البابا فرانسيس يبدأ زيارته التاريخية إلى بلاد الرافدين

دعا الرئيس برهم صالح إلى "متابعة مبادرة لتأسيس بيت إبراهيم للحوار الديني، وأن يضم مندوبين عن الفاتيكان والنجفِ الأشرف والأزهر والزيتونة المراكز الدينية الكبرى في العالم".

ميدل ايست نيوز: وصل البابا فرنسيس، اليوم الجمعة، إلى العاصمة العراقية، حيث سيلتقي رئيسي الجمهورية والوزراء برهم صالح ومصطفى الكاظمي، وقادة قوى سياسية ودبلوماسيين، في أول أيام زيارة للحبر الأعظم إلى العراق على مدى التاريخ التي تستمر حتى الثامن من الشهر الحالي.

عبّر البابا فرانسيس، في كلمته، عن شكره لـ”الرئيس العراقي على دعوته لزيارة العراق، وتحقيق هذه الفرصة لأن أقوم بالزيارة التي طال انتظارها إلى هذه الأرض، مهد الحضارة، والمرتبطة ارتباطا وثيقا، من خلال النبي إبراهيم والعديد من الأنبياء”، مؤكدا أنه “على مدى العقود الماضية، عانى العراق من كوارث الحروب وآفة الإرهاب، ومن صراعات جلبت الموت والدمار، ولا يسعني إلا أن أذكر الأيزيديين، الضحايا الأبرياء للهجمة عديمة الإنسانية (هجمة داعش)، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني، وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر”.

ودعا المجتمع الدولي لأن “يقوم بدور حاسم في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط”، مشددا أن “التحديات المتزايدة تدعو الأسرة البشرية بأكملها إلى التعاون على نطاق عالمي لمواجهة عدم المساواة في مجال الاقتصاد، والتوترات الإقليمية التي تهدد استقرار هذه البلدان”.

عقب مراسم الاستقبال الكبيرة التي أجريت في القصر الرئاسي ببغداد، وجرى خلالها إطلاق المئات من الحمائم البيضاء، فضلا عن عرض فني يوضح مختلف طوائف وقوميات العراق، عقد الرئيس العراقي برهم صالح اجتماعا قصيرا مع البابا فرنسيس.

ورحب الرئيس العراقي، في كلمة له، بالبابا فرنسيس “في بلاد وادي الرافدين، في أور موطن إبراهيم أبو الانباء والمدينة التي ابتكرت الكتابة”، مضيفا أن “إصراركم على زيارة العراق رغم مصاعب الوباء، والظروف العصيبة التي يمر بها بلدنا، تُضاعف قيمة الزيارة لدى العراقيين”.

وعبر عن أسفه أن “العالم يعيش اليوم في زمن الاستقطابات والتقاطعات، وأن الشرق الأوسط يواجه أزمة في التعايش والقبول بالآخر بسبب التوترات والإرهاب، وهو ما يهدد مستقبل الجميع”، مشددا “يجب مواصلة العمل لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، ودعم التعايش والتنوع، وهو أفضل هبة نمنحها للأجيال القادمة”.

وأشار إلى أن “العراق أمام تحديات جسام، واستحقاقات كبيرة تتمثل في إصلاح منظومة الحكم في البلد وتعزيز سيادته”، داعيا الى أن “يكون العراق ساحة للتوافق والتعاون بين دول المنطقة، وركنا أساسيا في منظومة إقليمية قائمة على أساس احترام السيادة والتكامل الاقتصادي، ورفض أن يكون البلد ساحة للصراع والتناحر”.

وأشار إلى أن “مسيحيي الشرق أهل هذه الأرض وملحُها، فلا يمكن تصور الشرق بلا مسيحيين، وأن استمرار هجرنهم من بلدان الشرق ستكون له عواقب وخيمة على قدرةِ شعوب المنطقة نفسها في العيش المشترك”، لافتا إلى أن “ظروف الحياة تحت تهديد وباء كورونا أكدت حاجة العالمَ إلى السلام والتكاتفِ معاً، والابتعادِ عن الاستقطاباتِ والتقاطعات المختلفة، لتسخير الإمكاناتِ الجماعية لكل البشر”.

ودعا إلى “متابعة مبادرة لتأسيس (بيت إبراهيم للحوار الديني)، وأن يضم مندوبين عن الفاتيكان والنجفِ الأشرف والأزهر والزيتونة المراكز الدينية الكبرى في العالم”.

ومن المقرر أن يزور البابا مدينة النجف الأشرف التي يعود تاريخها إلى عشرات القرون، وتعد العاصمة الروحية لمعظم المسلمين من الطائقية الأثني عشرية {الشيعة} في جميع أنحاء العالم حيث تضم مرقد الإمام علي {ع} يوم غد.

وفي النجف الأشرف سيلتقي البابا بالمرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني، وسيقام اللقاء في منزل المرجع الاعلى المكون من طابق واحد، مع منع معظم الصحفيين من حضور الاجتماع.

وكشف الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، تفاصيل دقيقة عن اللقاء وقال في تصريح متلفز مساء الخميس، ان “اللقاء سيعقد في ذات مكتب المرجع الأعلى البسيط والمتواضع وسيحضره 3 أشخاص وسيكون لقاءً شخصياً”.

وأضاف “لا يكون هناك تصريح عقب اللقاء وأتوقع منه نتائج مفرحة لكل العراقيين”.

لفت ساكو الى ان “التواضع والزهد عند البابا والسيد السيستاني ألغى الكثير من فقرات الترف في برنامج الزيارة”.

من النجف الأشرف ينتقل البابا إلى مدينة أور الأثرية في محافظة ذي قار، ويعود تاريخها إلى ما قبل المسيحية، وقد تأسست في القرن الـ26 قبل المسيح، وأصبحت مدينة رئيسية في الإمبراطورية السومرية الأكدية القديمة.

تتميز أور بالزقورة وهو هيكل متعرج يشبه الهرم، تم كشفه في ثلاثينيات القرن الماضي.

ويُعتقد أن أور -التي تعني “بلدة” باللغة السومرية- هي المكان الذي ولد فيه النبي إبراهيم {ع} في الألفية الثانية قبل الميلاد.

وسيقيم البابا مراسم تجمع الأديان المختلفة مع بعض الأقليات الصغرى في العراق، بما في ذلك الإيزيديون والصابئة.
ولأول مرة منذ أربعة الآ عام وصلت الكهرباء الى الزقورة في اطار استعدادات الحكومة لزيارة البابا مع اجراء بعض الاعمال اللوجستية كتوفير الانترنت ومنصة للخطاب وتعبيد طرق تجاه المدينة الأثرية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديدميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 + 17 =

زر الذهاب إلى الأعلى