5 أسباب وراء خفض التصعيد بين إيران وأذربيجان

شهدت العلاقات بين إيران وأذربيجان توترات حادة في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، ومع ذلك، سعى البلدان لاحقا إلى تخفيف هذه التوترات وإدارة الخلافات بينهما.

ميدل ايست نيوز: شهدت العلاقات بين إيران وأذربيجان توترات حادة في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول 2021، ومع ذلك، سعى البلدان لاحقا إلى تخفيف هذه التوترات وإدارة الخلافات بينهما. وفي 26 يناير/كانون الثاني الماضي، زار وزير الدفاع الأذربيجاني “ذاكر حسنوف” طهران والتقى بنظيره الإيراني “محمد رضا أشتياني” وكذلك الرئيس “إبراهيم رئيسي”. ويبدو أن 5 عوامل على الأقل كانت الدافع وراء هذا الجهد الثنائي للتقارب.

ويتعلق العامل الأول باعتبارات إيران الأمنية والجيوسياسية. وفي الخريف الماضي، أجرت إيران أكبر مناورات عسكرية على حدودها الشمالية الغربية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. وأظهرت المناورات حساسية طهران لما اعتبرته عبور الجانب الأذربيجاني لعدة “خطوط حمراء”.

وتشمل تلك الاعتبارات الحاسمة بالنسبة لإيران الحفاظ على التوازن الجيوسياسي في جنوب القوقاز، وحماية الحدود الدولية في هذه المنطقة، وكذلك منع القوات الإسرائيلية أو الإرهابية من التجمع في أي مكان بالقرب من الحدود الإيرانية.

ومع ذلك، أدركت طهران أن التركيز على استعراض القوة فقط يمكن أن يدفع أذربيجان أكثر نحو تركيا وإسرائيل، وهو ما لن يكون بالتأكيد في مصلحة إيران.

أما العامل الثاني فيتعلق باتباع سياسة “الجيران أولا” التي تجعل حل النزاعات القريبة إحدى الأولويات الرئيسية لحكومة “رئيسي” الذي وصل إلى السلطة في أغسطس/آب 2021. وبموجب هذه السياسة، تتمثل الأهداف الثلاثة الأولى لإيران في حل نزاعاتها مع طاجيكستان وتركمانستان، ومواصلة مفاوضات تخفيف التوتر مع السعودية في بغداد، وتقليل التوتر في العلاقات مع الإمارات.

وبالتالي، هدد التصعيد المفاجئ والمتزامن في التوترات بين إيران وأذربيجان في الخريف الماضي، بعرقلة أهداف حكومة “رئيسي” الأخرى المتعلقة بسياسة “الجيران أولا”. لهذا السبب، سعت طهران إلى التعامل مع باكو بشكل من أشكال “الصبر الاستراتيجي” وحرصت على عدم اتخاذ رد فعل مباشر.

ثالثا، تعد أولوية السياسة الخارجية المعلنة الأخرى لإدارة “رئيسي” هي “الدبلوماسية الاقتصادية” التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة السابقة.

ونظرا لأن أكثر من 50% من حجم التجارة الإيرانية مع منطقة جنوب القوقاز هي مع أذربيجان، فإن هذا البلد يتمتع بطبيعة الحال بدور وموقع مهمين في “سياسة الجيران أولا” و “الدبلوماسية الاقتصادية” في طهران.

وفي هذا الصدد، يؤكد توقيع إيران وأذربيجان وتركمانستان على صفقة تبادل ثلاثي للغاز الطبيعي في نوفمبر/تشرين الثاني الاعتبارات الاقتصادية الاستراتيجية لطهران في تعاملها مع باكو.

وبالنسبة لإيران، فإن أحد الجوانب الاقتصادية الحاسمة لدى أذربيجان يتمثل في موقعها بالنسبة للعديد من طرق العبور الإقليمية، بما في ذلك تلك التي تربط إيران بالأسواق ذات الأهمية المتزايدة في روسيا والاتحاد الاقتصادي الأوروبي. وتعد الممرات البرية عبر أذربيجان، وخاصة طريق آستارا – باكو السريع، أفضل من الطرق الأرمينية.

في غضون ذلك، تحاول إيران استكمال الجزء المتبقي من السكك الحديدية التي يربط إيران وأذربيجان وروسيا مباشرة. وقدمت باكو قرضا لطهران بقيمة 500 مليون دولار كائتمان لخط سكة حديد رشت – آستارا، الذي سيصبح جزءا من طريق عبور بري رئيسي آخر مع الاتحاد الاقتصادي الأوروبي.

ويتطلب تشغيل هذه الطرق الحد من التوترات و”نزع الطابع الأمني” عن الحدود الإيرانية الأذربيجانية المشتركة.

رابعا، لدى باكو دوافعها ومصالحها الخاصة فيما يتعلق بإدارة التوترات الثنائية وتخفيفها. ومن وجهة نظر أذربيجان، قد يدفع تدهور العلاقات مع إيران إلى شراكة إيرانية أوثق مع أرمينيا. وظهر هذا الخوف على ما يبدو في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، في ذروة النزاع الإيراني الأذربيجاني، عندما زار وزير الخارجية الأرميني “أرارات ميرزويان” طهران.

علاوة على ذلك، بعد أن بدأت الحكومة الأذربيجانية فرض ضريبة قدرها 130 دولارا على الشاحنات الإيرانية التي تسافر عبر طريق “جوريس – جابان” السريع، شرعت إيران وأرمينيا في الموافقة على تطوير طريق عبور بديل، وهو طريق “تاتيف – أغفاني” السريع، الذي سيتجنب أذربيجان تماما. وفي نهاية عام 2021، قررت إيران بناء قنصلية جديدة لها في جبين بأرمينيا.

ويعد ممر “ناختشيفان” مصدر قلق حيوي آخر لأذربيجان. وبخلاف أرمينيا، تعد إيران هي الدولة الوحيدة التي تقع على حدود كل من البر الرئيسي لأذربيجان وناختشيفان. وبعد حرب قره باغ الأولى، كان المواطنون والشاحنات الذين يسافرون بين شطري أذربيجان يتنقلون بشكل روتيني عبر الأراضي الإيرانية.

وبالإضافة إلى ذلك، تلعب مقايضات الغاز الإيرانية دورا مهما في إمداد نخجوان بالطاقة. وعلى الأقل حتى تنفيذ “ممر زانجيزور” عبر جنوب أرمينيا، الذي سيربط بشكل مباشر بين البر الرئيسي لأذربيجان وناختشيفان، واستكمال خط أنابيب الغاز “أغدير” بين تركيا ناختشيفان، سيظل اعتماد أذربيجان الاقتصادي على إيران في هذه المجالات أحد الاعتبارات الرئيسية لسياسة باكو الخارجية.

وكان الدافع الخامس الجدير بالملاحظة للتقارب الإيراني الأذربيجاني هو الدور الروسي غير المباشر في العملية. وتهتم موسكو لدفع مفاوضات “3 + 3” (أذربيجان وأرمينيا وجورجيا، بالإضافة إلى روسيا وتركيا وإيران) للتعاون في جنوب القوقاز، واستضافت روسيا الاجتماع الأول في هذا التشكيل الدبلوماسي في 9 ديسمبر/كانون الثاني 2021.

وتسعى محادثات “3 + 3” على وجه التحديد إلى ضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية وقف إطلاق النار في حرب قره باغ، والتي وقعتها أرمينيا وأذربيجان وروسيا في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لا سيما البند التاسع منها الخاص بإزالة الحواجز وإحياء السكك الحديدية المهجورة التي تعبر جنوب القوقاز (تعود إلى الحقبة السوفيتية).

ويتطلب هذا الهدف الاستقرار في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، تسعى موسكو أيضا إلى زيادة الطرق البرية والسكك الحديدية من خلال ربط روسيا وأذربيجان وإيران من أجل زيادة التجارة بين روسيا والاتحاد الاقتصادي الأوروبي وإيران.

وتجلى اهتمام روسيا بتخفيف التوترات بين طهران وباكو خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني السابق “حسين أمير عبداللهيان” إلى موسكو في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021. وساعد مزيج من الاعتبارات العسكرية والأمنية والجيوسياسية والسياسة الخارجية والاقتصاد على انتشال إيران وأذربيجان من حافة صراع أكثر خطورة.

والآن، يتطلع كلا الجانبين إلى تهدئة التوترات مع وضع تلك القضايا الاستراتيجية في الاعتبار. ويبقى أن نرى إلى أي مدى يمكن أن تمضي هذه المصالحة، ولكن من الواضح أن الاتجاه في الوقت الحالي يشير إلى رغبة طهران وباكو في علاقة أكثر تعاونا وإفادة للطرفين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى