميشال عون وعليها عبارة “مستقبله مؤمّن وإنت…؟”، في إشارة إلى الوضع “المتدهور” الذي وصل إليه لبنان اقتصادياً ومعيشياً ومالياً ونقدياً، في حين لا يزال المسؤولون ينعمون بالثروات التي جمعتها الطبقة السياسية من عمليات الفساد والهدر والصفقات والمحاصصة، بحسب ما يقول المحتجون.

وعمد المعتصمون إلى حرق صور رئيس الجمهورية، ورفع الصوت عالياً في وجه السياسات المتبعة منذ ثلاثين عاماً، وطريقة إدارة السلطة من قبل الرئيس ميشال عون الذي رفع شعار “العهد القوي” منذ انتخابه رئيساً في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ووعد بإجراء إصلاحات جذرية تنتشل البلاد من أزماتها، إلّا أنّه ساهم وصهره، رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، وحليفه الاستراتيجي “حزب الله”، في تعميق حالة الفساد وإغراق البلاد في أزمات، بحسب ما يقول معارضون.

واعتقلت عناصر من الحرس الجمهوري (التابع للقصر) الناشط حسين كنج أثناء التحرك السلمي في بعبدا، وقامت بالاعتداء على ناشطين، نقل اثنان منهم إلى المستشفى، وفق ما أكد الناشط محمد صفدية، الموجود في المستشفى نتيجة إصابته في قدمه، لـ”العربي الجديد”. وسريعاً، نزل المنتفضون إلى ساحة الشهداء تضامناً مع رفاقهم، واستنكاراً لاستمرار التعاطي البوليسي القمعي مع المعتصمين، والاعتقالات التي تقتصر على الناشطين المدنيين السلميين، من دون أن تصل إلى مناصري الأحزاب غير السلميين.

وتوجّه المعتصمون في بيروت إلى منزل وزيرة الدفاع زينة عكر (تنتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي)، والتي يتهمونها بارتفاع منسوب الأساليب القمعية والاعتداءات على الناشطين منذ وصولها إلى الوزارة، وطالب هؤلاء بإطلاق سراح الناشط حسين كنج، لتقع مواجهات بينهم وبين العناصر الأمنية.

كما شهد محيط مجلس النواب مواجهات بين المعتصمين والعناصر الأمنية الذي استعملوا الرصاص الحيّ والمطاطي لتفريق المتظاهرين، الذين حاولوا إزالة بعض العوائق الحديدية، قبل أن يعود الهدوء إلى المكان مع مغادرة المشاركين في التحرك، في ظلّ استمرار الجيش في تسيير دورياته في بيروت.

شمالاً، نفّذ ناشطون، مساء اليوم، تظاهرة في ساحة النور – طرابلس، حيث قطعوا الطريق احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والمالية، وتضامناً مع المنتفضين أمام قصر بعبدا، وتلبية لدعوات مجموعات مدنية في مختلف المناطق اللبنانية لملء السّاحات مساءً، في سياق سلسلة تحرّكات استباقية تمهيداً للانتفاضة التي ستشهدها ساحة الشهداء في بيروت بتاريخ 6 يونيو/حزيران المقبل، والتي من المنتظر أن تكون الكبرى منذ تعليق انتفاضة 17 أكتوبر بسبب فيروس كورونا والإجراءات التي فرضتها حالة التعبئة العامة، وبالتزامن مع رفع الحظر بنسبة كبيرة وفتح البلاد بشكل شبه كامل.

والمشهد نفسه شهدته مناطق بقاعية قطعت فيها الطرقات، منها طريق عام المرج بالاتجاهين، وسعدنايل، حيث رفع المعتصمون شعارات تطالب بفتح ملفات الفساد وتحرير القضاء من أهل السياسة، من خلال منح القضاة الاستقلالية لإصدار الأحكام العادلة ومحاسبة الفاسدين والمشاركين في نهب البلد من دون استثناء أو غطاء لأي شخصية سياسية كانت أو عامة.

وشهدت ساحات الحَراك، يوم أمس السبت، سلسلة تحرّكات شعبية، أبرزها التظاهرة التي نفّذها عشرات المتظاهرين أمام قصر العدل في بيروت للمطالبة بنزع سلاح “حزب الله” تنفيذاً للقرار 1559 الذي اتخذ بتاريخ 2/9/2004، في خطوة تأتي للمرة الأولى منذ “انتفاضة 17 أكتوبر”، وستتبعها، بحسب معلومات “العربي الجديد”، تحركات في الأيام المقبلة في الإطار نفسه سيكون عنوانها “لا للدويلة” و”نعم لدولة القانون والمؤسسات”.

ودعا المحتجون إلى محاسبة الطبقة السياسية التي أوصلت لبنان إلى الانهيار، بما فيها “حزب الله” الذي يواجه اليوم، ولأول مرّة، ضغوطات من بيئته المستاءة من تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وقد ظهر ذلك في انتفاضة 17 أكتوبر التي انضمت إليها مناطق جنوبية محسوبة على الحزب وحليفه “حركة أمل”.

ونفذ عدد من مناصري الحليفين “حزب الله” وحركة أمل، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، تظاهرة مقابلة اعتراضاً على اعتصام المنتفضين، فسارعت العناصر الأمنية إلى تعزيز انتشارها في المكان ووضع حواجز حديدية للفصل بين المجموعتين منعاً لحصول اشتباكات، خصوصاً أنّ سجلّ مناصري الثنائي حافلٌ بالاعتداءات على الناشطين السلميين واقتحام التظاهرات، أحدثها ما حصل مساء الجمعة، مع تعرّض مناصري “حركة أمل” للمحتجين في محيط عين التينة (مقرّ نبيه بري) بالضرب وتكسير السيارات.

كذلك، أقيمت تحركات مساء أمس في عدد من المناطق الشمالية، حيث أحرقت صور السياسيين، ورفع المعتصمون الأعلام اللبنانية واللافتات التي تدعو إلى استقالة الحكومة ومحاسبة المسؤولين عما وصلت إليه الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − عشرة =

زر الذهاب إلى الأعلى