الترويج لفكرة “النص النهائي للاتفاق النووي”

دخلت عبارة "النص النهائي للاتفاق" إلى الصحافة الغربية، باعتبارها عبارة مفتاحية مركزية ردّدها الإعلام الغربي بكثافة.

ميدل ايست نيوز: بدأ فريق الإعلاميين الغربيين، وبعض المسؤولين الغربيين المرموقين، ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي منذ أمس الأول، تداول أخبار تشير إلى بلورة “نص نهائي للاتفاق النووي”. في حين لا تزال الوفود المشاركة في المفاوضات النووية منشغلة بتبادل المقترحات، ومناقشتها من أجل إخراج “مفاوضات إلغاء العقوبات” من وضعها الراهن.

ودخلت عبارة “النص النهائي للاتفاق” إلى الصحافة الغربية، باعتبارها عبارة مفتاحية مركزية ردّدها الإعلام الغربي بكثافة. وفي ضوء أجواء التفاؤل التي روَّج لها بعض المسؤولين السياسيين في الاتحاد الأوروبي، عمل ذلك على تصوير أجواء المفاوضات النووية بصورة مغايرة تماما لما كان يجري في غرفة التفاوض. وتابع الإعلام الغربي الترويج للفكرة الزائفة بشكل واسع ومستمر، على الرغم من أن الصحافة الداخلية الإيرانية ردّت بشكل سريع وواضح على هذا التصور الذي كانت تروج له وسائل الإعلام الغربية، والذي كان يؤكد بلورة نص نهائي خلال هذه الجولة من المفاوضات.

واستمر هذا التوجه الإعلامي الغربي بشكل أوسع؛ إذ أدلى عدد أكبر من مسؤولي الاتحاد الأوروبي بتصريحات متزامنة، مع تزايد المواقف الرسمية التي تدعم التوجه بعد انتهاء آخر جولات المفاوضات النووية في فيينا، والتي تؤكد جاهزية نص نهائي للاتفاق بين إيران والولايات المتحدة. وذلك على الرغم من اختلاف الرواية التي نقلتها المصادر الإيرانية عن المفاوضات، عن تلك المواقف التي أبداها المسؤولون الغربيون. إذ أكد الجانب الإيراني أن مساعد المفوض الأوروبي للسياسة الخارجية، إنريكي مورا، طرح عدة أفكار ومقترحات على أطراف المفاوضات في فيينا، وأن الوفود ستناقش هذه الأفكار مع صناع القرار بعد عودتها إلى عواصم بلدانها.

والسؤال هنا هو: إذا كانت إيران، باعتبارها طرفا أساسيا من أطراف المفاوضات، لا تعترف بالنص المتوافر باعتباره نصا نهائيا، فكيف يمكن لأي مسؤول آخر أن يتحدث عن توفر مثل هذا النص النهائي؟ خصوصا وأن هذا المسؤول لا يمثل الطرفين الأساسيين في الحوار.

ويعمل التأكيد الغربي على أن النص المتوافر هو نص نهائي في اتجاه تكريس واقع أن مثل هذا النص النهائي لا يمكن مناقشته، أو التفاوض عليه. ويجب قبوله كليا، ومن دون حديث، أو رفضه كليا؛ وهو الموقف الذي أكده بعد ذلك مسؤولون في الاتحاد الأوروبي. ويأتي التأكيد على هذا المنطلق، وإن كان بشكل ضمني مناقضا لمبادئ التفاوض. كما أنه يضع الاتحاد الأوروبي في مكانة خاصة لم يقبل بها أي من الأطراف الأساسية في المفاوضات طيلة هذه الأعوام كلها. إذ إن الاتحاد الأوروبي باعتباره منسقا للمفاوضات، لا يمكنه أن يقدم مقترحاته باعتبارها “نصاً نهائياً”، وبوصفه وسيطا في المفاوضات، لا يخوله القيام بخطوة تعتبر أساساً حكراً على أطراف المفاوضات الأساسية.

وبدأ الأمريكيون بعد ذلك حملتهم؛ إذ أكد متحدث باسم الخارجية الأمريكية أن النص المتوافر كما أكد الاتحاد الأوروبي قبل أسبوعين هو أفضل النصوص. ويعتبر النص الوحيد للتوصل إلى اتفاق. وأشار المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إلى أن موقف الولايات المتحدة واضح تماما؛ حيث أن واشنطن جاهزة لاستنتاج مخرجات سريعة حول الاتفاق من منطلق هذا النص. مضيفاً أن الكرة الآن في ملعب الإيرانيين الذين طالما قالوا إنهم جاهزون للعودة الثنائية إلى إطار الاتفاق النووي، وإننا ننتظر لنرى ما إذا كانت أفعالهم تتطابق مع مواقفهم.

ويعكس اتخاذ مثل هذا الموقف من جانب الولايات المتحدة باعتبارها المسؤول الأول عن نشوء الوضع الراهن، وانهيار الاتفاق النووي، والجانب الذي يحاول أن يفرض رؤيته التوسعية عبر فرض مزيد من العقوبات بين الحين والأخرى، أن الترويج الواسع لفكرة توافر “نص نهائي للاتفاق” في الصحافة الغربية ومن المسؤولين السياسيين في الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ما هو إلا خطوة تم تنسيقها من أجل ممارسة الحد الأقصى من الضغوط على إيران، للخضوع للنص الذي اتفق عليه مسبقاً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وفي حين أكد المسؤولون الإيرانيون في نهاية الجولة الأخيرة من المفاوضات في فيينا أن المفاوضات شهدت تقدما نسبيا في بعض الموضوعات، لكنّ ذلك لا يعني توصل الجانبين إلى نص نهائي. ويمكن بوضوح معرفة أن المانع الأساس الذي طالما حال دون توصل الأطراف إلى بلورة نص نهائي، كان السلوك المراوغ الذي مارسته الجهات الغربية، وعدم مصداقيتها، وجهودها المتواصلة لاستخدام آليات من خارج المفاوضات من أجل الضغط على الجانب الإيراني، وتليين موقفه. ولن يترك هذا المنطلق الذي ينتهجه الغرب في المفاوضات أثراً على تغيير المواقف المبدئية التي أبدتها إيران في المفاوضات، كما أنه حتى الآن لم يستطع أن يترك مثل هذا التأثير.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
مركز الإمارات للدراسات
المصدر
نور نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى