محاولة اغتيال الكاظمي تعيد الإجماع الأمريكي الإيراني الى العراق

إيران لا تريد أن تخسر أكثر، فحلفاؤها سببوا لها خسائر كبيرة في الداخل العراقي وتسببوا بانقلاب كبير في الشارع الشيعي على نفوذها.

ميدل ايست نيوز: غيرت محاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، البوصلة الدولية نحو بلاد الرافدين، وأدت الى إجماع الخصمين “إيران وأمريكا” على تهدئة الأوضاع في البلاد، حفاظا على مصالحهما، ما اضطر الرئيس جو بايدن الى إعادة النظر بقرار الابتعاد عن العراق.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، نجا فجر الأحد الماضي، من محاولة اغتيال عبر استهداف منزله بطائرات مسيرة، وبحسب بيان وزارة الداخلية، فان طائرتين مسيرتين تم إسقاطهما فيما استهدفت الثالثة المنزل.

وأثارت هذه المحاولة ردود فعل متباينة داخلية ودولية، لكن كان لأمريكا وإيران تحركات سريعة ولم يكتفيا ببيانات الإدانة والاستنكار، إذ وجه الرئيس الأمريكي جو بايدين أمس الأول الأحد، فريق الأمن القومي الخاص به لتقديم كل المساعدة المناسبة للقوات الأمنية العراقية أثناء قيامهم بالتحقيق في هذا الهجوم وتحديد المسؤولين عنه، مؤكدا “وقوف الولايات المتحدة بحزم مع حكومة وشعب العراق وهم يسعون جاهدين لدعم سيادة العراق واستقلاله”.

ووصل مساء الأحد، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني الى بغداد، والتقى رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وبحسب التسريبات التي صدرت، فانه أبلغ الطرفين دعم إيران للعراق ومساعدتها في التحقيقات ورفضها لهذا الاستهداف، بحسب مصادر مطلعة.

كما أفادت المصادر، أن “قاآني أبلغ الكاظمي بامتعاضه من حدوث الجريمة، وطالبه بملاحقة المتسببين حتى لو كانوا ينتمون الى فصيل قريب من إيران، لأن المساس بأمن العراق هو مساس بأمن بلاده”، لافتا الى أن “الجنرال الايراني اجتمع أيضا مع قادة الفصائل المسلحة في العراق، وطالبها بالتهدئة، وتقبل نتائج الانتخابات والعمل على توحيد البيت الشيعي”.

وقد أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، في مؤتمر صحفي عن الاتفاق مع العراق على تقديم المساعدة للكشف عن المتورطين في محاولة اغتيال الكاظمي، مؤكدا أن العراق ليس بحاجة الآن إلى أية وساطة، ولديه حكومة ولها علاقات طيبة مع إيران التي تواصل مساعداتها من أجل استقراره.

ويقول المحلل السياسي المقيم في واشنطن رمضان البدران، إن “الرئيس الأمريكي جو بايدن، خطط للانسحاب من الشرق الأوسط، ودفع الدول المتخاصمة فيه الى الحوار، وخاصة السعودية وإيران، لكن المحاولة يبدو أنها لم تنجح حتى الآن وأمريكا اكتشفت صعوبة الحوار مع إيران، وهو تصور نضج في الآونة الأخيرة بعد أن أدرك العالم بأن العراق منطقة رمادية يمكنها أن تهدد كل المنطقة، ما دفع أمريكا الى إعادة النظر بقراره الخاص بالابتعاد عن العراق”.

وبشأن التطورات الأخيرة في العراق وتدخل بايدن بشكل مباشر فيها، يضيف البدران، أن “التعديات المستمرة على هيبة الدولة، أكدت أن وضع العراق صعب وخطر، والتهديد بلغ أعلى المستويات في ظل ضعف الدولة وعدم امتلاكها الإمكانات الدفاعية، وبالتالي فان هذا التهديد سيؤثر على المنطقة، لذلك جاء الدعم من واشنطن، خاصة وأن نتائج الانتخابات أفرزت ردود فعل من الفصائل المسلحة، توحي بتمرد في العراق قد يقود السلطة، وهذا سيسجل مسؤولية كبيرة على واشنطن لأنها المسؤولة عن العراق منذ 2003 ولغاية الان”.

وبالانتقال الى موقف إيران، ووصول قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني الى بغداد ولقائه مع رئيسي الوزراء والجمهورية، يشير البدران الى أن “الاستهداف الأخير لرئيس الحكومة، هو خرق كبير وأشار أن الجماعات المسلحة خرجت عن طاعة إيران، دون أن تدرك هذه الجماعات ردود الفعل الدولية التي ستنعكس على إيران والضغط الذي ستتعرض لها، خاصة وأنها مقبلة على محادثات فيينا، لذا سعي إيران وعبر قاآني الى التهدئة، هو لإبعاد الحرج عنها والسيطرة على الموقف الدولي الذي قد يثار ضدها، نتيجة هذا التصرف”.

ويستطرد أن “إيران قبل الانتخابات العراقية، حاولت أن تبدي مرونة في المنطقة، وذلك لوجود ضغط داخل امريكا على بايدن للعودة لما بدأه ترامب ضد إيران، لكن الإدارة الأمريكية الحالية تؤكد أن هذا الأمر ليس من شأنها، وبناء على هذا الرأي أوعزت الإدارة الأمريكية قبل أشهر الى بدء حوار بين إيران والسعودية في العراق، وكان غرضه إبعاد ملف إيران في المنطقة عن محادثات فيينا والإبقاء فقط على الملف النووي”.

الى ذلك، يبين رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن “ذهاب العراق إلى الفوضى، سيؤثر على مصالح هذه الدول (أمريكا وإيران) في المنطقة، وقضية الدعم الذي حصل عليه العراق يؤكد أن الادارة الأمريكية يبدو أنها استدارت للعراق، ووضعته ضمن الدول ذات الأهمية القصوى”.

ويردف “أما إيران فإنها لا تريد أن تخسر أكثر، فحلفاؤها سببوا لها خسائر كبيرة في الداخل العراقي وتسببوا بانقلاب كبير في الشارع الشيعي على نفوذها، لذلك نجد قرار بعض الجماعات بالذهاب نحو إرباك الوضع الأمني يسبب حرجا كبيرا لإيران، وبالتالي هي بحاجة إلى ترتيب أوراقها مع الحكومة”.

ويلفت الى أن “إيران وجدت تمردا عليها من قبل الفصائل، وهذا يجب أن تقف عنده وتعرف حيثياته، لأنه بات يسير ضد رؤيتها في العراق”.

يشار الى أن وكالة رويترز كشفت في 21 ايار مايو الماضي، أن الفصائل العراقية الكبيرة الموالية لإيران اضطرت إلى التراجع بعد أن أدى رد فعل شعبي عنيف إلى مظاهرات حاشدة ضخمة ضد النفوذ الإيراني في أواخر عام 2019.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى