من الصحافة الإيرانية: الملف النووي هو العائق الوحيد أمام إيران للتفاوض مع أوروبا

يعتمد نجاح إيران في إقناع أوروبا بعدم إحالة ملفها إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتجنب تفعيل آلية "سناب باك" بالكامل على سير المفاوضات الجارية بين الطرفين.

ميدل ايست نيوز: يعتمد نجاح إيران في إقناع أوروبا بعدم إحالة ملفها إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتجنب تفعيل آلية “سناب باك” بالكامل على سير المفاوضات الجارية بين الطرفين. حتى الآن، عُقدت ثلاث جولات تفاوضية بين إيران والدول الأوروبية الثلاث، إحداها في نيويورك، بينما انعقدت الجولتان الأخريان في أوروبا.

وبحسب ما أفاد به المشاركون، كانت هذه الجولات الثلاث مجرد محادثات تمهيدية، حيث قام الجانبان بتقييم مواقف بعضهما البعض وتحديد أجندة المفاوضات القادمة. ومن المقرر أن تبدأ الجولات الأساسية من المحادثات حول الملف النووي في المستقبل، رغم أنه لم يتم تحديد موعدها بعد. تشير التقارير إلى أن إيران وأوروبا تسعيان إلى التفاوض في إطار الاتفاق النووي، رغم أن العديد من بنوده لم تعد قابلة للتطبيق، إلا أن هيكله العام لا يزال صالحًا لاستخدامه كأساس لآلية إشراف جديدة على البرنامج النووي الإيراني.

في حال تمكنت إيران وأوروبا من التوصل إلى تفاهم مشترك، أو إذا نجحت إيران في إبرام اتفاق مع الأوروبيين، فمن غير المرجح أن تنفذ أوروبا رغبات واشنطن في تفعيل آلية “سناب باك”، خاصة في ظل تزايد الخلافات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي، بالإضافة إلى التطورات الجارية في مفاوضات واشنطن وموسكو بشأن أوكرانيا، والتي قد تزيد من تعقيد المشهد.

مع ذلك، فإن أي اتفاق محتمل بين إيران وأوروبا مرهون بتقييم إيجابي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلاً عن تفاعل إيران البناء مع الوكالة. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فمن المتوقع أن تمضي الدول الأوروبية الثلاث في تنفيذ آلية “سناب باك”، كما كان واضحًا من مواقفها خلال الأشهر الماضية. وفي غياب أي توافق بين إيران وأوروبا، ستزداد الضغوط الأمريكية على الأوروبيين، ما سيدفعهم أكثر نحو تفعيل الآلية.

بالتالي، فإن مصير آلية “سناب باك” يعتمد بالكامل على طبيعة العلاقة بين إيران وأوروبا. ولكن حتى في حال تجنب تفعيلها عبر اتفاق أوروبي-إيراني، فإن العقوبات الأمريكية ستظل قائمة طالما لم تُفتح قنوات حوار مباشرة بين طهران وواشنطن. وفقًا للمرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فإن الضغوط والعقوبات المفروضة على إيران قد تتزايد بمرور الوقت.

ورغم أن الملف النووي يمثل الأولوية القصوى لأوروبا في تعاملها مع إيران، فإن ذلك لا يعني خلو العلاقات من قضايا أخرى مثيرة للجدل. تشمل هذه القضايا العلاقات العسكرية بين إيران وروسيا والملفات الإقليمية وحقوق الإنسان، وهي موضوعات تحظى بأهمية كبيرة لدى الأوروبيين. لكن قد تتغير الأولويات الأوروبية في حال انتهاء الأزمة الأوكرانية نتيجة لمفاوضات واشنطن وموسكو، مما قد يقلل الضغط الأوروبي على طهران بسبب علاقاتها مع موسكو. أما القضايا الإقليمية، فهي تخضع لتطورات الأحداث الأخيرة في المنطقة، ويمكن أن تكون محور تفاهم بين إيران وأوروبا.

وقد تم اتخاذ بعض الخطوات التي من شأنها أن تساهم في تقليل التوترات بين إيران والغرب فيما يتعلق بالملفات الإقليمية، مثل سقوط نظام بشار الأسد، إلى جانب انتخاب رئيس وزراء ورئيس جديد للبنان. أما فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، فهو لا يمثل عائقًا رئيسيًا أمام الحوار بين إيران وأوروبا، إذ يمكن للطرفين التفاوض بشأنه.

في نهاية المطاف، يبقى الملف النووي الإيراني هو العنصر الأهم، فيما تعد بقية القضايا مسائل ثانوية. فإذا قبلت إيران بإحياء آليات المراقبة والتفتيش ضمن مستوى الاتفاق النووي، ووافقت على مراجعة بعض الجوانب مثل مخزون اليورانيوم المخصب والمعدات المتقدمة، فإن الأوروبيين سيكونون على استعداد للتعاون مع طهران. في حال أبدت إيران استعدادًا للعودة إلى بعض التزاماتها في الاتفاق النووي، مع بعض التعديلات، فمن المرجح أن يتم التوصل إلى حلول وسط، مما قد يدفع أوروبا إلى إعادة النظر في تفعيل آلية “سناب باك” ورفض الضغوط الأمريكية في هذا الصدد.

عبد الرضا فراجي راد
أستاذ في الجغرافيا السياسية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى