من الصحافة الإيرانية: هل إحياء العلاقات مع الرياض يعيد طهران إلى الساحة الدولية؟

إن هذا التطور في العلاقات الإيرانية السعودية، رغم أهميته، لن يعيد إيران إلى الساحة الدولية بدون خطة العمل الشاملة المشتركة وتضميد جراح العلاقات مع أمريكا.

ميدل ايست نيوز: وفقًا للاتفاقية الصينية، فإن العلاقات بين إيران والسعودية ستعود كما كانت خلال فترة قصيرة؛ إذ ينص بيان بكين على التفاهم بين الجانبين على الاتفاقات الموقعة منذ أكثر من عشرين عاماً. ما يعني العودة إلى اتفاقية التعاون الأمني لعام 2001 وكذلك اتفاقية اقتصادية موقعة عام 1998، خلال دورة رئاسة خاتمي وروحاني.

ومما لا شك فيه أن العودة إلى العقلانية في السياسة الخارجية، وإعادة العلاقات مع الجانب السعودي وإن كانت متأخرة، تعد عامل مُبشّر يدعو للأمل على المستوى الإقليمي، خاصة وأن هذه الحكومة كانت تتفاوض منذ ما يقرب من عامين، عبر وسطاء، للتوصل إلى تفاهم الـ 20 عام الماضي، والذي من المفترض أن تظهر نتائجه في مجالات أخرى في أسرع وقت ممكن.

وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك أمل في أن تؤدي هذه العودة إلى طاولة العقلانية والاعتدال، والبعد عن التطرف والشعارات، إلى حل المشاكل المتعلقة بالملف النووي وعضوية إيران في مجموعة العمل المالي وتضميد جراح العلاقات مع أمريكا، والمنع دوم حدوث ثغرات أكثر في العلاقات بين إيران وأوروبا.

والأهم من هذا كله، أظهرت الصين مؤخراً أنه ليس لديها الكثير من المبادئ في سياساتها مع الموقف الذي اتخذته من تجزئة أراضي إيران، حيث استخدمت هشاشة سياسة طهران الخارجية، والضغوطات الممارسة عليها جراء العقوبات الغربية كوسيلة ضغط لهذه “الوساطة”. لذلك، لم يكن لديها أي شروط ضمان محايدة مما سيجعل إيران أسيرة أكثر من ذي قبل.

وأما عن العلاقة الإيرانية السعودية، فهي لا تتعلق فقط بإقامة علاقات دبلوماسية وإعادة فتح السفارات، بل حمايتها وتأمين المصالح الوطنية من خلال خلق مسار جديد ومختلف عن الماضي.

وفيما يخص اتفاقية التعاون الأمني ​​التي تم توقيعها عام 2001، فقد كانت سارية وفق رضى طرفي التفاوض، إلا أن المتطرفين والمتشددين وأصحاب الشعارات لم يسمحوا باستمرارها. وهذه المرة أيضاً، إذا توقفت الأمور على توقيع تفاهم بين الطرفين وفتحت أبواب السفارات، فقد نشهد قريبا أزمة علاقات بين طهران والرياض.

لطالما كان أصحاب الفكر المتطرف في البلدين عقبة أمام تطور هذه العلاقات؛ لدرجة أن الصين قد تدخلت أيضا في هذا الشأن، فهي لن تكون مجرد وسيط، بل ربما تكون الضامن لمسألتين في المفاوضات: عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض، وفقًا لتصريحات شي جين بينغ، وقبول الموقف السعودي في المفاوضات النووية بعد التطمينات الصينية.

ومن ناحية أخرى، فإن الدور المتزايد للصين في التطورات الإقليمية سيصبح وسيلة لضمان مصالح ذلك البلد على حساب إيران، بطريقة تجعل اهتمامها الأول في هذا الصدد يلعب دورًا في استقطاب المفاوضات النووية الإيرانية ودول 5 + 1.

من ناحية أخرى، إن تشكيل قطب (روسيا والصين وإيران) من جهة، و(الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي) من جهة أخرى، واستقطاب (5 + 1) في خطة العمل الشاملة المشتركة، ليس فقط لا يوفر مصالح إيران، بل ويجعلها أيضًا حلاً وسطًا للصراع الاستراتيجي لحلف الناتو. أليست النتيجة الأولى لهذه القطبية الثنائية تفعيل آلية الزناد؟

علاوة على هذا، من المحتمل أن تتطور العلاقة غير الرسمية القائمة بين السعودية وإسرائيل بوساطة الصين كما حدث مع إيران. وبهذا، وبعد توطيد هذه العلاقة الثنائية مع إيران وإسرائيل، فقد تصبح الرياض الفاعل الرئيسي والمهم في المنطقة وستظهر صياغة جديدة في سياستها.

صياغة من شأنها أن تمهد الطريق لتنمية اقتصاد السعودية وصناعتها ومنشآتها النووية بالتعاون مع الصين. كذلك، تقليص الأزمة في اليمن وتأمين الجنوب السعودي وإيقاف الهجوم على الداخل السعودي من قبل الحوثيين، فاتفاقية التعاون الأمني ​​لعام 2001 ودور الصين في إعادة إعمار اليمن هي الخطوة الاولى لنجاح هذه الصياغة.

وأن تكون العلاقة مع مهبط الوحي مصدر إلهام للسعي من أجل التقارب الديني بین هاتين الدولتين. حدث غير مرجح حتى مع اتفاق التعاون الأمني. فالاختلافات الدينية ومسألة الحج من المحتمل أن تكون كعب أخيل الرئيسي للعودة إلى الحالة السابقة. هذا ما يظهره الإعلام السعودية تجاه المواقف الإيرانية.

إن حالة العلاقات الخارجية لإيران تدفع الدول الأخرى إلى توخي الحذر بشأن هذا التطور في العلاقات مع السعودية، والمتابعة في مسيرة فرض العقوبات على التعاملات النقدية والمصرفية والتجارية وغيرها، مع المملكة العربية السعودية واتفاقية عام 1998 الاقتصادية.

بيت القصيد، إن هذا التطور في العلاقات الإيرانية السعودية، رغم أهميته، لن يعيد إيران إلى الساحة الدولية بدون خطة العمل الشاملة المشتركة وتضميد جراح العلاقات مع أمريكا.

 

حميد أبو طالبي

مساعد الرئيس الإيراني السابق في الشؤون السياسية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
خبرأنلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى