من الصحافة الإيرانية: إسرائيل تهدف إلى حرب الاستنزاف مع إيران
إن توقع بعض الجماعات المقربة من السلطات الإيرانية اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى حرب واسعة النطاق ضد إسرائيل والقوى العالمية التي ستساندها أمر بعيد المنال.
ميدل ايست نيوز: دخلت التطورات في الشرق الأوسط مرحلة جديدة وأكثر صعوبة خلال الأسبوعين الماضيين. بعد ثلاثة أيام من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، تحدث نتنياهو عن “تغيير خريطة الشرق الأوسط”، وأطلق على العملية التي أدت فيما بعد إلى اغتيال السيد حسن نصر الله “عملية النظام الجديد”.
وتظهر تصريحات نتنياهو والمتطرفين الإسرائيليين أنهم كانوا يعتزمون منذ البداية تحويل عملية 7 أكتوبر إلى فرصة للاشتباك مع فصائل المقاومة ومواجهة إيران.
وكانت إحدى المشاكل التي واجهها نتنياهو تتلخص في أن حزب الله تجنب أيضاً الدخول في حرب واسعة النطاق، إذ كان الغرض من العملية التي بدأت في الثامن من أكتوبر مجرد الضغط على إسرائيل لإجبارها على وقف إطلاق النار في غزة. من الجمل المشهورة للسيد حسن نصرالله قوله إنه لو كان يعلم في يوليو/تموز 2006 أن الهجوم على الإسرائيليين وقتل ثلاثة جنود وأسر جنديين سيؤدي إلى حرب تدوم 33 يوماً، لما اتخذ أي إجراء. لذلك، لم تستخدم إسرائيل سوى إعادة المستوطنين في شمال إسرائيل إلى منازلهم و”إزالة تهديد حزب الله” كذريعة للحرب ضد حزب الله. والسؤال هنا إلى أي مدى سيستمر هذا “التغيير في خريطة الشرق الأوسط” و”النظام الجديد”؟.
يبدو أن هدف إسرائيل هو استغلال فرصة عملية 7 أكتوبر لإنهاء “حرب الظل” أو حرب الاستنزاف غير المحدودة التي تديرها الجماعات ذات التوجهات المقاومة في مناطق المتاخمة لها. يمكن اتباع هذه الاستراتيجية بدعم من أوروبا وأمريكا وصمت الصين وروسيا ولامبالاة الدول العربية الإسلامية. وفي وقت تحول إسرائيل التهديد بحرب واسعة النطاق إلى تكتيك لوقف حرب الاستنزاف، فإن السؤال هو ما الذي يمكن لإيران أن تفعله؟
كان سياسة إيران المتمثلة في تجنب حرب واسعة النطاق سياسة صحيحة. أولا، من المتوقع أن يتمكن حزب الله، على الرغم من الضربات التي تلقاها، من الحفاظ على تنظيمه وقوته العسكرية وأن يكون قادراً على الدفاع عن نفسه.
ثانياً، إن توقع بعض الجماعات المقربة من السلطات الإيرانية اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى حرب واسعة النطاق أمر بعيد المنال. ففي حال حدوث مواجهة جدية بين إيران وإسرائيل، فإن أميركا لن تتردد في الدخول في الحرب، خاصة في ظل الانتخابات الرئاسية. إذ أن القوة العسكرية الإيرانية المستجدة نوعا ما ليست مستعدة للوقوف في وجه القوى العالمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأزمات التي تتعرض لها القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة الداخلية والسياسة الخارجية والمخابرات في إيران هي أكثر الأسباب التي ستدفع الإيرانيين لتجنب الانخراط في حرب واسعة النطاق.
ثالثاً، نظراً للمعارضة الأميركية، فمن غير المرجح أن تنوي إسرائيل في البداية خوض حرب مع إيران، إلا إذا وجدت عذراً لهذه الذريعة، وهو مثلا هجوم إيران على المنشآت النووية في إسرائيل. أما الحالة الثانية، في الأيام القليلة الماضية، أوصى البعض بتحويل إيران إلى سلاح نووي كإجراء لتجنب حرب واسعة النطاق وكرد فعل على إضعاف أسلحة الردع المحيطية. لكن مثل هذه الأعمال في حد ذاتها يمكن أن تشكل مصدراً لتهديد كبير لأمن إيران. إن السير في هذا الاتجاه يتطلب تحقيق عدة شروط مثل وجود سد استخباراتي قو ومنيع ومحمي جيدا، ناهيك عن أمن وسلامة المنشآت النووية وغيرها الكثير.
إن التحرك الجاد نحو التسلح النووي سيوحد أطراف كثيرة لاتخاذ إجراءات متطرفة ضد إيران، وإذا لم تنضم الصين وروسيا فإنهما ستلتزمان الصمت على الأكثر. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الردع النووي عدداً كبيراً من القنابل النووية ومجموعة متنوعة من وسائل الإطلاق الثلاثي عبر الطائرات والصواريخ والغواصات. إن قنبلة أو قنبلتين لن توفر الردع فحسب، بل إن مساحات كبيرة من البلاد يمكن أن تصبح غير صالحة للعيش إذا تم ضرب المنشآت النووية ولم تكن هناك قدرة على التصدي لها.
كوروش أحمدي
دبلوماسي سابق لدى الأمم المتحدة