هل يدس نتنياهو السم بالعسل في “نكبة” بيروت؟

هل نحن أمام مادة سجالية جديدة بين مؤيدين ومعارضين لحزب الله أم أن النكبة كبيرة ولا تسمح بالانشغال بالتفاصيل؟

ميدل ايست نيوز: لم يتهم حزب الله بالمسؤولية عن تفجير مرفأ بيروت، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غمز من قناته وطرق الموضوع من باب صواريخ الحزب، فأشعل نار السجال الذي كان أصلا تحت الرماد في لبنان.

وفي اتصال مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -الذي استقبل كالفاتحين والمخلصين في بيروت- قال نتنياهو إنه “من أجل تفادي وقوع مآس مماثلة لانفجار مرفأ بيروت يجب إبعاد المتفجرات والصواريخ التي قام حزب الله بتخزينها عن جميع المناطق المأهولة في لبنان”.

وقبل ذلك عرض نتنياهو الثلاثاء الماضي -أي يوم الانفجار- تقديم مساعدات “إنسانية وطبية” للبنان.

قنابل سياسية أطلقها نتنياهو مستغلا عدم انقشاع غبار انفجار مرفأ بيروت بشكل كامل والإعلان الرسمي عن نتائج تحقيق الكارثة التي حلت بلبنان.

فهل نحن أمام مادة سجالية جديدة بين مؤيدين ومعارضين لحزب الله أم أن النكبة كبيرة ولا تسمح بالانشغال بالتفاصيل؟

يجيب الصحفي اللبناني محمد نمر المقرب من تيار المستقبل، بأن “كلام نتنياهو تفصيل وهو يستغل هذا الموضوع ولن يكون مادة سجالية بين اللبنانيين، لأن هناك نكبة حلت بالبلاد والجميع منشغل في الخروج منها”.

وتابع “لا أحد يعلم ما إذا كان حزب الله لديه مخازن أسلحة وصواريخ في المرفأ، فهو حوّل الدولة إلى مركز لمليشيا تُقر بأن لديها مستودعات أسلحة، وآلاف الصواريخ، وطائرات من دون طيار”، لكن نمر لم ينفِ أو يؤكد وجود مخازن أسلحة في مناطق مأهولة بالسكان، ولكنه كشف أن “المربع الأمني للحزب موجود في مناطق مأهولة بالضاحية الجنوبية”.

وأضاف أن “الحزب يستغل مرافق الدولة ومنافذها البحرية والجوية والبرية لخدمة الدويلة القائمة وتحول لبنان لدويلة داخل دولة حزب الله”.

كلام نمر لم يرق للصحفي علي حجازي المقرب من حزب الله، الذي اعتبر أن “الإسرائيلي يحاول في كل مرة استغلال أي حدث لبناني داخلي وتوظيفه ضد المقاومة وآخرها تفجير المرفأ، وأيضا استثمار الاهتمام الدولي والضغط باتجاه محاولة اتهام حزب الله بالمسؤولية عن التفجير، في معركته ضد الحزب ظنا منه أنه سيدفعه لتقديم تنازلات”.

وأضاف أن “الإسرائيلي لا يفهم أن الحزب يستطيع الفصل بين المعركة مع العدو الإسرائيلي والوضع الداخلي وهو جاهز على الجبهتين.. الضغط باتجاه الحزب لتقديم تنازلات في الصراع العربي الإسرائيلي لا يجدي نفعا.. وما لم يقدمه في حرب 2006 تحت وطأة القصف والتدمير لن يفعله في السياسة الآن”.

وبمسألة تخزين الصواريخ في المناطق المأهولة، أوضح حجازي أن “حزب الله مقاومة شعبية، ولا أعتقد أن الإسرائيلي حريص على الشعب اللبناني أكثر من الحزب، وإذا كان يعتقد الإسرائيلي أنه قادر على استغلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأزمة السياسية التي يمر فيها لبنان وإجبار حزب الله على التراجع فهذا أضغاث أحلام”.

أما الكاتب السياسي جوني منيّر، فيقول إن “إسرائيل تتمنى أن يكون الحزب مسؤولا عن تفجير المرفأ وهي تريد استثمار الموضوع في معركتها معه، وبعض الجهات المحلية تتهم الحزب ولكن فعليا وعلميا وبحسب ما خلصت إليه لجنة التحقيق العسكرية في لبنان واطلعت باريس وواشنطن على هذه الخلاصة، فإنه لم يكن هناك آثار بارود على نترات الأمونيوم وأن سبب الانفجار هو احتراق كمية كبيرة من المفرقعات التي أدت إلى التفجير الكبير”.

وأضاف أن “ماكرون قال في تصريح قبل أيام، إن ما حصل كانت نتيجة الإهمال”.

وعن دلالات توقيت تزامن الانفجار قبل أيام من صدور حكم المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري (كان من المفترض أن يكون في السابع من الشهر الجاري وأجل إلى السبت المقبل)، يشرح منير أن “نتيجة الإهمال قد تكون أكبر من أعمال مدبرة ومخطط لها، ليس من السهل اتخاذ قرار بتدمير قسم من بيروت وعشرات الضحايا وآلاف الجرحى -باستثناء إسرائيل- ولولا البحر الذي امتص نصف العصف التفجيري لكانت الكارثة أكبر”.

ولفت إلى أن “ماكرون التقى بوفد من حزب الله يرأسه رئيس كتلته في البرلمان ولم يعترض الرئيس الأميركي دونالد ترامب ألد أعداء حزب الله، وشارك ترامب في المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان”. وخلص أن “الصدفة اجتمعت مع الإهمال واهتراء الدولة وأدت إلى هذا الانفجار الهائل”.

على عكس منيّر، لا يستبعد سركيس نعوم الكاتب السياسي في صحيفة النهار، احتمال وقوف إسرائيل خلف انفجار المرفأ، ونقل عن تحليل في إحدى الصحف الأجنبية أن “إسرائيل لم تكن تعلم بوجود نترات الأمونيوم في المرفأ، ولكن كان لديها قناعة بوجود مخزن أسلحة للحزب في المرفأ ولهذا يرجح التحليل أن تكون إسرائيل قامت بهذا العمل”.

وتابع -بحسب التحليل الإعلامي الذي وصله ولا يتبناه- أن “نتنياهو تراجع في اللحظات الأخيرة عن تبني المسؤولية بسبب وجود نترات الأمونيوم والانفجار الهائل والعدد الكبير من القتلى والجرحى، وترامب لم يفعل ذلك كي لا يحرج إسرائيل ويُفرض عليها عقوبات دولية، وحزب الله لم يكشف التفاصيل حتى لا يخسر شعبيته الداخلية”.

وأكد أنه يجب انتظار نتائج التحقيق، وهل سيجد المحققون “بين الركام بقايا صواريخ، وفي حال وجدوا فستكون إما صواريخ إسرائيلية هي التي ضربت أو كان هناك مخزن أسلحة ضرب”.

وفي قراءته لكلام رئيس الوزراء الإسرائيلي، يقول نعوم إن “نتنياهو يريد تعزيز الانقسام والخلاف بين اللبنانيين، والتلميح إلى أنه قادر على تكرار مجزرة بهذا الحجم سواء فعلها هو أو غيره”.

وختم أن “كلام نتنياهو سيمر مرور الكرام في الداخل اللبناني لأن جميع القوى السياسية تعلم نوايا نتنياهو والعداء الذي يكنه للبلاد، ولكن قد يعود السجال القديم المتجدد عن موضوع السلاح الذي يُتهم بتسببه بالكوارث في البلاد”.
تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى