كبرى البحيرات المالحة في الشرق الأوسط بخطر
في أواخر تسعينات القرن الماضي، كانت بحيرة أورمية في إيران ضعفي مساحة اللوكسمبورغ، وأكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط.
ميدل ايست نيوز: في أواخر تسعينات القرن الماضي، كانت بحيرة أورمية في إيران ضعفي مساحة اللوكسمبورغ، وأكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط، وكشفت تقارير متخصصة أن البحيرة جذبت تاريخياً الطيور المهاجرة، بما في ذلك النحام والبجع والبط والبلشون.
ولكن مذ ذاك، تقلص حجمها على نحو كبير، وقسمت نصفين عام 2008 عبر جسر كبير قد يكون له تداعيات اجتماعية وبيئية خطيرة علماً أنه هدف لتقصير المسافة 15 كيلومتراً بين أورمية وتبريز.
وفي تحقيق ميداني لها خلال الصيف تزامن مع تقرير الأمم المتحدة الذي دق ناقوس الخطر حول تداعيات التغير المناخي، قالت شبكة “سي أن أن” الاميركية إن الاحتباس الحراري يتسبّب بتبخر ما كان يعتبر البحيرة الاكبر في الشرق الاوسط وسادس أكبر بحيرة مالحة في العالم. وأكد مراسل من المكان إنه تمكن رؤية تأثيرات التغير المناخي على المجتمع والناس ومستقبلهم.
صانعو السياسات
فاجأ هذا الكلام خبراء يجادلون بناء على أطنان من الأبحاث، بأن سياسات صناع القرار في البلاد والسكان المحليين هم السبب الرئيسي في تقلص مساحة تلك البحيرة.
ويقول الناشط البيئي والسياسي الايراني السابق كاوه مدني لـ”النهار العربي” إن السكان المحليين مع السياسات البيئية هم سبب رئيسي في تقلص مساحة البحيرة. فإن يقر بأن “التغير المناخي لعب دوراً، وربما كان المحفز للأزمة بمفاقمة الجفاف”، يؤكد أن السبب الرئيسي هو تقليل التدفقات الى البحيرة، “لأن المياه عند المنبع تستخدم للزراعة، وتخزن خلف سدود كبيرة وتنقل الى مناطق حضرية للري والصناعة”.
ويقلل مدني شأن ما أوردته “سي أن أن”، وخصوصاً كونها “لم تقدم أدلة علمية”، معتبراً أن ارسال صحافي الى منطقة جافة والادعاء بأن التغير المناخي هو السبب الرئيسي هو صحافة رديئة وغير أخلاقية، حتى وإن كانت النية مساعدة الكوكب ولفت الانتباه الى التغير المناخي. فالغاية لا تبرر الوسيلة.
وحذر مدني من أن إلقاء اللوم في كل شيء على التغير المناخي يضيع البوصلة لصناع القرار ويعطي نتائج عكسية على المدى البعيد، مذكراً بأن علماء كثراً، بمن فيهم ايرانيون، ناضلوا من أجل تبيان تداعيات أخطاء يرتكبها البشر وصناع القرار على بحيرة أورمية.
شبكة الغذاء المحلية
وأقرت السلطات الايرانية بأن أورمية هي حالياً بنصف حجم ما كانت عليه، مشيرة الى أن تقلصها يعود جزئياً الى مشروع السد، ولكن خصوصاً الى الجفاف القاسي.
ويحذر خبراء من أن جفاف أورمية يهدد شبكة الغذاء المحلية، لاسيما من خلال تدمير أحد أكبر الموائل الطبيعية في العالم من الأرتيميا، وهو نوع من القريدس يمكنه تحمل مستويات ملوحة تصل إلى 340 غراماً لكل لتر، أي أكثر بثمانية أضعاف من ملوحة مياه المحيطات.
وتطاول التداعيات القطاع السياحي الذي تأثر كثيراً. فبعدما كانت البحيرة تستقطب زواراً من المناطق القريبة والبعيدة، وسط اعتقاد بخصائصها العلاجية، تحولت أورمية إلى أرض قاحلة شاسعة بيضاء مملحة مع قوارب شاطئية تمثل صورة مخيفة لما قد يحمله المستقبل.
وتقع البحيرة بين محافظتي أذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية في منطقة حدودية مع تركيا. وتعد واحدة من أكبر البحيرات المالحة في العالم. وقد تعرضت لجفاف وصل إلى 90 في المئة عام 2013، ومنذ ذلك التاريخ تم بذل جهود كثيرة واتخذت خطوات لإنقاذها إلا أن الجفاف يهدد بإفشال كل تلك الجهود.
ويقول مدير مراكز “إحياء بحيرة أرومية” فرهاد سرهوش إن مساحة البحيرة كانت عام 2006 نحو 5 آلاف كيلومتر مربع تقلصت إلى 500 كيلومتر مربع فقط عام 2013 وانخفض حجم المياه فيها من 30مليار متر مكعب إلى مليار واحد.
وذكر سرهوش أن 90 في المئة من البحيرة جف حتى عام 2013 وأن العواصف الترابية أدت إلى مشاكل بيئية في المحافظات القريبة من البحيرة.
وأوضح أنه عقب جهود إحياء البحيرة زاد حجم المياه بها من 1 مليار إلى 4 مليار متر مكعب واتسعت مساحتها إلى 3 آلاف و666 كم مربع.
وحذر مدير فرع هيئة حماية البيئة مهران نظري من أن جفاف بحيرة أورمية من أهم المشاكل التي تواجه إيران. وأكد نظري أن جفاف البحيرة سيؤدي إلى تضرر 6 ملايين شخص بصورة مباشرة، و15 مليوناً بصورة غير مباشرة، وأن العواصف الملحية التي ستحدث حال جفاف البحيرة ستؤثر على الطبيعة والزراعة والحياة البرية بالمنطقة وستصل أيضاً إلى الدول المجاورة.