على خلفية الاحتجاجات.. هل تعدّل إيران دستورها وتتحول إلى الجمهورية الثالثة؟

دعت "جبهة الإصلاحات" (التكتل الرئيسي للتيار الإصلاحي) الجهات المعنية إلى إجراء "تغييرات فورية وشجاعة ومبتكرة" تهدف إلى "بدء حوار فعال على المستوى الوطني".

ميدل ايست نيوز: لم تقتصر تداعيات وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) إثر اعتقالها من قبل “شرطة الأخلاق” على إثارة الحراك الاحتجاجي في الشارع، وإنما حرّكت المياه الراكدة في الأوساط السياسية للمطالبة بتعديل الدستور وإجراء استفتاء لوضع حد لأزمة الاحتجاجات الراهنة.

وحسب تقرير لـ”الجزيرة” قد يكون خطيب الجمعة لأهل السنّة بمدينة زاهدان، المولوي عبد الحميد إسماعيل زهي، سبّاقا في إثارة موضوع الاستفتاء لتجاوز الأزمة المتواصلة، إلا أن تأكيده على ضرورة إجرائه بحضور مراقبين دوليين أثار حفيظة السلطة.

سياسيا، دعت “جبهة الإصلاحات” (التكتل الرئيسي للتيار الإصلاحي) الجهات المعنية إلى إجراء “تغييرات فورية وشجاعة ومبتكرة” تهدف إلى “بدء حوار فعال على المستوى الوطني”، ورأت أن “الخطوة الأولى ممكنة” استنادا إلى الدستور خصوصا “المادة 59 منه المتعلقة بإجراء استفتاء”.

مصادر إيرانية تكشف تفاصيل عن فكرة “الحوكمة الجديدة” في النظام الإيراني ورموزها الأصليين

صلاحيات قانونية

ومنذ ذلك الحين أعادت احتجاجات مهسا إلى الأوساط السياسية والإعلامية في إيران الجدل القديم الجديد بشأن ضرورة تعديل الدستور ليتناسب ومستجدات العصر، إذ كتبت صحيفة “مردم سالاري” عن فوائد تعديل الدستور وقدرته على إخراج البلاد من الأزمة الراهنة.

وتحت عنوان “الجمهورية الثالثة السبيل الأمثل للخروج من الانسداد السياسي”، ذكّرت الصحيفة بالمواد القانونية التي تسمح بتعديل الدستور، ولا سيما المادة 177 التي تنص على أن مراجعته تتم بأمر يصدره المرشد الأعلى إلى الرئيس، وذلك بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام لإعادة النظر في المواد التي يلزم تعديلها أو إضافتها من قبل مجلس يتألف من:

  • أعضاء مجلس صيانة الدستور.
  • رؤساء السلطات الثلاث.
  • الأعضاء الدائمين في مجمع تشخيص مصلحة النظام.
  • 5 من أعضاء مجلس خبراء القيادة.
  • 10 أشخاص يعيّنهم المرشد.
  • 3 من المجلس الوزاري.
  • 3 من السلطة القضائية.
  • 10 من نواب البرلمان.
  • 3 أكاديميين.

وتطرح قرارات هذا المجلس على الاستفتاء العام بعد توقيعها من قبل المرشد، وتصبح سارية المفعول في حال حازت موافقة الأكثرية المطلقة من المشاركين في الاستفتاء.

الجمهورية الثالثة

من جانبه، يرى الأمين العام لحزب “مردم سالاري” الإصلاحي، مصطفى كواكبيان، أن “ثقة الشعب الإيراني قد تراجعت بالنظام الإسلامي، وأن تعديل الدستور سيكون علاجا لما آلت إليه الأمور في البلاد”، موضحا أن هناك بعض المواد الغامضة في الدستور أوصلت البلاد إلى طريق مسدود وعرقلت مسيرتها في السنوات الماضية.

وقال كواكبيان إن الدستور الإيراني الصادر عام 1979 قد خضع لمراجعة شاملة عام 1989، واصفا تلك المرحلة بأنها الجمهورية الأولى لبلاده وأن البلاد تمر بما أسماها الجمهورية الثانية خلال أكثر من 3 عقود، وأن الوقت قد حان لمراجعة الدستور مرة أخرى والتحول إلى الجمهورية الثالثة.

ورأى السياسي الإصلاحي أن الدستور الحالي أضحى بحاجة ملحة للمراجعة والتعديل فيما يخص صلاحيات الرئيس في السياسة الخارجية، ومكانة مجمع تشخيص مصلحة النظام، وهيمنة فئة على هيئة الإذاعة والتلفزيون، وتحديد سقف زمني لبعض المسؤولين، إلى جانب صلاحيات المجلس الأعلى للأمن القومي والأحزاب، والمجلس الأعلى للثورة الثقافية، وموضوع تدخل القوات المسلحة في السياسة.

وفي المعسكر المحافظ، شاطر الناشط السياسي عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد رضا باهنر زميله الإصلاحي بضرورة تعديل بعض مواد الدستور، إلا أنه يرى أن البعض الآخر من مواده -مثل جمهورية النظام وإسلاميته- غير قابلة للتعديل والمراجعة وفقا للدستور ذاته.

وفي تصريح مقتضب للجزيرة نت، أكد باهنر أنه لا يمكن تغيير الدستور تغييرا جذريا، مستدركا أن القانون الإيراني يؤمن بإمكانية إجراء الاستفتاء على بعض الأمور لا سيما تلك الملفات التي لم تكن واضحة لدى البرلمان.

حديث عن “الإصلاح” و”نمط جديد من الحكم” لدى مسؤولين كبار في إيران

معارضة واستدراكات

في المقابل، يعارض حسين طائب، المستشار الأعلى للقائد العام في الحرس الثوري، الرئيس السابق لاستخباراته، إجراء استفتاء على تعديل الدستور، واصفا الحديث عنه بأنه “تمريرة لفريق الولايات المتحدة والكيان الصهيوني”.

وفي كلمة له بجامعة أردبيل شمال غربي إيران، عدّ طائب الانتخابات التي تجريها بلاده استفتاء على شرعية النظام، وأنها نموذج يحتذى به وتطمح إليه جميع الشعوب الحرة، على حد قوله، مؤكدا أن الشعب الإيراني قد اختار نظام الجمهورية الإسلامية وأثبته بدمائه ولن يتراجع قيد أنملة عن ثوابته، عازيا الاحتجاجات المتواصلة إلى اقتصاد البلاد المتعثر والأوضاع المعيشية الصعبة.

وبين هذا وذاك، تخرج الحكومة عن صمتها بشأن تعديل الدستور لتعلن على لسان محمد دهقان، مساعد الرئاسة الإيرانية للشؤون القانونية، أن إجراء الاستفتاء ممكن عند الضرورة، وذلك عندما تنعم البلاد بالأمن والاستقرار، مستدركا أن طرح هذا الموضوع على وقع “أعمال الشغب المستمرة” لن يصب في مصلحة البلاد.

أما الرئيس إبراهيم رئيسي فأعلن رأيه في الأيام القليلة الماضية بالقول إنه لا يوجد طريق مسدود في الدستور الإيراني في تطبيق بنوده وإدارة البلاد، مؤكدا أنه لا يمكن تغيير الثوابت والقيم الأساسية في الدستور، لكن التغيير ممكن في أساليب تنفيذ القانون.

وسواء أكان التغيير ممكنا في سبل تطبيق الدستور أو الاستفتاء على تعديل بعض بنوده، فإن مراقبين في إيران يرونه حاجة ملحة وفق تطلعات الشعب الإيراني والمستجدات التي فرضتها الاحتجاجات المتواصلة منذ أكثر من شهرين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى