طهران تفقد زبائن الطاقة والتنين الصيني يتحكم بمستقبل النفط الإيراني

تُعتبر الصين الزبون الرئيسي للنفط الإيراني، إلا أنها تتجه اليوم نحو ضفة الدول العربية في منطقة الخليج، وعليه، يصبح سوق النفط الروسي وجهة رئيسية لبكين.

ميدل ايست نيوز: تُعتبر الصين الزبون الرئيسي للنفط الإيراني، إلا أنها تتجه اليوم نحو ضفة الدول العربية في منطقة الخليج، کما أصبح سوق النفط الروسي وجهة رئيسية لبكين. فيما أدى الابتعاد الصيني والنأي عن إيران وتسهيل تجارة النفط الروسي الرخيص، إلى زيادة المخاوف بشأن مستقبل سوق النفط الإيراني. مستقبل، أصبح تحت عهدة التنين الصيني.

الصين في منأى عن إيران

في فترة ليست بالبعيدة، ظهر تدريجياً دعم بكين للدول العربية ضد إيران، في وقت كانت تعتقد فيه سلطات طهران أن الصين وروسيا سيكون لهما رفقة شاملة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المعادلات العالمية. ووفقًا لبعض الاقتصاديين، أدى هذا الاعتقاد، إلى إعطاء الصين دور حيوي مبالغ فيه للغاية وتحويلها لواحدة من الفجوات التي تتنفس منها البلاد الصعداء في قطاعها الاقتصادي.

وبحسب قول همايون فلكشاهي، محلل في معهد كبلر الدولي “من أصل 850 ألف برميل من صادرات إيران من النفط الخام والمكثفات اليومية، تم إرسال 730 ألف منها إلى الصين والباقي إلى فنزويلا وسوريا هذا العام.”

وفي الوقت الذي يبرز فيه الدور الحيوي للصين ويظهر في أبهى صوره في الاقتصاد الإيراني، فإن البصمة الإيرانية في الإحصاءات الاقتصادية لبكين ليست بارزة على الإطلاق.

وبحسب صحيفة شرق، في الأشهر الماضية، تسببت الخصومات الكبيرة التي قدمتها روسيا لمشتري النفط في آسيا إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية إلى الصين، وتعين على طهران في المقابل تقديم خصومات أكثر للصين في كل مرة لكي تستطيع مجابهة النفط الروسي، وحتى تظل بكين زبوناً رئيسياً للنفط الإيراني. في حين، وقعت الصين مؤخرًا عقدًا طويل الأجل مع قطر لشراء المزيد من الغاز المسال.

من ناحية أخرى، قامت الصين في السنوات الأخيرة بنسبة 57٪ من الاستثمارات المتعلقة بخطة “الحزام والطريق” في دول الشرق الأوسط، لكن إيران لم يكن لديها أي نصيب من هذا الاستثمار إلا على الورق؛ لا في مشاريع الترانزيت والبناء، ولا في قطاع الطاقة.

وتظهر إحصاءات الجمارك الصينية أنه في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، صدر هذا البلد ما مجموعه 88 مليار دولار إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون، بما في ذلك السعودية والبحرين والكويت وقطر والإمارات وعمان، في حين، بلغت قيمة واردات الصين من هذه الدول أكثر من 172 مليار دولار.

بالتالي، فإن التجارة الثنائية للصين مع السعودية فقط، تعادل سبعة أضعاف تجارتها مع إيران. والتجارة الثنائية بين الصين والدول العربية الأخرى على طول منطقة الخليج مماثلة لهذا الوضع أيضاً. إذ تبلغ تجارة الصين مع الإمارات ستة أضعاف تجارة إيران، وقطر 1.5 مرة، وعمان 2.5 مرة، والكويت الضعف تقريباً.

تداعيات الاستثمار الصيني في السعودية على اقتصاد إيران

الاستماتة الروسية في سوق النفط

ومثلما تحولت الصين نحو الدول العربية، أذيعت أنباء حساسة مؤخراً بشأن النفط الروسي وأثارت مخاوف بشأن تأزم الأوضاع في قطاع النفط في إيران. وفي الآونة الأخيرة، حددت دول مجموعة السبع وأستراليا، سقفًا لسعر النفط الروسي بلغ 60 دولارًا. وإذا باعت روسيا نفطها بهذه القيمة أو أقل، فيمكنها استخدام الإعفاء من العقوبات على ناقلات النفط وشركات التأمين، وهذا سيجعل الأمور أكثر صعوبة لسوق النفط الإيراني.

وبالأمس، أعلنت وزارة المالية الروسية أنه بين 15 نوفمبر و 14 ديسمبر، بلغ متوسط ​​سعر “نفط الأورال” للتسليم من ميناء نوفوروسيسك على أساس فوب 48.69 دولار للبرميل، وهو أقل من السقف السعري البالغ 60 دولارًا في روسيا، ويتم تداول النفط الروسي الآن بأسعار تقل عن 60 دولارًا حيث شملت إعفاءًا من العقوبات لناقلات النفط وشركات التأمين.

ودفعت التكاليف الباهظة للحرب، إلى بذل روسيا قصارى جهدها لعدم خسارة المنافسة في سوق النفط لصالح إيران والبحث عن طرق عديدة لتقليل تكاليف نقل النفط.

وفي هذا الصدد، قال هاشم أورعي، الأستاذ في جامعة شريف التكنولوجية، في حديث مع وكالة ايلنا: “إن روسيا أثارت قضية مبادلة النفط من إيران إلى الهند من أجل تقليل تكلفة نقل نفطها إلى الأسواق الآسيوية.” وأضاف: “عندما تجهز روسيا الطريق الإيراني لتصدير نفطها وغازها، فإنها تسعى بطريقة ما لإخراج إيران من السوق وليس العكس.”

وأكد أورعي: “صحيح أن إيران تتلقى رسوم العبور، لكن هذا الدخل أقل بكثير من سعر بيع النفط، حيث تحصل البلاد على مبلغ ضئيل فقط. في الواقع، تقوم إيران بكل بساطة باستبدال الأسواق الدولية على روسيا.”

إيران والعلاقات مع الدول العربية.. دبلوماسية مترددة وتصريحات متناقضة

مخاوف إيرانية من خسارة السوق الصينية

وأعرب حميد حسيني، رئيس اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران، عن قلقه من خسارة البلاد التدريجية للسوق الصينية.

وقال: “لم يعد وضع الصين الاقتصادي جيداً كما كان في السابق، وذلك بفعل تداعيات جائحة كورونا التي أثرت للغاية على النمو الاقتصادي لهذا البلد. وفي الوقت نفسه، أثارت بعض السياسات في بكين قلق القطاع الخاص الإيراني، إذ نشهد انسحاب رأس المال من الصين بـ70 إلى 80 مليار دولار شهريا، ويحدث معظمه من خلال العملة الرقمية.”

ويرى هذا المسؤول أنه يمكن لروسيا أن تحل محل إيران لاستثمارات الصين في قطاع الطاقة ويمكن أن تزود سوق النفط الصيني بكل ما يحتاجه: “لحسن الحظ، ستضيف الصين هذا العام 700 ألف برميل إلى وارداتها، وفي الوقت نفسه، يتعين على روسيا خفض إنتاجها من النفط ما بين 500 إلى 700 ألف برميل بسبب سقف السعر الذي تم تحديده. لذلك، قد لا يؤثر ذلك على الـ 700 و 800 ألف برميل التي نبيعها هذا العام، لكن من الممكن أن ينخفض ​​تعاوننا مع الصين ونصبح دولة عادية في العلاقات معها.”

ويعتقد حسيني، أنه إذا تمكنت إيران من حل القضية النووية، لكان الصينيون قد تعاونوا معها بمزيد من الاهتمام ولكانت الأجواء أكثر استقراراً الآن: “عندما زار الرئيس الصيني إيران، آخر مرة، كان التوصل إلى إحياء الاتفاق النووي قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء.”

وأضاف: “عندما نحصر أنفسنا في التواصل مع الشرق، فإنهم يعتبروننا أيضًا في أيديهم ولا يبذلون أي جهد لزيادة علاقاتهم معنا ومحاولة الاستفادة القصوى من الاقتصاد الإيراني.”

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى