بعد تلويحها بمشروع مماثل.. هل يتحدد مصير “النووي الإيراني” بشروط سعودية؟

تزداد مخاوف السعودية من تنامي قوة إيران التي تعززها بشكل أكبر تمكنها من مواصلة برنامجها النووي.

ميدل ايست نيوز: تضع السعودية نصب عينيها البرنامج النووي الإيراني؛ إذ تراه يشكل تهديداً على أمنها القومي وأمن المنطقة برمتها، وكان قرار حليفها دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران يصب في صالح تطلعاتها، لكن نيّة جو بايدن الرئيس الأمريكي المنتخب بالعودة للاتفاق أقلقها مرة أخرى.

في عام 2015، وقع الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا على اتفاق مع الحكومة في طهران يقضي بوقف تطوير قنبلة نووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.

لكن في مايو عام 2018، وبأمر من دونالد ترامب، انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق، ووصلت به إلى حافة الفشل.

وسعت إدارة ترامب جاهدة للتوصل إلى اتفاق أبعد مدى، يشمل أيضاً برنامج الصواريخ الإيراني، ويوقف تدخل إيران في النزاعات الإقليمية، وتدعم السعودية هذا التوجه.

بدورها ترفض إيران حتى الآن القرارات الصادرة بحقها في هذا الأمر، وانتقمت من خلال التراجع عن الالتزامات الرئيسية، بما في ذلك تلك المتعلقة بإنتاج اليورانيوم المخصب، الذي يمكن استخدامه لصنع وقود للمفاعلات وكذلك في صناعة الرؤوس الحربية النووية.

وحاولت القوى الخمس التي ما تزال طرفاً في الاتفاق الإبقاء عليه رغم أن المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا أطلقوا آلية نزاع رسمية بشأن الانتهاكات الإيرانية في يناير الماضي، والتي قد تؤدي في النهاية إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.

مخاوف سعودية

في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد صراعات عديدة مثل الحروب الدامية في سوريا واليمن، تتنافس المملكة العربية السعودية وإيران على سيادتها.

وتزداد مخاوف السعودية من تنامي قوة إيران التي تعززها بشكل أكبر تمكنها من مواصلة برنامجها النووي؛ وعليه فإن المملكة دعت في أكثر من مناسبة إلى تحجيم قدرة إيران لمنعها من امتلاك قوة نووية.

السعودية بعثت في نوفمبر الماضي برسالة جديدة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طالب فيها الأمير عبد الله بن خالد بن سلطان، سفير المملكة في النمسا، بضرورة أن تستمر الوكالة في إزاحة الستار عن أنشطة إيران النووية “غير السلمية”.

وقال السفير السعودي في رسالته، إن بلاده تشيد بجهود الوكالة المهمة فيما يتعلق بالتحـقـق والرصد من برنامج إيران النووي، وعلى المهنية والشفافـية العالية التي يتمتع بها مـفـتـشوها.

وأضاف: “تقرير المدير العام للوكالة وما تضـمنه من ارتفاع كمية اليورانيوم المخصب في إيران فوق القيود المسموح بها في الاتفاق، ما يعد استمراراً للتصعيد والتجاوزات الإيرانية”.

وأشار إلى أن ما تم رصده من مخالفات “يؤكد نِية إيران من الاتفاق النووي وطموحها من خلاله”، محذراً من أن طهران بممارساتها تلك تهدد الأمن والسلم في العالم، وفق قوله.

تلويح سعودي

الرياض التي ترى أن طهران -المنافس الشرس على قيادة المنطقة- ماضية في استكمال برنامجها النووي، تجد أن من حقها امتلاك قوة نووية أيضاً، وهو ما لوح به وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، في تصريحات صحفية سابقة.

وسبق تصريح الجبير رسالة السفير السعودي للوكالة الدولية للطاقة بيومين، إذ قال في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، إن بلاده “تحتفظ بالحق في تسليح نفسها بأسلحة نووية إذا لم يكن بالإمكان منع إيران من صنع تلك الأسلحة”.

وأضاف الجبير حول سعي المملكة للحصول على أسلحة نووية “أنه خيار بالتأكيد”، مفيداً أنه “إذا أصبحت إيران قوة نووية فإن مزيداً من الدول ستحذو حذوها”.

وتابع الوزير السعودي: “لقد أوضحت السعودية أنها ستبذل قصارى جهدها لحماية شعبها وحماية أراضيها”. مضيفاً أنه يعتقد “أن الإيرانيين استجابوا فقط للضغوط”.

وعن التغييرات التي قد تأتي في عهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، قال “يجب أن نرى”.

أما آخر ما استجد في هذا الخصوص، كان تصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود في حوار مع صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية، الأحد (6 ديسمبر 2020)، قال فيه إن بلاده لا تعارض عودة محتملة للولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته طهران مع دول غربية عام 2015، وانسحبت منه الإدارة الأمريكية الحالية في 2018.

وأضاف الوزير السعودي: “ما نأمله أن تتم مواجهة جميع القضايا التي تثير القلق من الإيرانيين، وعلى رأسها ضرورة فرض حظر دائم على تخصيب اليورانيوم، وعدم تمكين إيران من العودة إلى هذه الأنشطة في اللحظة الأولى التي يظهر فيها خلاف بين الأطراف المتعاقدة”.

واعتبر أنه يتعين أيضاً معالجة مسألة عمليات التفتيش في المنشآت الإيرانية؛ “لأن هناك مواقع عسكرية سرية تُفرض فيها قيود على المفتشين، فضلاً عن أن الاتفاق السابق لم يتطرق إلى أنشطة إيران الإقليمية العدائية والتوسعية”، حسب تعبيره.

رسالة الرياض لبايدن

جو بايدن، الرئيس القادم إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، يحمل في برنامجه الرئاسي إعادة العمل بالاتفاق النووي الإيراني، وكان هذا سبباً في ظهور المخاوف السعودية.

ولتبديد هذه المخاوف وجهت الرياض في نوفمبر الماضي، طلباً إلى إدارة جو بادين، بشأن أية مفاوضات محتملة بين الإدارة الأمريكية وإيران حول الاتفاق النووي الإيراني.

وأكد وزير الخارجية السعودي، خلال حديث مع شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية، أن “المملكة يجب أن تكون جزءاً من أية مفاوضات محتملة بين الإدارة الأمريكية القادمة وإيران بشأن اتفاق نووي جديد”، موضحاً أن “السعودية تسعى للدخول في شراكة معها بشأن اتفاقية جديدة محتملة مع إيران، للحد من الأنشطة النووية، وللتصدي لأعمالها الخبيثة في المنطقة”.

وأشار بن فرحان، إلى أن “مثل هذا الاتفاق، يمكن أن يسمى “++JCPOA”، حيث أن اتفاقية “JCPOA”، هي خطة العمل الشاملة المشتركة التي تم توقيعها في عام 2015، بين إيران والقوى العالمية، حول القوة النووية لدى إيران وطرق تنظيمها، والتي أنهى الرئيس الأمريكي العمل بها في العام 2018”.

كما لفت وزير الخارجية السعودي، إلى أن “اتفاق “++JCPOA”، “يمكن أن يعالج تسليح إيران للميليشيات، سواء كانوا الحوثيين في اليمن، أو جماعات معينة في العراق أو في سوريا أو لبنان وما بعدها”، بالإضافة إلى برامجها للصواريخ الباليستية، وبرامج الأسلحة الأخرى التي تواصل استخدامها لنشر الفوضى في المنطقة”.

وعاد بن فرحان، ليؤكد في مقابلة أجرتها معه وكالة “فرانس برس”، السبت (5 ديمسبر 2020) على ضرورة التشاور مع دول الخليج بشأن أي اتفاق نووي جديد بين إيران والولايات المتحدة.

وقال: “بشكل أساسي، ما نتوقعه هو أن يتم التشاور معنا بشكل كامل وأن يتم التشاور بشكل كامل مع أصدقائنا الإقليميين بشأن ما يحدث، في ما يتعلق بالمفاوضات مع إيران”.

ليس سهلاً

ويعتقد الكاتب السياسي نظير الكندوي، إن “تصريح السعودية في رغبتها بأن تكون جزء من محادثات مستقبلية بشأن نووي إيران، هي رغبة ليس من السهل الموافقة عليها من قبل إيران، بل حتى من باقي الأطراف الأوربية التي شاركت سابقاً في الاتفاق النووي عام 2015”.

وأوضح الكندوري في حديث مع “الخليج أونلاين”، أن إيران حينما وافقت على بدأ محادثات مع الدول الكبرى كان بسبب امتلاك تلك الدول القوة وقدرتها على فرض رؤيتها على إيران باعتبارها دول كبرى صناعياً وعسكرياً، بينما الحال مع السعودية مختلف، فإيران تعتقد أن المملكة أقل منها قدرة عسكرية وأقل منها نفوذاً في المنطقة، فما الذي يجعل إيران توافق على إشراك المملكة في هذه المحادثات وهي تعلم إن السعودية سوف لن تكون محايدة فيها؟”.

وأشار إلى أن “التلويح السعودي، بالسعي لامتلاك سلاح نووي رداً على البرنامج النووي الإيراني لم يكن في محله… ذلك لأن إيران بالرغم من أن الشكوك التي تحوم حول برنامجها النووي وأنه ليس سلمياً، لكنها لم تصرح ولا مرة بأنها تسعى لامتلاك سلاح نووي، على عكس السعودية التي لم تخطو خطوتها الأولى في هذا المجال، تجدها تُصرح بشكل صريح وأمام العالم بسعيها لامتلاك سلاحٍ نووي، وهذا سيجعل دول العالم تنظر إلى السعودية نظرة مختلفة”.

وأكّد الكندوري أنه “من غير المرجح أن تهتم الإدارة الأمريكية الجديدة بالمخاوف السعودية، بل سيكون هناك ضغطاً أمريكياً على المملكة في عهد بايدن، وهذا ما تتخوف منه القيادة السعودية الأمر الذي جعلها تتنازل عن كثير من مسلماتها السياسية الحالية في المنطقة، وتمد يد المصالحة لقطر وتركيا، لتعيد ترتيبات تحالفاتها في المنطقة حتى تُخفف من الضغط القادم عليها”.

هل اقتنع بايدن؟

يبدو أن جو بايدن بات مقتنعاً بالطرح السعودي بان تشارك المملكة في أي اتفاق جديد يخص البرنامج النووي الإيراني؛ أوضح بايدن في حوار مع صحيفة “نيويورك تايمز” في الأول من ديسمبر الجاري، أن من الضروري مشاركة دول أخرى في أي اتفاق جديد بشأن إيران.

وقال بدون اتفاق نووي مع إيران “قد نكون أمام وضع تسعى فيه السعودية وتركيا ومصر ودول أخرى في المنطقة إلى تطوير أسلحة نووية”.

وأكد في معرض جوابه عن سؤال ما إذا كان مستعداً للعودة إلى الاتفاق النووي:إن “الأمر لن يكون سهلاً، لكن نعم”.

وأضاف أن “الإدارة المستقبلية تعتزم، بالتعاون مع الحلفاء والشركاء، المشاركة في مفاوضات ووضع اتفاقيات إضافية من شأنها تعزيز وتوسيع القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، وكذلك تتعلق ببرنامج طهران الصاروخي”، معرباً عن رغبته بان تكون السعودية بين الدول المشاركة في المفاوضات.

وجاء الرد الإيراني سريعاً، الاثنين (7 ديسمبر)، حيث أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، معارضتها لمشاركة السعودية والبحرين في أي مفاوضات مقبلة بشأن الاتفاق النووي في حال أعلن بايدن العودة إلى الاتفاق، بعد تسلمه منصبه في يناير المقبل.

وقال المتحدث باسم الوزارة سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحفي: إن “على هذه الدول أن تعي مكانتها”، زاعماً أن “السعودية تصرفت بشكل غير لائق تجاه دول المنطقة”.

وطالب زاده، السعودية بـ”ضرورة تصحيح مسارها بأسرع وقت ممكن تجاه القضايا الثنائية والإقليمية”، لافتاً إلى أنه “بإمكان الجميع أن يتكلموا، ومن الأفضل أن يتحدث المرء في حدوده”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلیج أونلاین

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 + 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى