هل تقوض الاحتجاجات في إيران فرص الاتفاق النووي

علی وقع فرض عدد من الدول الأوروبية عقوبات ضد طهران، أكدت الأخيرة أنها تتعهد بمسار المفاوضات النووية، متهمة الغرب بالتدخل في شؤونها الداخلية.

ميدل ايست نيوز: رغم إعلان الجانبين الأميركي والأوروبي قبل نحو شهر عن وصول المفاوضات النووية إلى طريق مسدود، تمكنّت صفقة تبادل السجناء بين طهران وواشنطن، الأسبوع الماضي، من إحياء الأمل باستئناف المفاوضات، إلا أن الاحتجاجات المتواصلة في إيران سرعان ما أبرزت علامات استفهام كبيرة بشأن مستقبل الاتفاق النووي.

وحسب تقرير لموقع “الجزيرة” بعد أن أعلنت الولايات المتحدة، فرض عقوبات على 7 من كبار المسؤولين الإيرانيين اتهمتهم بالقيام بدور رئيسي في “القمع العنيف” للاحتجاجات الأخيرة، أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، أن الاتحاد الأوروبي وافق على الجوانب الفنية لفرض حزمة عقوبات تستهدف المسؤولين عن عمليات القمع في إيران، وأنها ستدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل.

وعلی وقع فرض عدد من الدول الأوروبية عقوبات ضد طهران، أكدت الأخيرة أنها تتعهد بمسار المفاوضات النووية، متهمة الغرب بالتدخل في شؤونها الداخلية، وحذّرت من أنها “سترد بحزم” على “أي ابتزاز وضغوط”.

في غضون ذلك، أظهر تقرير سرّي للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، أن إيران تمضي في طريقها نحو توسع مزمع لتخصيب اليورانيوم، باستخدام أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة تحت الأرض في نطنز، وتعتزم الآن المضي قدما بصورة أكبر.

تحالف مناهض

في السياق، يقرأ الأكاديمي الباحث في الشؤون السياسية، مهدي مطهر نيا، تطورات بلاده الداخلية في سياق الإضرار بالتضامن الوطني، مؤكدا أن الاحتجاجات المتواصلة ستقوّض موقف طهران على الصعيد الدولي.

ووصف مطهر نيا، السياسة الداخلية والتضامن الشعبي بأنهما ركيزتان أسياسيتان للسياسة الخارجية، مؤكدا أن عودة الضغوط الأجنبية على طهران ستؤثر سلبا على الملف النووي.

وأكد، أن الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي سيتبنون سياسة جديدة حيال بلاده تتمثل في خلق تحديات أمام طهران واتهامها بزعزعة الأمن الإقليمي والدولي تمهيدا لتدويل ملفها، وذلك بعد أن كانت القوى الغربية تعمل على محاصرة إيران في المنطقة والتضييق على تعاونها مع الدول الأخرى على الصعيد الدولي، على حد قوله.

واستبعد مطهر نيا، إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى العالمية بعد الاحتجاجات التي تشهدها إيران، وتوقع أن تشهد المنطقة تحركات من أجل تشكيل تحالف غربي عربي عبري لمواجهة طهران.

الضغوط القصوى

وبالرغم من أن الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة سبق أن اعتبرت أن سياسة الضغوط القصوى التي مارسها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فشلت في إحتواء سياسات طهران، إلا أن الاحتجاجات الأخيرة في إيران قد ترسل إشارات خاطئة بشأن جدوى “سياسة أقصى الضغوط”، وفق الباحث في الشؤون الأميركية، أمير علي أبو الفتح.

ورأى أبو الفتح أن الاحتجاجات الأخيرة “ستزيد الطين بلة” في الملف النووي وتزيد الشرخ في مواقف طهران وواشنطن التي قد تتشدد في المفاوضات غير المباشرة، لأنها تعتبر الاحتجاجات في إيران ثمرة للضغوط التي مورست ضد طهران حتى الآن.

وقال الباحث إن المواقف الغربية حيال الاحتجاجات في إيران زادت الملف النووي تعقيدا، وستؤجِّل استئناف المفاوضات النووية المحتملة، مؤكدا أن طهران ستعطي الأولوية لحلحلة تداعيات أزمة الاحتجاجات في الداخل خلال الفترة المقبلة، بينما ستعمل الولايات المتحدة علی توتير الأوضاع في الداخل الإيراني لكسب أكبر قدر من الامتيازات في الملف النووي.

واعتبر أبو الفتح العقوبات الغربية الأخيرة ضد مسؤولين ومؤسسات إيرانية بأنها تتناسب وأهداف سياسة الضغوط القصوى الرامية إلى تثوير الشعب الإيراني ضد مؤسسات الحكم، متوقعا أن يتريث الجانب الأميركي عقب الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة قبل أن يظهر رغبة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة.

وخلص إلى أن واشنطن ستراهن على الضغوط الداخلية في إيران لتركيع حكومتها وحثها على التراجع عن مطالبها في الاتفاق النووي المحتمل، مقابل الإفراج عن أموال طهران المجمدة والتنفيس عن اقتصادها المحاصر.

بصيص أمل

من ناحيته، يعتقد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران، رحمان قهرمان بور، أن تشديد التوتر في العلاقات بين طهران والعواصم الغربية لا يعني القضاء نهائيا على الاتفاق النووي، مستدركا أن لجوء الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى لغة العقوبات يعني أنهما ليسا في عجلة من أمرهما لإحياء الاتفاق النووي.

وتوقّع رحمان بور أن يتعمّد الجانب الأميركي تجاهل الملف النووي عقب انتخابات الكونغرس المقررة الشهر المقبل، لكي يظهر للجانب الإيراني أنه لا يقبل سوى اتفاق يحصل من خلاله على أكبر قدر من الامتيازات بدون الحاجة إلى تلبية جميع مطالب طهران.

وخلص إلى أن العقوبات التي فرضتها واشنطن مؤخرا على طهران تنضوي تحت نظام عقوبات حقوق الإنسان، وأن الجانبين الإيراني والأميركي سبق أن اتفقا على ضرورة التفريق بين قضايا حقوق الإنسان والملف النووي.

وختم بالقول إن طهران قد تردّ على الضغوط الغربية الأخيرة باتخاذ خطوات نووية جديدة لكنها لن تُدخل الملف إلى دوامة جديدة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 16 =

زر الذهاب إلى الأعلى