من الصحافة الإيرانية: تحديات عاجلة تواجهها إيران في العام القادم

زادت في الأشهر الأخيرة بشكل كبير المشاكل الكبرى في إيران وتنوعت، إذ تعبر البلاد الآن مرحلة القلق إلى مرحلة من الخطر الواضح.

ميدل ايست نيوز: أذكر أنه في السنوات الماضية، وفي الأوقات التي كنت أعمل فيها في منظمة التخطيط والموازنة الإيرانية، كنت مسؤولًا عن إعداد تقارير بعنوان “الرؤى المستقبلية للاقتصاد الإيراني خلال السنوات العشر المقبلة”. كان الهدف الأساسي من هذا العمل هو تسليط الضوء على أبعاد الفجوات وعدم التوازنات التي كانت غير مرئية في ذلك الوقت، ولكنها كانت في ازدياد مع مرور الزمن.

زادت في الأشهر الأخيرة بشكل كبير مشاكلنا الكبرى في إيران وتنوعت، إذ نعبر الآن مرحلة القلق إلى مرحلة من الخطر الواضح. فما تم التحذير منه بشأن المستقبل قد تحقق الآن، وأصبح له أبعاد اقتصادية سلبية واضحة. وفيما يلي قائمة ببعض هذه القضايا:

1- القضايا الخارجية

1-1- انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية وما تم اكتسابه من معرفة حول أدائه خلال فترة رئاسته السابقة، يُثير احتمالات عديدة، أحدها الأكثر وضوحًا هو أن القيود التي كانت قد خففت في فترة بايدن في مجال تصدير النفط الإيراني قد تعود وتُشدد، مما يؤثر بشكل جدي على سوق العملات والميزانية والإنتاج والتضخم لدينا. بالطبع، كلما زاد هذا الاحتمال، ستكون الافتراضات المتعلقة بالاقتصاد في العام المقبل أكثر تضليلًا.

2-1- طرح القادة الأوروبيون الكبار في رسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قضايا جدية جدًا حول تفعيل آلية “الزناد” وإعادة فرض العقوبات من قبل مجلس الأمن في العام المقبل. في حال تحقق هذه الخطوات، سيكون الوضع في العام المقبل أكثر صعوبة من الذي تم ذكره في الفقرة السابقة.

3-1- الأحداث التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط، بدءًا من غزة ثم لبنان، أدت إلى مواجهة مباشرة عسكرية بيننا وبين الكيان الصهيوني، وبلا شك كان لها عواقب اقتصادية حاسمة بعيدًا عن الأبعاد العسكرية والسياسية المعقدة.

4-1- التحولات التي حدثت في سوريا مهمة للغاية وآثارها ستكون ذات تأثير كبير، ومن المرجح أيضًا أن تؤثر على العلاقة بين إيران وتركيا.

2- القضايا الاقتصادية

1-2- عجز الطاقة، كما هو واضح، أصبح أزمة حقيقية. لا شك أن أزمة الطاقة في بلادنا النفطية والغازية ستُسجل في كتب الاقتصاد كدرس عبرة. التقديرات المقبولة لشبكة الطاقة وحجم تأثيرها على إغلاق الأنشطة الاقتصادية والإدارية في العام المقبل وفي السنوات التالية، بسيطة ولكنها مؤلمة.

2-2- تلوث الهواء، الذي لم ينجم عن الحركة الصناعية أو النمو الاقتصادي العالي، بل عن لاقتصاد يراوح في مكانه في الإنتاج لكنه يدمر البلاد حالياً ومستقبلاً في استهلاكه، هو سمٌّ قاتل يقتحم رئات الأطفال وكبار السن في بلادنا وينفذ عملية إبادة جماعية بلا رحمة.

3-2- الانخسافات الأرضية في جغرافية البلاد تتوسع بسرعة، مما يعرض الأراضي الإيرانية لخطر التدمير.

4-2- أبعاد عجز الميزانية بالنسبة للحكومة التي تعاني من ضعف في تقديم الخدمات العامة، وضعف في تحسين رفاهية موظفيها، وعدم القدرة على إجراء استثمارات بنية تحتية، وتتحمل في داخلها عبء إفلاس نظام التقاعد، حتى مع الافتراضات التي تم وضعها في ميزانية العام المقبل، هي قضية مقلقة. هذا العبء الثقيل قد جعل النظام المصرفي المريض يعاني من اختلالات كبيرة.

5-2- تقلبات السوق المالية، المصحوبة بالتضخم المرتفع، والتي أصبحت جزءًا ثابتًا ودائمًا من حياتنا الاقتصادية، لا تعكس سوى حالة من عدم الاستقرار وعدم اليقين.

3- القضايا الاجتماعية

1-3- زيادة عدد الفقراء في إيران بمقدار 10 مليون شخص في السنوات الأخيرة، كانت حدثًا بالغ الأهمية وكان يجب أن يصبح أكبر مصدر قلق للنظام الحاكم. يمكن تحديد تبعات هذا الحدث الكبير في حالات مثل الإدمان، الطلاق، وارتكاب الجرائم.

2-3- انتشار المعلومات المتعلقة بالفساد بشكل متكرر، والتي تتعلق بحياة المسؤولين في البلاد أو أولادهم، بالإضافة إلى عمليات الريع والمصالح غير الخاصة وغير الحكومية، عندما تُضاف إلى الضغوط الاقتصادية الشديدة على حياة الناس، فإنها تضعف أساس رأس المال الاجتماعي للنظام الحاكم. أظهرت التحقيقات الاستقصائية لآراء الإيرانيين أن حالة رأس المال الاجتماعي للنظام الحاكم وصلت إلى أدنى مستوى تاريخي لها.

3-3- الفجوات الاجتماعية والثقافية الموجودة بين شرائح المجتمع، خاصة بين الشباب، أصبحت محط قلق كامل، فهي بمثابة نار تحت الرماد، ورغم أنها حذرت الحكام في تظاهرات 2022، إلا أن الأدلة حول كيفية التعامل مع قضايا مثل حجب مواقع التواصل وما شابهها تظهر أن هذه التحذيرات لم تُؤخذ بجدية كافية.

في الختام، الشهور القادمة والعام المقبل قد يكونان فترة صعبة ومعقدة جدًا لإيران، حيث يمكن أن يتسبب أي خطأ في تحديد الأوضاع بفرز تكاليف تاريخية لا يمكن تعويضها. العبور من هذه المرحلة يتطلب تحليلاً موحدًا وعزمًا متماسكًا من جميع أطراف الحكومة الإيرانية لاتخاذ قرارات موحدة وتجاوز الأزمة بأقل تكلفة ممكنة.

 

مسعود نيلي
خبير في الشؤون الاقتصادية ومستشار حكومي سابق

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى