عقبات كبيرة في طريق استمرار العلاقات التجارية بين إيران والهند
إن الأهم من أي شيء هو طمأنة الهند من خطر النفوذ الصيني، وإقناعها بأن العلاقات بين إيران والصين هي علاقات تجارية ودية.
ميدل ايست نيوز: لم تنقطع العلاقات التجارية بين إيران والهند بأي شكل من الأشكال في السنوات الأخيرة الماضية، إلا أنها شهدت في الجولة الأخيرة من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران منذ عام 2018، هبوطاً حادًا من الرقم القياسي العالمي البالغ 17 مليار دولار.
ومن خلال فحص هذه العلاقات التجارية بين البلدين، في مركز الفكر الجيوسياسي التابع لغرفة تجارة طهران، طُرحت اقتراحات للسيناريوهين المستقبليين لعلاقات البلدين وسبل لتخطي الأزمات، على الرغم من الإدراك الواضح للصعوبات في هذا الاتجاه ــ حسب ما أفادت صحيفة “دنياي اقتصاد” الإيرانية.
ويؤدي إحياء المباحثات النووية إلى إعادة العلاقات إلى الروتين الطبيعي إلى حد ما، ولكن في حالة فشل الحوار، فإن لدى الهند خطط لتجنب العقوبات، اي قطع العلاقات مع إيران. من ناحية أخرى، قد تصب الهند جهدها من خلال توجيه الإجراءات الدبلوماسية بشكل صحيح وإجراء تعديلات على تلك الخطط من شأنها إعادة علاقاتها مع إيران. وذلك وفقًا لما جاء في التقرير.
وفي هذا الاتجاه، فإن الأهم من أي شيء هو طمأنة الهند من خطر النفوذ الصيني، وإقناعها بأن العلاقات بين إيران والصين هي علاقات تجارية ودية وليست علاقات تهدف إلى كبح جماح الغرب المتمركز حول بكين وموسكو.
ومع ذلك، في حال تجددت عقوبات مجلس الأمن، يجب أن يوضع في الاعتبار أن الهند لا تريد أن تكون جزءًا من منتهكي عملية متعددة الأطراف.
وبحسب هذا التقرير، إذا أدركت الهند بأن إيران جزء من المنظومة الصينية الروسية لمواجهة الغرب، فلن يكون لدى الهنود الرغبة في التعاون مع إيران، أما في حال وصلت رسالة إلى العالم والهند مفادها، أن هذا التعاون مع الصين بدافع الضرورة، في ذلك الوقت، ستجد دلهي بالتأكيد طريقة للالتفاف على العقوبات الأمريكية، على الرغم من اللوبي القوي في أوروبا والولايات المتحدة.
هذا، وبحسب تقرير مركز الفكر الجيوسياسي الذي نشرته غرفة تجارة طهران، من المهم جدًا الإلمام في الجوانب الاستراتيجية للهند، ومن بينها، الحفاظ على السلامة الإقليمية ووحدة الأراضي، وتوريد المواد الأولية والمواد الخام لضمان ومواصلة النمو الاقتصادي، والتواجد في سلسلة التوريد العالمية والاستخدام المتقن والمؤثر لاستراتيجيات القوة الناعمة.
بناءً على هذه الحالات، يمكن تحليل التقلبات في العلاقات بين البلدين. حيث استند التعاون بين إيران والهند، في العقود الأخيرة، بشكل أساسي إلى حاجة الهند لاحتياطيات إيران الهائلة من الهيدروكربونات ورغبة الهند الشديدة في استهلاك الوقود الأحفوري.
وفي عام 2018، وصلت العلاقات التجارية بين البلدين إلى أعلى مستوى لها وسجلت 17.03 مليار دولار بنمو 23.7٪. ولكن مع بدء العقوبات الأمريكية في العام نفسه، توقفت العلاقات المتوسعة بين الجانبين وانعكس مسارها.
وخلال فترة العقوبات، تسبب النفط المرسل إلى الهند في انخفاض كمية الروبية في حسابات متعلقة لإيران في البنوك الهندية، ونتيجة لذلك انخفضت صادرات الهند إلى إيران بنسبة كبيرة.
بالإضافة إلى ذلك، انخفض اتجاه الاستثمار الهندي في إيران، وقل حضور التجار الهنود في البلاد بعد فرض العقوبات الأمريكية على إيران وتأخر التجار الإيرانيين في سداد الأجور.
في السنوات الأخيرة، فشلت خمس جولات من المفاوضات بين إيران والهند بشأن التجارة التفضيلية وخفض التعريفات الجمركية على المنتجات من كلا الجانبين.
وعلى ضوء هذا، دفع النفوذ الصيني على طريق الحرير، الهند إلى إعادة تحديد دورها العالمي من خلال تبني استراتيجيات جديدة. كان أحدها مشروع “موسام” الجديد، الذي تم اقتراحه بهدف إعادة بناء الروابط البحرية والاقتصادية مع 39 دولة تطل على المحيط الهندي.
إن إعادة بناء العلاقات بين الدول هو أحد أهداف هذا المشروع الذي يتكون من خطين؛ الأول، يربط كولكاتا بميناء سيتوي في ميانمار. والآخر، طريق الكتان ونافذته الرئيسية هو ميناء تشابهار، مما يخلق فرصة للهند للانضمام إلى الطريق القديم لطريق الحرير وآسيا الوسطى وأفغانستان. بالطبع، ستواجه الهند العديد من المشاكل القابلة للتفاوض وذلك مع عودة ظهور جماعة طالبان في أفغانستان.
وبالإضافة إلى العقوبات والتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، أدى قرب إيران المفرط من الصين إلى إضعاف العلاقات الإيرانية الهندية. بجانب هذا، أدى تشكيل صورة لتحالف إيران الاستراتيجي مع الصين وروسيا على الصعيد الدولي، لمواجهة الولايات المتحدة بهدف الإطاحة بالنظام العالمي إلى تقليص أمل الهنود في تطوير علاقات متوازنة بين بكين وطهران.
ونتيجة لذلك، لم يبدوا حماسهم لتطوير مشاريع مشتركة مثل ميناء تشابهار، بل إنهم يتطلعون إلى تجاوز هذا الميناء الإيراني عبر الممر العربي المتوسطي.
ومع انضمام الهند إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل في الممر العربي المتوسطي، يمكن لدلهي إنشاء طريق تجاري بينها وبين غرب آسيا وأوروبا بثلاثة أهداف جيوسياسية، أولها، الحد من قدرة الصين على المناورة في مبادرة الحزام والطريق (حزام واحد – طريق واحد). وإبعاد تركيا عن شبكة النقل الأوروبية، وجعل التجارة الخارجية الهندية اقتصادية أكثر، عن طريق الحد من استخدام قناة السويس.
وقدم هذا التقرير ايضاً، اقتراحات لتطوير العلاقات مع الهند والقدرة على تخطي الصعوبات التي تعرقل الاستثمار في إيران. وأكد على أن ميناء تشابهار الإيراني سيكون مرتكزا للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين إيران والهند سواء الآن أو في المستقبل القريب.