تنسيق تركي إيراني حول استراتيجية الإعلام الخارجي
الجانبين اتفقا على تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الإعلام، وتشكيل آليات بهذا الخصوص. كما اتفقا على عقد اجتماعات استشارية بمجال الإعلام، بشكل دوري ومستمر.
ميدل ايست نيوز: بدأ التنسيق التركي الإيراني في قضايا المنطقة يتسع من البعد السياسي والأمني إلى البعد الإعلامي باعتباره واجهة مهمة للسيطرة وتحصيل مواقع نفوذ جديدة من خلال استغلال ضعف الإعلام العربي كقوة تأثير بسبب تعدد الواجهات الإعلامية وغلبة الأجندات الخاصة على البعد العربي الاستراتيجي.
وعقدت وزارة الخارجية التركية ونظيرتها الإيرانية الأربعاء الماضي، ولأول مرة، اجتماعا استشاريا في مجال الإعلام. جاء ذلك عبر تقنية فيديو كونفرانس بين متحدث الخارجية التركية حامي أقصوي، ونظيره الإيراني عباس موسوي، وفق ما نقلت وكالة الأناضول عن مصادر دبلوماسية تركية.
وأوضحت المصادر أن أقصوي وموسوي شددا على ضرورة انعكاس العلاقات الجيدة القائمة بين البلدين، على مجال الإعلام.
وأضافت المصادر أن الجانبين اتفقا على تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الإعلام، وتشكيل آليات بهذا الخصوص. كما اتفقا على عقد اجتماعات استشارية بمجال الإعلام، بشكل دوري ومستمر.
ويقول مراقبون إن هذا الاجتماع هو مظهر من مظاهر التوافقات الجارية في المنطقة بين إيران وتركيا، مثل ما يجري في اليمن، حيث نجحتا في التقريب بين الفصائل المقربة منهما (حزب الإصلاح الإخواني المرتبط بأنقرة، والحوثيين المرتبطين بطهران)، ودفعهما إلى بناء جبهة هدفها إغراق السعودية في ملف اليمن ومنعها من تنفيذ اتفاق الرياض وما يتطلّبه من ترتيبات تنفيذية تفضي إلى حل سياسي.
وإلى الآن لم يستطع الإعلام المقرب من السعودية والمحسوب عليها تحقيق اختراق في جدار الحملة الإعلامية المضادة، والتي توظف إعلاميين وسياسيين ونشطاء عربا من دول مختلفة على قاعدة الولاء السياسي والأيديولوجي، فيما يراوح الإعلام السعودي مكانه بالرغم من الاستثمار المالي الكبير في ظل غياب رؤية إعلامية قادرة على القطع مع أدوات التوظيف القديمة التي تراهن على الأشخاص وليس على المشاريع والأفكار.
ولم يقف التحرك الإعلامي لتركيا وإيران عند الإعلام القطري، الذي عمل منذ البداية في سياق جلب الانتباه على الانتصار للأجندات المناوئة للسعودية، ولكن مرّ البلدان إلى إنشاء فضائيات مرتبطة بهما بشكل مباشر أو بأحد أذرعهما مثل قناة الميادين التابعة لحزب الله اللبناني، والتي تروّج لتمدد إيران في المنطقة وتضخيم أدوارها.
بدورها، أقامت تركيا قناة ناطقة بالعربية وموجهة إلى الجمهور العربي ووظفت فيها إعلاميين محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين. كما جعلت القيادات الإخوانية المختلفة أهم ضيوفها، واستثمرت كراهيتهم لحكام بلدانهم في الترويج لتدخلها في سوريا وليبيا وتونس والصومال واليمن، والبحث له عن “شرعية شعبية” وتحريك مشاعر الحنين إلى الزمن العثماني.
واستثمرت التمويل القطري السخي في توسيع أعداد الفضائيات العربية التي تبث من تركيا وتحقق أجندتها كما لو أنها قنوات تركية.
في الجهة المقابلة، ثمة مشاريع محدودة جدا للتوجه إلى الجمهور الإيراني والتركي بلغته المحلية، لكنها مشاريع تقوم على المبادرة الشخصية، وتفتقد إلى الدعم الرسمي، بالرغم من كونها تحقق ما عجزت عنه أدوات الإعلام الرسمي العربي باستثماراته الكبرى.
ويكشف التنسيق الثنائي بين تركيا وإيران لوضع استراتيجية إعلامية مشتركة أن قيادات البلدين تضع على رأس أولوياتها اختراق الفضاء العربي بالرغم من تناقض الحسابات والمصالح والأذرع في مقابل تشظ إعلامي عربي ومشاريع منغلقة على نفسها ولا تتمكن من إيصال الرسالة إلى أحد.