إيران وروسيا تبدآن التعامل بالريال مقابل الروبل.. هل يتجاوزان العقوبات الأميركية؟

أعلن محافظ المصرف المركزي الإيراني علي صالح آبادي الأربعاء الماضي أن طهران وموسكو بدأتا التعامل بالريال الإيراني مقابل الروبل الروسي في مبادلاتهما الثنائية.

ميدل ايست نيوز: بعد مضي 5 أعوام من مباحثات المرشد الإيراني الأعلى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن ضرورة حذف الدولار الأميركي من التبادل التجاري بين البلدين، اجتمع الزعيمان الأربعاء الماضي مرة أخرى في طهران للإعلان عن تدشين ما اتفقا عليه عام 2017.

وعلى هامش زيارة بوتين إلى إيران، أعلن محافظ المصرف المركزي الإيراني علي صالح آبادي الأربعاء الماضي أن طهران وموسكو بدأتا التعامل بالريال الإيراني مقابل الروبل الروسي في مبادلاتهما الثنائية، وأن مصدري السلع يمكنكهم بيع الروبل الذي يحصلون عليه من الجانب الروسي في السوق الإيرانية لاستيراد السلع من روسيا.

وتزامنا مع حذف البلدين عملة الدولار من مبادلاتهما التجارية، بدأت بورصة العملات الإيرانية التداول بزوج الروبل الروسي والريال الإيراني.

مواجهة العقوبات

ويرى مراقبون في إيران أن اعتماد العملات الوطنية في مبادلات طهران وموسكو يأتي في سياق مواجهة العقوبات الأميركية، وتعزيز التعاون الثنائي بينهما بعيدا عن نظام “سويفت” (SWIFT) المالي العالمي.

في هذا السياق، يعتقد الباحث الاقتصادي غلام رضا مقدم أن العقوبات الأميركية على مبادلات طهران المالية لا سيما على صادراتها من النفط كانت سببا رئيسيا في اقتراح طهران اعتماد العملات الوطنية في مبادلاتها التجارية.

ووصف مقدم، في حديثه للجزيرة نت، حذف الدولار من مبادلات إيران وروسيا خطوة عملية لالتفاف البلدين على الحظر الأميركي على استخدامهما نظام المبادلات العالمي “سويفت”، موضحا أن إيران كانت قد انضمت رسميا عام 2019 إلى نظام المبادلات الروسي لكنها لم تجن ثمرته بعد.

واعتبر الباحث الإيراني أن التبادل التجاري بالريال والروبل سيصب في صالح البلدين اللذين يتعرضان لعقوبات أميركية مماثلة، مؤكدا أن الجانبين سيعملان على توسيع التجربة وتطبيقها مع دول أخرى أو ضمها إلى الآلية المالية الراهنة لتحويلها إلى نظام مالي بديل للسويفت الذي يخضع للهيمنة الأميركية، على حد قوله.

واستدرك مقدم بأن اعتماد العملات الوطنية لن يخلو من تحديات للاقتصاد الإيراني لا سيما عندما يكون فائض الميزان التجاري يميل لصالح الطرف المقابل.

مبادلات ثنائية

من جانبه، أعلن السفير الإيراني لدى روسيا كاظم جلالي، في تصريح متلفز، أن حجم التجارة بين طهران وموسكو ارتفع من مليار و600 مليون دولار عام 2019 إلى 4 ملیارات و500 مليون دولار عام 2021، دون التطرق إلی حجم التجارة بينهما في الوقت الراهن، مما طرح تساؤلات بين الأوساط الإيرانية عن حجم واردات طهران وصادراتها مع روسيا.

ومن خلال الإحصاءات التي نشرتها منظمة الجمارك الإيرانية، تبيّن للجزيرة نت أن تجارة إيران مع روسيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الإيراني الراهن (بدأ يوم 21 مارس/آذار الماضي) بلغت 888 ألفا و537 طنا و300 كيلوغرام، بقيمة 508 ملايين و309 آلاف و76 دولارا.

ووفقا لإحصاءات الجمارك الإيرانية، فإن تجارة إيران مع روسيا خلال الفترة ذاتها من العام الماضي كانت قد سجلت 811 ألفا و775 طنا و380 كيلوغراما، بقيمة 456 مليونا و867 ألفا و332 دولارا.

وتظهر الإحصاءات أن تجارة إيران مع روسيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الإيراني الراهن ارتفعت 9% في الحجم و11% في القيمة.

وارتفعت الصادرات الإيرانية إلى روسيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية بنسبة 6% في الوزن وتراجعت 15% في القيمة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في حين ارتفعت الواردات الإيرانية من روسيا بنسبة 15% في الوزن و22% في القيمة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

الميزان التجاري

من جانبه، وصف الباحث الاقتصادي كريم أسدي أرقام المبادلات التجارية الإيرانية مع روسيا بأنها قليلة وغير متوازنة ولا يمكن أن تؤثر كثيرا في نهوض الاقتصاد الإيراني، مستدركا أن استمرار وتيرة التجارة الراهنة مع موسكو سينعكس سلبيا على طهران، وطالب برفع الصادرات الإيرانية إلى روسيا حتى تصبح متناسبة مع حجم الواردات.

وأكد للجزيرة نت أن التوافقات النقدية الثنائية مجدية في الالتفاف على العقوبات الأجنبية وتسهيل التجارة بين الدول، وأن طهران وموسكو تعدّان من كبار مصدري الطاقة في العالم وليس لدى الطرفين من السلع للارتقاء بالتجارة الثنائية بينهما ما عدا المواد الغذائية التي ارتفعت صادراتها من روسيا إلى إيران عقب الحرب على أوكرانيا.

وأشار إلى أن روسيا ليست من بين شركاء إيران الكبار على مستوى العالم، وإنما نحو 60% من تجارة طهران في الوقت الراهن هي مع الصين والإمارات والعراق وأفغانستان وكوريا الجنوبية.

وخلص أسدي إلى أن إستراتيجية الحكومة الإيرانية الحالية هي الاتجاه نحو الجوار والأسواق الآسيوية من أجل التخفيف من تداعيات سياسة أقصى العقوبات الأميركية وإبطال مفعولها، لتظهر عزيمتها للجانب الغربي في المفاوضات النووية بأنها لم تعد بحاجة لتقديم تنازلات لإحياء الاتقاق النووي.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى