من الصحافة الإيرانية: هل ستنتهي الصراع الإيراني الأمريكي إلى حرب وشيكة؟

أثارت المعطيات الغربية والتصريحات الأخيرة لروبرت مالي بأن سياسة واشنطن الحقيقية تقع في مكان ما بين الدبلوماسية والخطة "ب" تساؤلات كثيرة عن إمكانية وقوع حرب.

ميدل ايست نيوز: بدأت القصة بتصريحات غامضة ومثيرة للجدل أدلى بها ثلاثة مسؤولين أمريكيين لوكالة أسوشيتد برس. إذ زعموا حينها أن إيران ربما كانت تستعد لهجوم وشيك على المملكة العربية السعودية.

وبعد وقت قصير من هذا الادعاء، نشرت أنباء عن أن القاذفة الأمريكية B-52 حلقت فوق مياه الخليج مع ثلاث مقاتلات إسرائيلية. قاذفة، قادرة على الطيران بسرعات قريبة من سرعة الصوت حتى ارتفاع 12 ألف متر وقادرة على حمل قنابل نووية موجهة وغير تقليدية وذات قدرات ملاحية عالمية.

بعد ذلك مباشرة أفادت صحيفة جيروزاليم بوست (Jerusalem Post) الإسرائيلية بأن واحدة من كبرى المناورات المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل انطلقت لمحاكاة ضربات هجومية ضد البرنامج النووي الإيراني.

وأضافت الصحيفة أن إسرائيل “رفعت مستوى استعدادها للخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية”.

من جانبه، قال المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي إن طهران على بعد أسابيع قليلة من الحصول على مادة انشطارية مخصبة لصنع أسلحة نووية.

وأضاف مالي في تصريحات صحفية ــ أفادت به “الجزيرة” ــ أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال إنه قد يوافق على الخيار العسكري ضد إيران في حال فشل الدبلوماسية والضغط والعقوبات.

وتابع أن خيار واشنطن الأول لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي يبقى الدبلوماسية، لكنه قال إن هناك أدوات أخرى.

في المقابل، بدأت إيران في تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60 في المائة في موقع فوردو النووي باستخدام أجهزة الطرد المركزي «آي آر 6»، وذلك رداً على قرار أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية يأمر طهران بزيادة التعاون.

وأضافت المحطة أن إيران ستبني أيضاً مجموعة جديدة من أجهزة الطرد المركزي في الموقع.

هل يتحول رفع تخصيب اليورانيوم في إيران إلى مواجهة عسكرية؟

التراكم يولد الانفجار

أدى هذا الادعاء وكذلك الخلافات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة النووية، التي أدت إلى بدء إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪، إلى إثارة الشكوك في أن إيران والغرب قد وصلوا إلى نقطة المواجهة الأساسية. فيما أثارت المعطيات الغربية والتصريحات الأخيرة لروبرت مالي بأن سياسة واشنطن الحقيقية تقع في مكان ما بين الدبلوماسية والخطة “ب” تساؤلات كثيرة عن إمكانية وقوع حرب.

وفي هذا الصدد، قال مهدي مطهرنيا، محلل القضايا الدولية، في حديث مع موقع فرارو: “بعد سقوط الاتحاد السوفياتي الاشتراكي والنظام القديم، دخل العالم في فترة انتقالية حرجة للغاية بالنسبة للنظام الدولي. لهذا السبب، تجدر الإشارة إلى أن ثلاثة عقود قد مرت منذ ذلك الحين، وكان العالم مليئًا بالأزمات والتكاليف الباهظة التي نتجت عنها، وما تحاول القوى العالمية العظمى القيام به، هو إنشاء نظام عالمي من خلال التنافس مع بعضها البعض”.

وأضاف: “العديد من التغيرات قد طرأت على الملف الإقليمي خلال هذه السنوات، وتشكل تحالف إقليمي ضد جبهة المقاومة لحل الخلاف بين العرب وإسرائيل. فيما كان اتفاقيات إبراهيم أيضًا في نفس الاتجاه، والذي أدى إلى السلام العربي العبري والغربي”.

وأوضح هذا المسؤول: “كانت إيران أحد الأسباب الرئيسية لزيارة بايدن الأخيرة إلى المنطقة واجتماعه بالقادة العرب. ومن هذا المنطلق، بتنا نشهد اليوم في المنطقة حسماً جاداً لقضايا الدول المنافسة لإيران مع بعضها البعض. مصر مع تركيا، وتركيا مع السعودية والسعودية مع كل منهما وهلم جرا”.

وتابع: “صحيح أن هناك تقاربات وعلاقات قد تبدو وطيدة بين إيران وقطر في المونديال، لكن حتى قطر مشغولة حاليًا بتوقيع عقود الغاز والنفط لمصلحتها وتستخدم أحيانًا مناطق مشتركة بينها وبين إيران لهذه العقود”.

الاتفاق النووي بين سنديان الحرب وطاولة الدبلوماسية

سياسة “الألف طعنة”

وأكمل هذا المحلل حديثه: “كانت السياسة التي وضعتها الولايات المتحدة على جدول أعمالها في عام 2015، هي الحد من التعاون الدولي مع إيران وفرض حصار إقليمي على هذه البلاد. بعد ذلك، أي في 2018، أضافت واشنطن سياسة أخرى، وهي تحويل إيران إلى تهديد كبير للمنطقة والنظام الدولي”.

وقال: وإلى جانب السياستين السابقتين، عمل ساسة البيت الأبيض على تفعيل آلية ما أصبح يسمى بـ (ألف طعنة) وتفاءلوا في حل مشكلة إيران بهذه الأساليب. لذلك لا بد من القول أنّ الأجواء بين إيران والغرب ستؤدي إلى مزيد من الاحتكاك والمشاحنة”.

وحول إمكانية حدوث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، أكد هذا المحلل: بشكل عام، يعتمد النهج الاستراتيجي للولايات المتحدة في وضع خيار المواجهة العسكرية مع الدولة المستهدفة في المرحلة الأخيرة. وعند التطرق لاستخدام القوة العسكرية، فإن الأمريكي يضع خطوتين على جدول أعماله. الأولى، التهديد باستخدام القوة العسكرية، والثاني استخدام القوة العسكرية”.

ولفت مطهرنيا: “أنه في العقدين الماضيين أضافت الولايات المتحدة مرحلة أخرى لتأجيل المواجهة العسكرية، وهي استعراض القوة العسكرية بعد التهديد باستخدام القوة العسكرية. لذلك، أعتقد أن محاكاة هجوم على إيران هو تحذير خطير آخر”.

الحرب خارجة عن البال، لكنها ليست مستبعدة

من جهته، قال رحمان قهرمان بور، الباحث البارز في المسائل الدولية، في حديث مع نفس الموقع: “من الواضح أن أمريكا والدول الغربية قد أجرت تغييرات أو أنها تقوم بتغييرات في سياساتها تجاه إيران؛ وسواء أدى تغيير اتجاههم إلى مزيد من الضغط أو اللجوء إلى الخيار العسكري، علينا أن ننتظر ونرى. إذ من السابق لأوانه تقديم مثل هذا التحليل والرأي. لأنه لا توجد معطيات وإشارات دقيقة للغاية في هذا الصدد”.

وقال هذا الخبير في الشؤون الدولية: “يبدو أنه بناءً على كلام المسؤولين الأمريكيين، بما في ذلك رئيس وكالة المخابرات المركزية، وهو ما أكده بعض المسؤولين الأوروبيين أيضاً، فإنهم توصلوا إلى الاعتقاد بأن إيران قد ضعفت حيث يحاولون استخدام هذه الثغرة للوصول لهدفهم. كذلك، يعتقد الغربيون اليوم أن تكلفة المواجهة مع إيران قد انخفضت على عكس الماضي”.

وبشأن احتمال حدوث مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، أكد هذا المحلل: “يتم النظر في ثلاث قضايا بشأن الخيار العسكري، 1- إمكانية الهجوم العسكري. 2- تكاليف الهجوم العسكري 3- ضرورة الهجوم العسكري. وعليه، قد يكون هناك هجوم عسكري عندما تجتمع كل الخيارات، وهذا ليس هو الحال الآن. لكن مع كل هذا، لا يجب أن نتجاهل حقيقة أن هناك إمكانية لصدام عسكري بين إيران وأمريكا وإسرائيل وحتى الدول الأوروبية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى