واشنطن تتحضر لسيناريو فشل مفاوضات النووي الإيراني وطهران لا تزال متفائلة
قال المبعوث الأمريكي، إن إيران لم تأت إلى طاولة المفاوضات خلال الجولة السابقة بطروحات بناءة، بل إنها تراجعت عن تنازلات قدمتها سابقا.
ميدل ايست نيوز: باشرت الولايات المتحدة تحضيرات في حال إخفاق السبل الدبلوماسية لتسوية أزمة البرنامج النووي الإيراني، مما يشير إلى أن واشنطن لم تعد تؤمن كثيراً بنجاح المباحثات التي استؤنفت أمس الخميس في فيينا.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في مؤتمر صحفي من واشنطن أن الرئيس جو بايدن ملتزم بضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي. وأكدت أنه طلب من فريقه أن يكون مستعدا في حال فشلت الدبلوماسية مع طهران.
وأضافت ساكي أن الدبلوماسية هي السبيل الأمثل للتعامل مع الملف النووي الإيراني، وإن فشلت الدبلوماسية فسوف تنظر الإدارة الأميركية في خيارات أخرى من بينها فرض عقوبات على القطاعات المدرة للدخل في إيران، وفق تعبيرها.
كما كشفت المتحدثة أن وفدا من وزارة الخزانة الأميركية سيزور الإمارات الأسبوع المقبل للحديث عن الالتزام بالعقوبات على ايران.
وكان الدبلوماسيون افترقوا الأسبوع الماضي في أجواء خلاف، إذ اتهم الغربيون طهران بالتراجع بالمقارنة مع الوضع في الربيع الماضي.
وصرّح منسق الاتحاد الأوروبي الذي يقود المفاوضات بين طهران والدول الكبرى، إنريكي مورا، الخميس للصحفيين بأنه بعد “مشاورات مفيدة في العواصم (…) عادوا بتصميم متجدد على العمل بجد”.
وأضاف أن هذه الجولة صعبة بالنظر إلى اختلاف وجهات النظر بين الوفود، ولأن الوقت محدود وفق تعبيره. وأكد في الوقت ذاته جدية كل الأطراف في الوصول إلى اتفاق، مؤكدا التمسك بعدم تعديل ما قبل به الإيرانيون سابقا.
استئناف المفاوضات
واستمر اجتماع رؤساء الوفود من مختلف الأطراف (روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) الذي بدأ قرابة ظهر الخميس في قصر كوبورغ الفندق الفخم في العاصمة النمساوية أكثر من ساعة واحدة بقليل.
وتحدّث السفير الروسي ميخائيل أوليانوف عن أجواء “بنّاءة”. وقال “نجحنا في توضيح سلسلة من سوء التفاهمات كانت قد خلفت توترًا معيّنًا”.
وبذلك استؤنفت الجولة السابعة من المفاوضات بعد دورة الربيع من المفاوضات. فقد بوشرت في أبريل/نيسان وعلّقت في يونيو/حزيران الماضيين بسبب انتخاب رئيس إيراني جديد. ولم تستأنف سوى في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
المشاركون في مفاوضات فيينا طلبوا مهلة الأسبوع الماضي لمراجعة عواصمهم قبل أن يعودوا الخميس لاستئنافها (رويترز)
ويُفترض أن ينضمّ الموفد الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي الذي يشارك بشكل غير مباشر من خلال الأوروبيين، إلى المحادثات في نهاية الأسبوع.
وفي مقابلة مع الجزيرة في مقر الخارجية الأميركية، قال المبعوث مالي، إن إيران لم تأت إلى طاولة المفاوضات خلال الجولة السابقة بطروحات بناءة، بل إنها تراجعت عن تنازلات قدمتها سابقا، حسب تعبيره.
وأضاف أن طهران بدأت تنفيذ ما سمّاه “الخطة ب” بتسريع وتيرة العمل في برنامجها النووي بطريقة غير مسبوقة.
وجدد مالي التأكيد على استعداد الجانب الأميركي للتفاوض المباشر مع الإيرانيين، معتبرا أن هذا الخيار سيكون أفضل في ظل هذا القدر من انعدام الثقة واحتمالات سوء الفهم.
وأشار المبعوث الأميركي إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة الوقوف متفرجة حيال احتمال قيام إيران ببناء برنامجها النووي، وقال إن بلاده تحضر نفسها لخيار الرد وإنها تنسق مع إسرائيل لأنها تتقاسم معها الهدف نفسه.
الموقف الإيراني
من جانبها، جددت طهران رغبتها في التفاوض بجدية، وقال كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري إنّ إصرار الطرفين على مواصلة المحادثات يظهر أنهما يسعيان إلى التوفيق بين مواقفهما.
وأضاف باقري في تصريح عقب انتهاء اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي في فيينا الخميس، أن لدى بلاده جدية وإرادة حقيقية لأجل مفاوضات جادة، وأنها لا ترى عائقا أمام التوصل إلى اتفاق في حال توفر الأسس اللازمة. وأشار إلى أن رد الطرف المقابل على المقترحات الإيرانية سيتضح خلال اجتماعات اللجان المختصة.
من جهته، تحدث وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مساء الأربعاء.
وأعلنت طهران أنّ وفداً من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية سيتوجه إلى فيينا للقاء ومناقشة مسؤولين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المكلفة بمراقبة الطبيعة السلمية للأنشطة النووية.
وتهدف محادثات فيينا إلى إحياء الاتفاق المبرم بين إيران و6 قوى كبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، وألمانيا) عام 2015 بشأن برنامج طهران النووي، بعد أعوام من التوتر والمفاوضات الشاقة. وأتاح الاتفاق رفع الكثير من العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
غير أن مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية مذ قررت الولايات المتحدة الانسحاب أحاديا منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات قاسية على طهران. من جهتها، قامت الأخيرة بعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، بالتراجع تدريجيا عن تنفيذ غالبية التزاماتها الأساسية بموجبه.
وأبدى الرئيس الحالي جو بايدن رغبة في العودة إلى الاتفاق بشرط أن تجدد طهران أيضًا التزاماتها، لكن المفاوضات تتعثر لا سيما بشأن طبيعة ومدى العقوبات التي سترفعها واشنطن وضمانات تطالب بها الجمهورية الإسلامية.
وحذّر الأميركيون إيران من أنهم لن يقبلوا أن تعرقل طهران المفاوضات لوقت طويل، في وقت تعمل الأخيرة على تطوير برنامجها الذري، لكن دون تحديد موعد نهائي حتى الآن.
تنسيق عسكري
ويتزامن الحراك الدبلوماسي في فيينا في وقت بحثت فيه الولايات المتحدة التي تواصل تشديد لهجتها حيال إيران في الأسابيع الأخيرة، مع إسرائيل الخميس في البنتاغون إجراء مناورات عسكرية مشتركة للتصدي لطموحات طهران النووية.
وخلال لقائه نظيره الإسرائيلي في واشنطن، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن الولايات المتحدة وإسرائيل ملتزمتان بالهدف نفسه المتمثل في منع إيران من الحصول على سلاح نووي.
وتحدّث أوستن عن مناورات عسكرية مشتركة أجريت قبل فترة قصيرة في البحر الأحمر بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والبحرين. وقال إن واشنطن ستواصل تطوير هذه الهندسة الأمنية الإقليمية من خلال تعاون عسكري وتدريبات ومناورات.
بدوره، قال بيني غانتس إن إسرائيل تتطلع إلى تعميق الحوار حول الاستعداد العسكري المشترك لوقف ما سمّاه طموحات إيران النووية.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قالت إن مسؤولين سيبحثون مع وزير الدفاع الإسرائيلي بواعث القلق المشتركة إزاء إيران. لكن الوزارة أحجمت عن التعليق على تقرير لوكالة رويترز تحدث عن مناقشات حول إمكانية إجراء تدريبات عسكرية تركز على إيران.
وكان تقرير لرويترز قد نقل الأربعاء عن مسؤول أميركي كبير القول إنه من المتوقع أن يبحث قادة الدفاع في الولايات المتحدة وإسرائيل تدريبات عسكرية محتملة، من شأنها التحضير لأسوأ سيناريو ممكن لتدمير المنشآت النووية الإيرانية إذا أخفقت الدبلوماسية وإذا طلب ذلك زعماء البلدين.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي -في إفادة صحفية- “أعلم أن هناك اهتماما بتقرير معين لرويترز”.
وأضاف “كل ما سأقوله لكم: نحن نجري تدريبات بشكل روتيني مع نظرائنا الإسرائيليين وليس لدي اليوم ما أعلنه أو أتحدث عنه أو أشير إليه أو أتكهن به”.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية أشارت إلى استعداد إسرائيلي أميركي لبحث استهداف محتمل لمنشآت نووية إيرانية إذا فشلت الدبلوماسية.