الفرصة الأخيرة لإيران للانضمام إلى الممرات الدولية

قيل سابقاً مع نهاية أي سنة، فإن قضايا ومسائل ذلك العام لن تغلق بهذه السهولة وستؤثر عواقبها أحياناً على العام المقبل، وأحياناً على جيل بأكمله وفي بعض الحالات على تاريخ أمة بأسرها.

ميدل ايست نيوز: قيل سابقاً مع نهاية أي سنة، فإن قضايا ومسائل ذلك العام لن تغلق بهذه السهولة وستؤثر عواقبها أحياناً على العام المقبل، وأحياناً على جيل بأكمله وفي بعض الحالات على تاريخ أمة بأسرها.

مثلما كانت النماذج الأربع للانتخابات ذات المشاركة الضئيلة، والآثار النفسية التي خلّفها وباء كورونا والعقوبات الغربية، وتفاقم الفقر واتساعه في المجتمع، وتضارب السياسات الثقافية مع تغيرات بيئة الأجيال، علامة على أحداث مؤسفة في عام 2022، فيبدو أن قضايا وأحداث وحتى بعض المستجدات الرمزية التي وقعت العام الماضي سيكون لها تأثير على أحداث العام الإيراني الجديد:

  • أحداث خريف عام 2022؛ وفقًا للعديد من الباحثين في مجال العلوم السياسية وعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي، فإن العوامل المسببة للاحتجاجات الشعبية في الخريف الماضي لا تزال موجودة. أعتقد أنه إذا لم تكن هناك استجابة جادة وتم إحداث تغييرات إصلاحية، فإن الاحتجاجات قد تنتظر شرارة صغيرة لكي تعود من جديد إلى الاشتغال.
  • أظهرت التغيرات الجيوسياسية للعالم ضمن المنافسة بين أنظمة القوى العالمية التي بدأت منذ سنوات عديدة نفسها في العام الإيراني السابق. وبسبب استمرار العقوبات وغياب الإدارة الحكيمة، يعتقد العديد من خبراء العلاقات الاقتصادية والدولية أن إيران مستبعدة بطريقة ما من مزايا الاقتصاد العالمي. ويبدو أن العام الحالي هي الفرصة الأخيرة أمام إيران للانضمام إلى الممرات الدولية في مجال النقل.
  • كان للحرب بين روسيا وأوكرانيا العام الماضي تأثير كبير على الوضع الدولي لإيران ومصير المفاوضات النوية. حيث أرادت كل من الحكومة الروسية وخصوم إيران في الغرب اعتبار إيران طرفًا فاعلًا في أحد جانبي هذه الحرب. وسيؤثر استمرار هذا الوضع على مصير الوجود الإيراني الفعال على الساحة الدولية. فيما يبدو من طرف آخر، أن الوقوف إلى جانب الموقف الأخير للقيادة فيما يتعلق بعدم تدخل إيران في هذه الحرب هو سياسة يجب تفسيرها بوضوح واتباعها من قبل الأطراف المختلفة.
  • ليست هناك حاجة لمناقشة المزيد حول خطة العمل الشاملة المشتركة نظرًا للمناقشات العديدة التي جرت (بما في ذلك ملاحظات الكاتب). مما لا شك فيه أن العقبات التي وضعت أمام نجاح الملف النووي ومحاولة إلغائها كانت الخطأ الاستراتيجي الأكبر الذي اتبعته الفصائل والتيارات السياسية المتسلطة في إيران بثمن ضئيل لتحقيق مكاسب سياسية “وهذه إحدى الظواهر التي تتوارثها الأجيال كما أسلفنا”، وحتى على تاريخ البلد بأكمله. فيما أدى حل قضية خطة العمل المشتركة الشاملة وتعزيز السياسات الإقليمية والعالمية السلمية إلى تغيير آراء المعارضين في البلاد بقوة إلى حد أن استخدام طرق مختلفة والامتثال لمتطلبات تحقيقها.
  • منذ بداية العام الإيراني السابق، بدأت أنباء عن فرض قيود على الإنترنت وتضعيف سرعته لأسباب ثقافية وأمنية تنتشر بين الأوساط الإيرانية. وبالطبع، بعد الأحداث الأخيرة التي حلت بإيران سارعت الجهات الحكومية لتنفيذ هذا القرار وحظر عدة تطبيقات أجنبية، ما أثار غضباً واسعاً لدى الإيرانيين وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية ناهيك عن التبعات النفسية والاجتماعية الكثيرة لها.
  • ارتفعت معدلات الفقر مع دخول إيران عامها الجديد، وانهارت الطبقة الوسطى وأصبحت فئات كبيرة من المجتمع تقترب من الفقر المدقع، وهو وضع لا يمكن السماح له بالاستمرار هذا العام. وعليه، يمكن أن يؤدي التركيز على سياسات رعاية الفقراء والفئات شديدة الفقر والحفاظ على قوتهم الشرائية إلى خلق فرص لمتابعة خطط طويلة الأجل. فيما يعمل العكس، أي أن قلة الاهتمام والتخطيط السليم لحياة الناس الفقيرة وعدم السيطرة على التضخم عاملاً لخلق أزمات كبيرة في المستقبل.
  • شهدت البلاد العام الماضي موجات غير معهودة من الهجرة، والجديد فيها هو ظهور موجة جديدة من هجرة رأس المال ورواد الأعمال والنخب. يبدو أن هذه القضية ستستمر هذا العام أيضًا. لذا، فنحن بحاجة إلى سياسات اقتصادية مطمئنة وإمكانية التنبؤ الاقتصادي وضمانات في الاستثمار.

بيت القصيد، تظهر دراسات الأزمات بلا شك أنه لن حال أي مجتمع لن يبقى على دوامه بعد خضوه لأزمات كهذه، وأن الاستجابة للأزمة تتطلب تغييرات وتحولات. والأنظمة التي تصر على العودة إلى الوراء ستدمر سنوات الأمة وسكون مصيرها الانهيار والزوال.

لذلك، من أجل أن يكون هذا العام أفضل من سابقه، فإن التحول والإصلاح في المجالات الثلاثة للسياسة الداخلية (الاجتماعية والثقافية) والسياسة الاقتصادية والخارجية أمر لا مفر منه.

وبالنظر إلى أن الساحة الإيرانية كانت مصدر قلقنا الدائم هذه الأيام، فإن نتيجة مناقشاتي مع العديد من الخبراء تظهر أن تغيير الوضع الاقتصادي غير ممكن بدون سياسة خارجية مواتية وحضور مناسب في العالم، حيث اتفق الخبراء على أن طريقة السياسة الخارجية هذه المرة ليست ممكنة فقط من خلال النظام الدبلوماسي، بل من خلال إصلاح السياسة الداخلية أيضاً.

علي ربيعي

المتحدث باسم حكومة حسن روحاني ووزير العمل الأسبق

ثلاث سيناريوهات للاقتصاد الإيراني خلال العام الجديد

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
اعتماد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى