أبرز الخاسرين في انتخابات مجالس محافظات العراق
لم تُحدث نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق، أخيراً، أي صدمة لدى المراقبين والباحثين العراقيين، بل كانت طبيعية ومتوقعة وفقاً للمعطيات السياسية والانتخابية والجماهيرية الواضحة في البلاد.

ميدل ايست نيوز: لم تُحدث نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق، أخيراً، أي صدمة لدى المراقبين والباحثين العراقيين، بل كانت طبيعية ومتوقعة وفقاً للمعطيات السياسية والانتخابية والجماهيرية الواضحة في البلاد، فضلاً عن حجم الاستياء الشعبي والمقاطعة والتبرؤ مسبقاً من مخرجاتها، فيما أفرزت النتائج عدداً من الأحزاب الخاسرة التي سبق لها حظيت بنتائج جيدة.
ومن بين الأحزاب الخاسرة، أو التي لم تحصل على عدد مقاعد يجعلها تؤثر في القرارات المستقبلية، هو “ائتلاف النصر” الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي.
وبالرغم من الشعبية الواسعة التي حظي بها في أعقاب انتهاء الحرب على تنظيم “داعش”، إلا أنه لم يفز إلا بمقعدين، ضمن تحالف “قوى الدولة” إلى جانب رئيس تيار “الحكمة” عمار الحكيم. وكذلك الحزب الإسلامي الذي يترأسه رشيد العزاوي، فقد خرج خالي الوفاض من معادلة التأثير في مجالس المحافظات.
كما لم يسعف تجمع “صحوة العراق”، برئاسة سطام أبو ريشة، الدعم الكبير من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وأبرزها “كتائب حزب الله”. ولم تفض جهوده للفوز بأي مقعد في محافظة الأنبار التي يشتد فيها التنافس والصراع ما بين أبو ريشة، ورئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي الذي فاز بالأغلبية المريحة في المحافظة.
ولا تنتهي قائمة الخاسرين بقائمة “إنجاز” بزعامة الوزير الأسبق باقر جبر الزبيدي إذ لم تحصل القائمة على أي مقعد.
بالإضافة إلى حركة “بابليون” بزعامة ريان الكلداني، التي جاءت بنتيجة مخيبة، لكنها تصر على التأثير في قرارات محافظة نينوى التي تنشط فيها الحركة، وتمارس نشاطات مسلحة وأخرى اقتصادية وتجارية.
وفشل “المجلس الإسلامي الأعلى”، الذي شارك بقائمة حملت عنوان “ابشر يا عراق” بزعامة همام حمودي، في الحصول على أصوات الناخبين في مناطق وسط وجنوب العراق.
قوائم الشخصيات التقليدية لم تحصل على نتائج كبيرة
وفي السياق، قال الناشط السياسي علاء الحيدري إن “القوائم الجديدة للشخصيات التقليدية لم تحصل على نتائج كبيرة، لكن مساهمتها تشير إلى استمرار العمل السياسي لهذه الشخصيات، لا سيما وأنها لا تتمتع بأي مناصب أو تخصيصات مالية”.
وأكد أن “القوى السياسية التي تقود العمل السياسي حالياً هي “دولة القانون” التي تعتمد على رمزها السياسي وهو نوري المالكي، وحزب “تقدم” الذي يعتمد على محمد الحلبوسي. وبانسحاب التيار الصدري من الانتخابات، تمكنا من الصعود أكثر في النتائج”.
وأضاف الحيدري أن “كثيراً من الأحزاب تأثر بالحملات الإعلامية التي رافقت وجودهم في العمل السياسي، وبالتالي فإن خسارة شخصيات تقليدية معروفة أمر طبيعي، لأن الحرب السياسية في العراق قوية”.
واعتبر أن “المال السياسي يلعب دوراً كبيراً في الانتخابات، ولا أعني شراء الأصوات، بل على مستوى الحملات الدعائية وتمويل المرشحين”.
مسؤوليات المجالس المحلية في العراق
وتتولى المجالس المحلية المنتخبة في العراق مسؤوليات تتمثل باختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، وتمتلك صلاحيات الإقالة والتعيين، بالإضافة إلى إقرار خطة المشاريع وفقاً للموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً لأحكام الدستور العراقي.
وتجسد هذه الانتخابات المحلية الأخيرة الفرصة الأولى من نوعها في العراق منذ إبريل/نيسان 2013، وتُعَدّ الثالثة من نوعها بعد الغزو الأميركي عام 2003. وحقق حزب “تقدم”، بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، المرتبة الأولى في بغداد، يتبعه ائتلاف “نبني” بزعامة هادي العامري، ومن ثم “دولة القانون” بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، تلتها قوى بارزة مثل “السيادة”، و”عزم”.
خسارة بعض القوى في انتخابات المحافظات كانت متوقعة
من جهته، أشار الناشط السياسي عمر فاروق إلى أن “خسارة بعض القوى والأسماء البارزة في الانتخابات المحلية كانت متوقعة، لأسباب عدة، أولها أنها لا تعمل بالشكل الصحيح على المستوى السياسي وتتعامل مع الأوهام أكثر من الحقائق، فضلاً عن كونها لم تؤسس لحالة تراضٍ مع الجمهور”.
وبيّن فاروق أن “هذه الأحزاب أخفقت في فهم الآليات الحسابية لقانون الانتخابات، وكذلك في المعادلات السياسية، بالإضافة إلى اختيار المرشحين وتوزيعهم”.
وقال فاروق إن “هناك من يعتقد أن بعض رموز العمل السياسي بعد عام 2003 لا تزال مهمة، لكنها في الحقيقة انتهت جماهيرياً ولم يعد لها أي تأثير على المستوى الشعبي، وخسارتها طبيعية، خصوصاً وأنها تأخرت، ولم تعمل على تقوية علاقتها بالجمهور، وأغفلت أن الانتخابات هي نتيجة لجملة من المهام، منها الإعلان والتواصل وتقديم الخدمات ودعم الدولة”، موضحاً أنه “بات هناك شيء يمكن التعبير عنه بأنه شركات سياسية لكسب أصوات الناخبين”.
وأرجع محللون ومراقبون الاختلالات بالتوازن الانتخابي وخسارة كيانات وأحزاب تقليدية، وحتى مدنية من بينها تحالف “قيم” الذي يقوده الشيوعيون ونشطاء في الحراك المدني، بالإضافة إلى تحالف “الأساس” الذي يصنف نفسه مدنياً ويقوده رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، إلى المقاطعة المنظمة للتيار الصدري، وغير المنظمة لغالبية العراقيين المحبطين من أحوال بلدهم بعد أكثر من 20 عاماً على الاحتلال الأميركي ومجيء التجربة الديمقراطية التي يعتبرونها “مشوهة”.
بدوره، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي ماهر جودة أن “معظم الأحزاب العراقية خاسرة بالأصل، حتى تلك التي تظن أنها حصلت على مقاعد بنسب جيدة بالمقارنة مع حجم المقاطعة الكبير في الانتخابات المحلية الأخيرة”.
وأضاف: “يمكن القول إن كل الأحزاب العراقية لا تمتلك الجماهير المؤيدة لها. أما الشخصيات التي سقطت وخسرت خسارة مدوية، خصوصاً تلك التي يُشار لها بأنها ذات رمزية في العمل السياسي العراقي، فإن مشاكل كثيرة أدت إلى ما وصلوا إليه، أبرزها عدم القدرة على التكيّف مع المزاج الشعبي الحالي”.
وقال جودة إن “فوز “تقدم” وهو حزب جديد على أحزاب قديمة ومهمة، مثل “ائتلاف دولة القانون” الذي يرجع إلى حزب “الدعوة” بالأصل، دليل على حالة انتخاب طبيعي تحدث في البيئة السياسية العراقية. حتى أن تحالف “قيم” المدني الذي لم يحصل على مقاعد كثيرة، تجاوز نصيبه أحزاباً قديمة مثل المجلس الأعلى”.
وتنافس في الانتخابات المحلية 296 حزباً سياسياً، انتظمت في 50 تحالفاً، على 275 مقعداً هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات بشكل عام. وقد جرى تخصيص 75 منها ضمن “كوتا” للنساء و10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية في العراق.